قبل أن يذهب الفكر بعيداً تعتبر الجريمة التي ارتكبت من بعض عناصر جبهة النصرة في بلدة “قلب لوزة” في ريف ادلب هي جريمة نكراء و مستهجنة و غير مقبولة و يجب أن يتم حساب مرتكبيها أمام الجميع و أن ينالوا قصاصاً عادلاً ، و أن يكونوا عبرة لغيرهم لعدم التمادي على المدنيين من كل الطوائف و الملل و الأعراق .
بعد هذا التأكيد أستطيع أن ألج إلى الموضوع بشكل مباشر ، هو سرعة الإدانة التي تلقتها هذه الجريمة النكراء من قبل الجميع ، و لا سيما من قبل الائتلاف الذي يعتبر الممثل الأكثر ظهوراً للثورة السورية ، ظهوراً و ليس حضوراً ، ظهوراً و ليس فعلياً ، ظاهرياً و ليس واقعياً .
السرعة في الإدانة و الشجب و التأكيد على مساواة كافة مكونات الشعب و ضرورة رص الصفوف و نبذ التطرف و الكره و العداء ، كما اعتاد على هذه المصطلحات اتجاه كل عمل يرتكبه فصيل بعينه ، و كأنه ينتظره ليسقط حتى يوجه له سهام االنقد .
ليس دفاعاً عن النصرة ، و ليس تمجيداً بها ، و ليس مهاجمة للائتلاف ، و إنما التصرفات التي يقدم عليها الائتلاف ، و يعمل من خلالها تجعل الحنق يركب الجميع ، و يحوله لكافر بالسياسة و الساسة و يفقد أي أمل مهما كان صغيراً بأن يكون هناك سياسيين قادرين على إدارة دفة سوريا الحرة في المستقبل.
ففي الوقت التي تحتاج تصرفات بعض الفصائل التي تملك أذرع لها في الائتلاف آلاف الحسابات و الدراسات حتى يظهر بيان إدانة أو شجب أو مجرد تذكير أن ما يحدث فيه شبه الخطأ ، نجد الائتلاف بكامل هيئته يصب جام غضبه على النصرة للجريمة التي حدثت ، و ليست المرة الأولى ، ففي كل مرة تخطئ النصرة يكون الائتلاف لها بالمرصاد ليدين و يشجب و ينّفر ، وكأنها رجس لا يجب الإقتراب منه أو الحديث عنه إلا بالسلبي .
الائتلاف الذي يسعى لكسب ود العالم من خلال إدانة النصرة كونها ذراع القاعدة في سوريا ، فشل و يفشل و مستمر في الفشل في كسب لو واحد بالألف من شعبيتها ، و فشل في أن يكون ممثل للثورة و السوريين ، وفشل في الدفاع عن حقوقهم و مكتسباتهم ، بل دائماً يهتم بآراء العالم أجمع إلا الشعب السوري ، دائم يلهث وراء الرضا العالم و لو كلفه ذلك سخط كل السوريين .
ليس الهجوم دفاعاً عن النصرة أو أي فصيل آخر ، و إنما هو إشارة إضافية للائتلاف بأعضائه و هيئاته التي رغم كل التنازلات و الصمت على التجاوزات بحق الشعب السوري ، لم يحصل على أي اعتراف من أي دولة بشكل رسمي و فعلي ، و إنما عبارة عن كلام على ورق ، و لا يحق له أن يمثل سوريا ولا داخل اجتماع متعلق بالمخيمات ، و غير قادر على مساعدة أي سوري بأي مكان.
لازالت قضايا السوريين في مختلف بقاع الأرض عالقة و معلقة بنظام قاتل و فاسد بسب عجز الجهاز العام للمعارضة بكل أصنافها بمافيها الشكل الائتلافي ، و لا تستطيع أن تزود عن أي سوريا و لو داخل مكاتبها ، و لا يمكنها أنة تزوده و لو بكسرة خبز ، فالمصاريف التي تحتاجها لموظفيها و مؤتمراتها ، هي أهم حتى تظهر بمظهر الدولة الفارغة .
و صدق من قال أن الائتلاف هو كالنظم العربية لاتتحرك مالم يتم تحريكها من الخارج ، و إن تحركت يكون سكوتها و صمتها أوجب.