بعد أخذ ورد ونقاشات مطولة ملأت مواقع التواصل الاجتماعي، أعلنت الحكومة التركية رسميا عن قرارها الجديد بفرض تأشيرة الدخول على السوريين القادمين من بلد آخر غير سوريا، في حين أن المعابر على الحدود البرية بين البلدين مغلقة منذ أشهر.
وتحاول الكثير من العائلات الخروج من دمشق وريفها عبر لبنان ثم إلى تركيا، قبل الموعد المحدد للبدء بالعمل بـ”الفيزا” التركية، والذي حدد بالثامن من شهر كانون الثاني/ يناير الجاري.
“فريد” أحد أبناء الغوطة الشرقية، خرج من تحت الحصار منذ أكثر من عام ليعيش في مناطق دمشق الخاضعة لسيطرة النظام حصارا مشابها رغم اختلاف الأساليب، فمن التجويع إلى التخويف والحياة والمملوءة بالحذر والتوجس الدائم، حسب قوله.
يقول فريد: “ما إن سمعت بقرار الفيزا التركية، حتى بدأت بتجهيز حقائب السفر لي ولأطفالي الخمسة أملا بالخروج من دمشق والوصول إلى لبنان، ومن ثم إلى إحدى المدن التركية، وذلك في محاولة مني لبلوغ تركيا قبل البدء بتطبيق القرار الذي أصدرته الحكومة هناك، إذ إن عبوري الإلزامي من لبنان كونه المنفذ الوحيد لدمشق (نحو العالم الخارجي) سيجعلني وأسرتي من السوريين القادمين إلى الدولة التركية عبر دولة أخرى، وذلك سيجعلنا ممن يشملهم قرار التأشيرة الجديد”.
ويضيف لـ”عربي21“: “رتبت الأمور بأسرع ما يمكن، وخرجت أنا وأسرتي على الطريق الدولية باتجاه لبنان، آملا في تحقيق ما أرغب به، ولدى وصولنا إلى معبر جديدة يابوس الحدودي أوقفنا حاجز أمني (للنظام السوري) قبل المعبر بمئات الأمتار وطلب منا وثائقنا وجوازات سفرنا، قدمت لهم الجوازات وبعد أن دققوا فيها طلبوا مني العودة إلى دمشق ولم يسمحوا لي بالتوجه إلى لبنان”.
يعتقد الرجل أن هنالك سببا لمنعه من قبل عناصر الحاجز والضابط المسؤول عنه، وعلى الرغم من أنهم لم يصرحوا بالسبب، واكتفوا فقط بتوجيه الأمر له بالعودة.
ويوضح: “ذهبت منفردا دون أسرتي إلى تركيا منذ عدة شهور، لأطلع على أوضاع الحياة هناك، وعدت وفي نفسي قرار باصطحاب كل أفراد الأسرة والهروب من الجحيم الذي نعيشه هنا، وأعتقد أن سبب منعي وأسرتي من الخروج إلى لبنان هو معرفة عناصر الحاجز بنيتي التوجه إلى تركيا، إذ إنهم لم يعلقوا بأي كلمة عندما رأوا جوازات زوجتي وأطفالي، لكنهم طلبوا مني العودة عندما شاهدوا جواز سفري وعليه أختام الدخول والخروج من وإلى تركيا، وهذا هو السبب بالتأكيد”، وفق قوله.
عائلة أخرى من مدينة حلب تقيم في مناطق النظام حاولت السفر عبر الطرق التي يسيطر عليها النظام إلى لبنان ثم إلى تركيا، ورغم أن الحالة مختلفة عن السابقة وجوازات سفر العائلة لم تكن تحتوي على أية أختام، إلا أن أحد الحواجز عند مخارج المدينة سألهم عن وجهتهم، وعندما عرف بنيتهم التوجه إلى لبنان، صرخ في وجوههم: “بدكن تروحوا على تركيا ما هيك”، وطلب منهم العودة أيضا.
عائلة “أبو سامر” عادت إلى حلب، وأخبر الرجل “عربي21” أن “الرحلة إلى تركيا ميسرة بالنسبة لنا عبر المناطق المحررة في ريف حلب أو ريف إدلب، ولن نحتاج هناك لتأشيرة دخول كوننا قادمون من الأراضي السورية، لكن وكما تعلمون فالمنافذ الحدودية مغلقة جميعها، ولا تسمح الحكومة التركية للسوريين بالعبور منذ شهور طويلة، فكيف سنستطيع الوصول؟”.
وأضاف: “قد ننتظر طويلا دون أن يفتح الأتراك المعابر الحدودية في الشمال، لهذا قررنا السفر إلى لبنان أولا ثم إلى تركيا، قبل أن يبدأ تنفيذ قرار التأشيرة بالنسبة للسوريين القادمين من دول أخرى”. وتابع: “على الرغم من إرغامي على العودة (..)، سنقوم أنا وأسرتي بمحاولة أخرى قبل الثامن من الشهر الجاري، علّنا ننجح بالخروج والوصول إلى تركيا”.
وحتى الآن، بقيت تركيا البلد الوحيد الذي لم يفرض، رسميا، قيودا على دخول السوريين، لكن قرار الحكومة التركية بفرض تأشيرة الدخول فاجأ السوريين وأثار مخاوفهم، فحتى السوريون الذين حصلوا على اللجوء في بلد آخر كانوا يتواصلون مع ذويهم وأقاربهم في تركيا بسهولة بواسطة الجواز السوري، فيما أكد كثيرون منهم أن الحصول على تأشيرة من القنصليات التركية بالنسبة للاجئ السوري ليس بالأمر السهل.
عربي 21