تواجه مئات العائلات السورية في حي بساتين المزة غرب العاصمة دمشق خطر التشرد والمصير المجهول بعد أن تلقت منذ أسبوعين إنذارات من المحافظة لإخلاء منازلها الواقعة خلف السفارة الإيرانية، مع تهديد بهدم الأبنية في حال لم يتم إخلاؤها بشكل تام خلال شهرين.
وقال أبو مهند الشامي -الناشط بتنسيقية المزة- إن محافظة دمشق “وزعت حوالي ثلاثمئة إنذار حتى الآن للمنازل المحاذية لأبنية الفيلات الشرقية المطلة على بساتين المزة من خلف مستشفى الرازي باتجاه المتحلق الجنوبي، ومن جسر مدينة داريا وصولا لرئاسة مجلس الوزراء، في حين تنتظر سبعمئة عائلة أخرى الإنذار الخاصة بمنازلها”.
وأوضح الشامي للجزيرة نت أن “مساحة البساتين تبلغ حوالي ثلاثة كيلومترات مربعة، وتقطنها عائلات تتراوح حالتها المادية بين المتوسطة والفقيرة، بعكس عائلات مناطق الفيلات الغربية والشرقية في المزة والمعروفة بمستواها المعيشي المرتفع”.
وأضاف أن “تلك الأحوال لم تشفع لها لدى الجهات الحكومية التي لم تبادر بإعطاء أي مقابل مادي أو سكن بديل رغم وعود مسبقة بتعويض شهري يصل حتى خمسين ألف ليرة (173) دولارا بحسب القيمة المادية للمنزل المعرض للهدم”.
وقال الشامي “إن الإنذارات تعد المرحلة الثانية من عمليات الهدم الممنهج وتجريف الأراضي التي تنفذها محافظة دمشق في المنطقة، وشملت المرحلة الأولى خلال الأشهر الثلاثة الماضية الأراضي الزراعية المفتوحة، والتي تم إنذار أصحابها بإخلائها خلال ثلاثة أيام، جرفت بعدها بشكل كامل بما فيها من أشجار زيتون وأشجار معمرة، خسرت على إثرها حوالي ثلاثمئة عائلة كل أراضيها، وتم تعويضها بمبالغ زهيدة بلغت ثلاثمئة ليرة سورية للمتر الواحد وألف ليرة للشجرة الواحدة، كما خسر الحي المعروف بالمساحات الزراعية الشاسعة كل ثروته ليغدو أرضا صحراوية قاحلة.
وتحدث الشامي عن “الجذور التاريخية لمأساة إخلاء المنازل وهدمها”، وقال إنها تعود إلى عام 1997 في فترة حكم الرئيس السابق حافظ الأسد حين وجهت إنذارات لأهالي المنطقة الواقعة بين حيي كفرسوسة والمزة وهدمت منازلهم في المكان الذي أقيم فيه بناء رئاسة مجلس الوزراء لاحقا.
ويتابع لم تمر تلك العمليات بسلام، حيث واجهها الأهالي بمظاهرات كان مصيرها القمع وإطلاق الغازات المدمعة، لتعوض العائلات بسكن بديل في أقصى ضواحي المدينة، وليغلق الملف دون أن تتطرق إليه وسائل الإعلام.
وأضاف بعد استلام بشار الأسد الحكم وزعت من جديد إنذارات بالإخلاء لكامل المنطقة خلال فترة زمنية قصيرة للغاية بهدف استملاكها من قبل الدولة دون أي تعويض، وبعد خروج الناس بمظاهرات رافضة لذلك أوقفت الحكومة العملية واعدة بتنظيم المنطقة.
وبعد اندلاع الثورة السورية طوقت الحكومة المنطقة الثائرة وعزلتها عن بقية المناطق، وأصدرت قرارات بتنظيمها وهدم منازلها ومحالها التي تعتبر مصدر رزق لمعظم العائلات القاطنة فيها.
ويعتبر خالد -أحد السكان الذين تم إنذارهم بإخلاء منازلهم- أن “ذلك الجزء الخفي من المشروع هو ما يثير القلق، خاصة مع القرب الجغرافي الكبير للمنطقة من السفارة الإيرانية، حيث لم نحصل على أي إجابة من موظفي المحافظة سوى أنه مشروع كبير سيصب في مصلحة الجميع، في حين أننا نرى أنه مشروع يهدف لتهجير سكان المنطقة وتغيير هويتها وطابعها الدمشقي الأصيل”.
ولم يخف خالد تخوفه من مصير مجهول ستلقاه أسرته ومئات العائلات الأخرى، قائلا “فلا تعويض سينصفنا، ولا حل بديل سوى المغادرة، ونحن نعلم بطش قوات النظام والتي لم تتوانَ عن قتل أحد أفراد عائلة الهندي سابقا بعد رفضه إخلاء منزله ليكون مصيره الموت قنصا”.
المصدر : الجزيرة