- يجد بعض اللاعبين أنفسهم أحيانا أمام حالة من عدم الاستقرار قد لا تسمح بتغيير تلك الصورة أو الانطباع المترسّخ لدى مدربيهم بشأن ما يقدمونه من مردود على أرضية الملعب. لكن حالة لاعب مانشستر سيتي الإنكليزي سيرجيو أغويرو تختلف عن هذه الأطروحة لشدة ما يعانيه النجم الأرجنتيني من تهميش من قبل مدربه بيب غوارديولا، ليأتي رده مكذبا ومناقضا لكل الأطروحات ويمحو بذلك كل ما قيل بشأنه لا بل لينضم إلى قائمة المرشحين على لقب أفضل لاعب عالميا.
القلب النابض داخل مانشستر سيتي
لندن – حالة من عدم اليقين مرّ بها سيرجيو أغويرو في الفترة الأخيرة يرجعها بعض الخبراء والمحللين الرياضيين إلى الطريقة التي يعامله بها مدرب الفريق بيب غوراديولا، لكن اللاعب الأرجنتيني استطاع أن يكذّب كل التوقّعات ويجدد موعده مع التسجيل ليصبح قريبا من تحطيم الرقم القياسي لأفضل هداف في تاريخ مانشستر سيتي.
وعاد المهاجم الأرجنتيني إلى فرض نفسه ملكا من جديد لمانشستر سيتي الإنكليزي بعد أن كان على وشك الانفصال عنه.
ويقدم اللاعب الأرجنتيني بداية موسم مثالية حيث سجل سبعة أهداف في سبع مباريات حتى الآن، واحد منها في دوري أبطال أوروبا حين عاد سيتي من هولندا بفوز كاسح على فينورد روتردام 4-0 في الجولة الأولى.
وأصبح أغويرو على بعد هدف فقط من الرقم القياسي لأفضل هداف والمسجل باسم إريك بروك عام 1939 برصيد 177 هدفا، بعدما رفع رصيده إلى 176 هدفا منذ انتقاله إلى “السيتيزنس” عام 2011.
وسجل أغويرو أهدافه الـ176 في 260 مباراة في حين احتاج بروك إلى 494 مباراة ليسجل رقمه القياسي (177).
وبعد أن كان من المشككين في قدرات المهاجم الأرجنتيني قبل ستة أشهر أشاد غوارديولا بما يقدمه أغويرو هذا الموسم قائلا عشية لقاء السيتي مع شاختار دونيتسك الأوكراني ضمن الجولة الثانية من دوري الأبطال “إنه أسطورة. يشكل جزءا من تاريخ هذا النادي. إحصائيات أغويرو تتحدث عن نفسها، إنه مذهل”.
ونجح أغويرو بالتأكيد في تغيير فكرة المدرب الإسباني الذي رأى فيه الموسم الماضي لاعبا لا يتجانس مع أسلوب السهل الممتنع الذي يتميز به غوارديولا، لكنّ اللاعب الموهوب منذ الصغر تمكّن من فك هذه العقدة سريعا.
أغويرو نجح في تغيير فكرة بيب غوارديولا الذي رأى فيه الموسم الماضي لاعبا لا يتجانس مع أسلوب السهل الممتنع الذي يتميز به المدرب الإسباني
موهبة خارقة
ولد أغويرو في العام 1988 بمدينة كوليميس التي تبعد 17 كيلومترا عن العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس. انضم في سن التاسعة إلى فريق إنديبندينتي وظهرت مواهبه سريعا ليلتحق بالفريق الأول في وقت قياسي وهو في سن الـ15 وأصبح أصغر لاعب يشارك في تاريخ الدوري الأرجنتيني عام 2003 عندما كان عمره 15 عاما و35 يوما حين دخل بديلا ضد فريق أتلتيكو سان لورنزو دي ألماغرو.
في العام 2004 دخل أغويرو التاريخ من جديد عندما أصبح أصغر لاعب في التاريخ يلعب في بطولة كأس الليبرتادوريس (دوري أبطال أميركا الجنوبية للأندية). وفي نفس العام، شارك أغويرو لأول مرة في مباراة كاملة واستطاع منذ العام 2004 أن يسجل أول هدف له مع الفريق الأول وكانت ضد فريق أستوديانتيس.
في موسم 2005-2006 أصبح أغويرو من الركائز الأساسية لفريق إنديبندينتي واستطاع تسجيل 18 هدفا في 36 مباراة، وجذب اهتمام الأندية الأوربية الطامحة في الفوز بخدماته لينضم في عام 2006 إلى فريق أتلتيكو مدريد الإسباني مقابل 23 مليون يورو، واستمر معه لخمس سنوات واستطاع الفوز بكأس الدوري الأوروبي وكأس السوبر الأوروبي في عام 2010 ليطلب في عام 2011 من الإدارة السماح له بالمغادرة إلى فريق آخر وهو ما تحقق بانضمامه لفريق مانشستر سيتي الإنكليزي مقابل 45 مليون يورو.
رغم انتقاله إلى الدوري الإنكليزي المختلف في أسلوب اللعب عن إسبانيا، فإن تألق أغويرو لم يتوقف وبدأ في تسجيل الأهداف لفريق السيتي ليقوده في أول موسم له للفوز بلقب الدوري بعد غياب 43 عاما.
وتمكن أغويرو مع منتخب بلاده الأرجنتين من تحقيق نجاح لافت أيضا مع فئة الشباب حيث استطاع الفوز بكأس العالم للشباب مرتين عامي 2005 و2007 وكانت البطولة الأخيرة الأفضل بالنسبة إليه، حيث أحرز مع لقب البطولة كأس الهداف وأفضل لاعب بالبطولة. وفي العام 2008 واصل أغويرو مسيرته الناجحة واستطاع الفوز بالميدالية الذهبية لمنافسات كرة القدم في دورة الألعاب الأولمبية في بكين. أما بخصوص المنتخب الأول فكان أول ظهور له في عام 2006 في مباراة ودية ضد البرازيل وشارك مع المنتخب في بطولة كأس العالم 2010 في جنوب أفريقيا وسجل هدفا ضد كوريا الجنوبية.
يعرف أغويرو بلقب “كون” وهي كنية ارتبطت باللاعب منذ الصغر حيث أطلقها عليه جدّه وجدّته انطلاقا من شخصية كرتونية تسمّى “كون كون” وردت ضمن مسلسله المفضل عندما كان صغيرا ليرتبط الاسم بأغويرو حتى الآن ويكتبه دائما على قميصه مع الأندية التي لعب لها.
أغويرو يستعيد دوره كـ”ملك” مانشستر سيتي
نقطة تحول
كانت نقطة التحول في مشوار أغويرو تحت قيادة غوارديولا في مارس عندما أجبر المدرب الإسباني على الاعتماد عليه بسبب إصابة جيزوس، فاستغل المهاجم السابق لأتلتيكو مدريد الإسباني هذه الفرصة لكسب ودّ مدربه تدريجيا بعزم ودون أيّ جلبة أو تذمّر إعلامي.
وفي نهاية المطاف وصل أغويرو إلى ما أراده وأصبح مجددا الركيزة الأساسية في هجوم الفريق الذي توّج معه بلقب الدوري الممتاز عامي 2011 و2014 ونال معه لقب الهداف في 2015، وأكد منذ بداية الموسم أن ليس باستطاعة غوارديولا أن يتجاهله.
ويشرح المدرب الإسباني الأسباب التي تقف خلف التوافق بينه وبين أغويرو بالقول “حاولنا إقناعه بأن يكون فعالا من خلال أسلوب اللعب الذي نعتمده وليس الاكتفاء بأن يكون مهاجما يسدّد الكرة برأسه ويسجل الأهداف، بل القيام بالضغط على اللاعب المنافس من أجل استرجاع الكرة في أسرع وقت ممكن لكي نتمكن من القيام بهجمات سريعة”.
وتابع “أعشق المهاجمين الذين يكونون جزءا من اللعبة والأمر ينطبق على المدافعين، فأنا لا أطلب منهم الدفاع فقط بل المشاركة الفعالة أيضا في صناعة اللعب”.
واعترف غوارديولا أيضا بأن أغويرو لا يتحمّس كثيرا خلال التمارين لكنه يكون جاهزا دائما في موعد المباراة، وقال في هذا الخصوص “في بعض الأحيان وخلال التمارين تشعر بأنه يتذمّر من التعب والبرد، لكنه يعشق كرة القدم. سيرجيو يملك الشخصية لتسجيل الأهداف، سيموت وهو يسجل الأهداف لا شك لديّ على الإطلاق”.
من جانبه أشاد اللاعب الألماني إيلكاي غوندوغان بزميله الأرجنتيني، قائلا “إنه استثنائي، إنه آلة لتسجيل الأهداف (..) نحن بحاجة ماسة إليه”، فيما اعتبر رحيم ستيرلينغ أنه “إذا منحتم سيرجيو الفرصة، فسيسجل الأهداف في تسع من أصل عشر محاولات”.
وعلى الرغم من تألق أغويرو في صفوف السيتي على مدار المواسم التي خاضها في صفوفه وقيادته إلى اللقب مرتين، فإنه لم يكن مرشحا ولو مرة واحدة لجائزة لقب أفضل لاعب في العام من قبل الصحافيين أو زملائه.
لكن غوارديولا اعتبر أن أغويرو يحظى بالاحترام والتقدير، وقال في هذا الصدد “أفضل جائزة يمكن أن تحصل عليها هو شعور زملائك بالمحبة تجاهك وبأنك تقوم بمساعدتهم على أرضية الملعب”. وأضاف “الاعتراف والتقدير من قبل الصحافة والجوائز أشياء جيدة لكنها لا تدوم أكثر من 10 دقائق ثم تختفي”.
ويشدّد المدرب الإسباني على أن “سيرجيو يملك الشخصية لتسجيل الأهداف. والداه منحاه هذه الموهبة. سيسجل الأهداف حتى مماته، لا شك لديّ على الإطلاق”. ولعب أغويرو حتى الآن دورا أساسيا في تصدر فريقه ترتيب الدوري الممتاز بفارق الأهداف عن جاره اللدود مانشستر يونايتد بعدما خرج فريق غوارديولا منتصرا من المراحل الأربع الأخيرة، وآخرها على كريستال بالاس بخماسية نظيفة.
وبفضل النجم الأرجنتيني والعديد من اللاعبين الموهوبين تمكن مانشستر سيتي من العودة إلى سجلّه الخالد وبدأ يسترجع ثقة لاعبيه تدريجيا. إنجاز الفريق الإنكليزي تمثل في كونه أول فريق يسجل 5 أهداف أو أكثر في ثلاث مباريات متتالية في موسم واحد منذ أن حقق ذلك بلاكبيرن خلال موسم 1958-1959 في دوري الدرجة الأولى سابقا، وذلك بعد اكتساحه ليفربول 5-0 وواتفورد 6-0 في المرحلتين السابقتين، رافعا رصيده إلى 27 هدفا في 8 مباريات خاضها في جميع المسابقات حتى الآن.
غوارديولا يرى أن فريقه لا يزال في مرحلة التحسن، مشيرا إلى ضرورة وجود منافسة بين اللاعبين لضمان تطور الفريق خلال الفترة المقبلة
في طريق التعافي
يرى غوارديولا أن فريقه لا يزال في مرحلة التحسن، مشيرا إلى ضرورة وجود منافسة بين اللاعبين لضمان تطور الفريق خلال الفترة المقبلة. ونشرت صحيفة “ميرور” البريطانية تصريحات لغوارديولا جاء فيها “دائما هناك مجال للتطور. نمتلك مجموعة جيدة من اللاعبين ونرغب في منح كل لاعب فرصته وذلك لإشعال المنافسة بينهم، فلن يكون سهلا على كل لاعب أن يشارك في مباراة كل ثلاثة أيام لمدة 11 شهرا”.
وأوضح المدرب الإسباني “أرغب في عودة إيلكاي غوندوغان لينافس كيفين دي بروين وديفيد سيلفا، كما أعجبني مستوى دانيلو في الجهة اليسرى على مستوى الدفاع والهجوم”.
وواصل “ليروي ساني لم يظهر بصورة جيدة في الفترة التحضيرية ولم يكن يستحق في البداية المشاركة أساسيا، ولكنه بعد ذلك أثبت أحقيته في اللعب، وهذا أمر أتفهّمه، فاللاعب صغير السن وأتى الموسم الماضي إلى بلد جديد ودوري مختلف وكان يعيش في فندق ومع الوقت بدأ يتأقلم بصورة أفضل”.
وفي سياق متصل بالفترة الإيجابية التي يمر بها الفريق الإنكليزي قاد البلجيكي كيفن دي بروين فريقه مانشستر سيتي إلى فوزه الثاني على حساب شاختار دانيتسك الأوكراني 2-0 الثلاثاء الماضي في الجولة الثانية من منافسات المجموعة السادسة لدوري أبطال أوروبا.
وواصل فريق المدرب الإسباني بيب غوارديولا نتائجه المميزة هذا الموسم حتى وإن لم تكن بنفس الوتيرة الهجومية لمبارياته الثلاث الأخيرة في الدوري الممتاز (16 هدفا)، أو لمباراته الأولى في هذه المجموعة.
وقال اللاعب البلجيكي “لم تكن أفضل مبارياتي لكنّني سعيد.. كانت مباراة صعبة والمنافس أظهر أنه يعرف حقا لعب كرة القدم”.
وأضاف “الشوط الأول كان صعبا ولكن في الثاني كنا الأفضل وخلقنا المزيد من الفرص وحققنا انتصارا مستحقا”.
مدرب مانشستر سيتي يرى أن تجاهل اسم مهاجمه سيرجيو أغويرو فيما يتعلق بالجوائز الشخصية لا يمنعه من حجز مكانه في تاريخ النادي الإنكليزي
من جانبه أبدى فابيان ديلف، الذي لعب مكان زميله المصاب بينجامين ميندي، حزنه لإصابة اللاعب الفرنسي وابتعاده عن الملاعب لعدة أشهر، وقال اللاعب الإنكليزي “نشعر بأننا محطمون جراء إصابته، سنفتقد الكثير في غيابه، نتمنى ألا تكون إصابة خطيرة للغاية”.
وفي ردّ عن سؤال وجّه إلى مدرب السيتي بشأن التفكير في الفوز بلقب الدوري الإنكليزي من الآن قال غوارديولا “من المبكّر الحديث عن فوزنا بالدوري الإنكليزي لأن المنافسين أقوياء للغاية؛ مانشستر يونايتد يمتلك نفس عدد النقاط التي نمتلكها وتشيلسي انتصر مؤخرا برباعية نظيفة على ستوك سيتي، لكن تسجيل الكثير من الأهداف قد يصبّ في صالحنا مستقبلا في حال احتكمنا لفارق الأهداف لحسم بطل البريميرليغ”.
أفضل مرشح للقب العالمي
أكد مدرب مانشستر سيتي أن تجاهل اسم مهاجمه سيرجيو أغويرو فيما يتعلق بالجوائز الشخصية لا يمنعه من حجز مكانه في تاريخ النادي الإنكليزي. واعتبر المدرب الإسباني أن النجم الأرجنتيني يحظى بالاحترام والتقدير، وقال في تصريحات نقلتها صحيفة “الإندبندنت” إن “أفضل جائزة يمكن أن تحصل عليها هي شعورك بالمحبة من المحيطين بك”.
ومن جانبه عبّر أسطورة فرنسا ونجم أرسنال السابق تييري هنري عن إعجابه بأغويرو، مشيرا إلى أن الأخير هو أبرز مهاجم في البريميرليغ حاليا. وقال هنري “الوحيد الذي يعدّ من الطراز العالمي هو أغويرو بسبب طول مدة ما أنجزه في هذا الدوري”. وأضاف “لقد فاز بالدوري هنا، وكان يفعل ذلك (التسجيل) طوال الوقت، أعتقد أنه يتم تجاهل أغويرو وكأنه لا يفعل شيئا”.
وأكد غوارديولا سعادته بأن أغويرو بات مهاجما متكاملا منذ أن أشرف على تدريب الفريق. وقال “أعتقد أن كلّ لاعب يملك مجالا للتحسن مع مرور السنوات لأنه يكتسب المزيد من الخبرة، ويستطيع بالتالي أن يتعامل مع الظروف بشكل أفضل”.