مشهد طبيعي جميل من مشاهد الطفولة, يلعب ابن نجمة الأصفر وثمان من رفاقه في باحة المدرسة, لتعترض ثلاث قذائف اللعب وتردي بالتسعة ليتساقطوا كالحمام. غصة في القلب, حيث لا مال ولاملك يعوض عن روح حبيب فقدت.
ما مصير العقارات التي تم شراؤها في الشمال السوري دون وجود أوراقٍ ثبوتيّةٍ رسميّة
تحت سماء هذا الوطن, يجرد المرء من كل شيء, أرضه حقوقه وقلبه, وتسلب روحه حتى بشى الطرق, وإن كان القلب ينبض, فهو بلا حياة.
تحكي نجمة, ذات الست وأربعون عاما التي نزحت من معرة النعمان إلى ادلب لتفتتح محال للملابس وتعيل أسرتها, “حتى القبر بحسو جزء من شي بخصنا ….. يعني هاد روحي مو قبر, انو ابني تحتو بحسو هاد جزء مني… هاد جزء مني, هاد روحي, لأن هاد ابني ..مافي أغلا من الولد …”
ومجددا يستحيل الوصال. في رحلة وداعها الأخيرلقبر ابنها الشهيد, غير مدركة أنها الأخيرة, تتعرض نجمة الأصفر وابنها للقصف على الطريق, وبلطف الهي ينجوان فيما تصيب القذيفة التراب.
عبرت نجمة عن ألمها وقالت: “أنا كتير كتير بحب بلدي ومابحب اطلع منا .. وحاسة حالي هلق مخنوقة قاعدة لأنو ريحة بلادنا غير, وعقد ما هي جزء منا المعرة وروحنا معلقة فيا, شدني شي انو قبل ما يدخلو عليا بخمس أيام الجيش.. اني روح شوف قبر ابني وصور قبر ابني وشم هيك ريحة تربتو قبل ما اطلع … ورحت بس ماحسنت اطلع على قبره .. وماحسنت صور, خاطرت بحالي وخاطرت بابني …”
بين حب الوطن وحب الأبناء, هل يمكن للمرأ أن يختار؟. بينما تمسح نجمة دمعات غلبتها رغم تمنع الجفن, تحكي: ” قبل ما يستشهد ابني ..ماخلي بيت بالمعرة حدا يستشهد إلا روح عزي ..مافي شهيد يصير إلا اطلع أول وحدة وصبر الأمهات كلها …قلها نيالك عندك صار شهيد .. الحمد لله صار ابني وصاروا أخواتي وصار عندنا الحمد لله….. أمي إذا وحدة عندها شهيد تروح تقول لها لا تبكي…. مابحكي مرة عليه إلا ببكي.”
رغم هذا, الأمل بالعودة لا يزول. لربما هذا ما وصفه غسان كنفاني في روايته بالوطن, هو المستقبل, هو الأمل.
وتضيف نجمة: “أنا صحي كان عندي بيت, وعندي محل.. مساحتو شي ٣٠٠ متر, ولو هدموه ولو خربو ولو شو عملو فيه, أنا بيوم من الأيام رح (سوف) ارجع, ورح عمره, ورح ساويه احسن من قبل باذن الله. رح نرجع إن شاء الله, هاي الأرض أرضنا, والبيت بيتنا, والوطن وطننا, والبلد بلدنا.”
بيان آغا
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع