تمكّن فريق بحثي دولي بقيادة علماء من مؤسسة ماكس بلانك للفيزياء في ألمانيا -لأول مرة- من الكشف عن الطبيعة المعقدة للغاز المتأين الموجود في مركز مجرة درب التبانة، وهو ما كشف بدوره عن فقاعة من الغاز المتأين تتجه ناحية الأرض.
أسرار القرص المائل
وبحسب الدراسة الجديدة التي نشرت في دورية “ساينس أدفانسز” (Science Advances) في 3 يوليو/تموز الجاري، سميت تلك الفقاعة بـ “القرص المائل” (Tilted Disk)، لأنها تميل بشكل غريب عن المستوى المحيط بها، وبطريقة لا يمكن للعلماء تفسيرها بعد.
وللوصول إلى تلك النتائج، استخدم الباحثون التلسكوب الأميركي “وام” (WHAM) الذي تديره جامعة ويسكونسن ماديسون، وهو الوحيد في العالم كله المستخدم في دراسة الهيدروجين المتأين في أذرع ونواة مجرة درب التبانة.
والهيدروجين هو الغاز الأكثر وفرة في الكون، وتتكون ذراته من إلكترون واحد يدور حول بروتون واحد، لكن يحدث في وجود مصدر طاقة قوي أن تفلت الإلكترونات من مداره حول نوى ذرات الهيدروجين، فيسمى في تلك الحالة “الهيدروجين المتأين”.
وكان العلماء في هذا النطاق يعتقدون أن المصدر الوحيد للطاقة التي تؤين الهيدروجين هو تجمعات النجوم في طور النشأة، وهو أمر شائع في مركز مجرتنا درب التبانة، وبالتالي تصوروا أن ذلك سبب تأين الهيدروجين في حالة القرص المائل.
لكن بحسب الدراسة، فإن النتائج التي حصل عليها التلسكوب “وام” خلال 20 سنة مضت، تقول إن النجوم الناشئة لا تفسر إلا حوالي 50% من تكون الهيدروجين المتأين في تلك المنطقة، وبحسب الدراسة فإننا لا نعرف بعد مصدر بقية التأيّن.
عائلة درب التبانة
إلى جانب ذلك، قال الباحثون في الدراسة الجديدة إن مقارنة طبيعة الهيدروجين المتأين بمركز مجرة درب التبانة مع المجرات الحلزونية الأخرى، يشير إلى أن درب التبانة تتبع فئة تمثل ثلث المجرات الحلزونية، وتسمى “مجرات لاينر”.
وبحسب الدراسة، فإن ذلك يشير إلى أن درب التبانة تطلق إشعاعا أكبر -في المتوسط- من مثيلاتها التي تمر بفترة نشأة النجوم الجديدة في مركزها، لكنها تطلق إشعاعا أقل في المتوسط بعد أن يبدأ الثقب الأسود في مركزها بالسيطرة على محيطه.
وقبل هذه الدراسة، كنا فقط نعرف أن “المرأة المسلسلة” -وهي المجرة التي تقع على مسافة 2.5 مليون سنة ضوئية منا- هي أقرب مجرة من فئة “لينر” إلينا، والآن نعرف أن درب التبانة تتبع نفس الفئة، وهو ما سيساعد العلماء مستقبلا في تحقيق فهم أفضل لطبيعتها.
لكن الدراسة في مقابل ما تقدمه من إجابات، تفتح بابا للكثير من الأسئلة التي تحتاج للبحث المستقبلي، حيث ما زال العلماء لا يعرفون طبيعة القرص المائل بشكل كامل، كما لا يعرفون شيئا عن المصدر الآخر للتأين داخله، ولمَ يندفع باتجاه الأرض؟
نقلا عن الجزيرة