الأسرة مجتمع صغير يحلم به الأزواج فهي بالعموم” الخلية الأولى لبناء المجتمع، هي تلك الجماعة الصغيرة ذات الأدوار والمراكز مثل زوج وزوجة ،ابن وابنة، يربطهما رباط الدم و الزواج وحتى التبني وتشترك في سكن واحد وتتعاون اقتصادياً”.
لكن في الحياة الزوجية، قد يتدخل عدد من العوامل التي تؤدي إلى عدم استقرار الحياة الأسرية والنجاح في الزواج وقد تؤثر هذه العوامل بطريقة عكسية فينتج عنها الفشل، واضطراب الحياة الزوجية ففي سوريا أثرت الحرب التي صنعها النظام بمعونة أعوانه الروس و الإيرانيين سلباً على الأسر السورية، وأحدثت المآسي والمعاناة الكبيرة لغالبية الأسر.
تكشف “هبة” (30 عاماً) من مدينة حلب وهي أم لطفلين صغيرين “لا يوجد أحد يخلو من ضغوطات الحياة، نعيش على أرض أعدت للبلاء، لم يسلم منها حتى الأنبياء، لكن ما حدث لنا في سوريا كان فظيعاً.. حيث أسقطت طائرة تابعة للنظام برميلاً متفجراً في الحي الذي نسكن فيه، يا الله.. لا شيء أقسى على الروح من رائحة الأحلام وهي تتبخر! وبات النزوح واقعاً لا بدّ منه، ومع أسرتي إلى مخيمات أعدت للنازحين السوريين في الأردن مسبقاً “.
تتابع هبة حديثها “لم أستطع العيش في المخيمات لرداءتها وسوء الخدمات فيها، أطفالي لم تنشف دمعتهم.. فلو أن للحنيين رائحةً مثل الياسمين لأفتضح أمر الكثيرين عند حلول المساء.. رفض زوجي العودة للوطن، وعدنا دونه”.
ولا بدائل يمكنها أن تحل محل عطف الأم وحنانها، وباعتبار الأمومة ليست وظيفة آلية يمكن أن تقوم بها أي هيئة توفر للطفل الغذاء والمأوى، وإنما هي علاقة إنسانية حميمية تبدل من معالم الشخصية لكل من الأم والطفل.. عاد الأطفال برفقة الأم، وبعون الله.. وبعد جهد كبير وجدت “هبة” عملاً في إحدى الصالات لبيع الملابس المستعملة وعلى قولة جدة الأطفال التي استقبلت أحفادها الصغار بلهفة وشوق كبيرين “كن مع الله.. لقمة فقيرة بعز ولا منسف أردني بذل” ويجب أن نفهم كلامها على أنه مجرد مثل فلم نجد لديهم لا منسفا ولا بصلا، بل الجوع والعطش والذل.
مضت ثلاثة أعوام طويلة جدا كأنها عمر بحاله على هبة، لكن في إحدى الصباحات البائسة رن جرس الباب يا لها من مفاجأة! لقد أرسل الزوج ما يسمى “ورقة الطلاق “دمدمت الجدة بصوت منخفض “لقد كسرت مرآة قلبك يا بنتي.. الله يصبرك”.. هبة ليست الأولى التي خسرت كل شيء في الحرب الدامية، مثلها كثيرات من نساء الوطن دفعن ضريبة الحرب ومأساتها دون ذنب يذكر.
ولما كانت الأسرة الزوجية ليست منحة أو هبة بل هي كسب وبناء فإنه لا بد من ضمان هذا الكسب من تعاون كل من الزوجين في السعي لحل الخلافات والوقوف في وجه كل الصعوبات مهما كبرت، دمدمت هبة بصوت حزين والألم يعتصر قلبها قائلةً “كل شخص في سوريا فقد شيئاً يحبه في حياته.. حتى لو ضحك ورأيته سعيداً سيبقى بداخله كلما تذكره تألم وضعف”.
المركز الصحفي السوري- بيان الأحمد