مع تشديد العقوبات المالية على حزب الله، وازدياد الإجراءات الأميركية على البنوك اللبنانية، يمكن القول إن اقتصادا آخر موازيا بات له أربابه ومموّلوه وعاملون فيه، هو اقتصاد الحرب السورية، والمسيطر في زمن الحروب، يستطيع، إلى حدّ كبير، أن يتحكم بفتح مساحات من التجارة غير الشرعية لبلد ينزف بشرا وثروة، وصار جزء من ثروته مادة للتهريب والسرقة.
تجارة الحرب في سوريا رائجة اليوم، وعلى رغم التنابذ الذي تحدثه الأزمة السورية على المستوى اللبناني، سياسيا واجتماعيا، إلا أن ذلك لم يمنع من رواج أشكال متعددة من كسب الأموال والثروات بشكل مشروع حينا، وغير مشروع في كثير من الأحيان، فما تفرقه السياسة تجمعه الأعمال والمصالح والأرباح.
وطالما كان تجار الحروب ومقتنصو فرص الربح المادي غير المشروع، أكثر الناس انسجاما في ما بينهم رغم انتماءاتهم السياسية أو الطائفية المتباينة، هذا ما تقوله تجارب الحروب اللبنانية على اختلافها، فبعد كل حرب تبرز فئة في المجتمع يطلق عليها لقب “أغنياء الحرب” وهذه الفئة موجودة على مختلف جبهات الصراع، والأكثر قدرة على التواصل في ما بينها، وفي أحيان كثيرة تشكل مصدرا من مصادر تمويل المجموعات المتقاتلة.
هذا ما يحصل في سوريا اليوم، وفي البعد اللبناني تنشط عمليات التهريب بشكل نوعي يتجاوز ما اعتادت عليه البلدان في أيام السلم، يجب ألا يفاجأ اللبنانيون أن في العديد من الغرف المغلقة، ثمة ترتيب صفقات تهريب بين البلدين.
فخلال الأعوام الماضية، جرى إخراج كميات كبيرة من الذهب والأموال من داخل سوريا إلى لبنان، هذه التجارة غير المشروعة ليست حكرا على طرف دون آخر، قريبون من حزب الله غارقون في هذه التجارة، ومن يدرجون في صف خصومه أيضا. والتنسيق على هذا المستوى بينهما شفاف وناجح ما دامت المنافع موجودة وموزعة بالعدل بين الطرفين، وليس نقل المشتقات النفطية، ولا سيما مادة المازوت، إلى سوريا إلا وجها من وجوهها.
وبات معلوما أن التهريب لم يعد حكرا على الذهب والدولار، فحتى بعض المقاتلين من حزب الله في سوريا، دخلوا في هذا المضمار، وبات عناصر من حزب الله يشكلون نقطة جذب لعدد من المهربين من أجل نقل ما خفّ حمله وغلا ثمنه من سوريا إلى لبنان وبالعكس. على أن ما يتم تناقله أن الحرب السورية أطلقت العنان لظاهرة أمراء الحرب، فصناعة المخدرات وتجارتها باتت تنطلق من الأراضي السورية، وتشير أوساط أمنية لبنانية إلى أن عمليات التصنيع والتهريب تنطلق من سوريا في اتجاه لبنان والعالم، ولفتت إلى وجود العديد من المهربين والملاحَقين من قبل الدولة اللبنانية في مناطق سورية محاذية للبنان، وتحديدا في منطقة القلمون السورية.
إلى جانب تجارة المخدرات تشكل تجارة السلاح أيضا تجارة رائجة، وهي لم تتوقف منذ اندلاع الثورة السورية، والمفارقة في أن هذا العالم غالبا ما تكون الصفقات فيه بين طرفي الصراع نفسيهما. ففي البقاع اللبناني لا تزال الحكايات تُروى عن مخازن باعها مسؤولون في حزب الله إلى معارضين سوريين، أو قيام ضباط في الجيش السوري ببيع أسلحة وعتاد لمعارضين، فيما المهربون هم صلة الوصل والذين يتمتعون بحصانة من طرفي الصراع.
لقد شكلت الأحداث السورية منذ نحو خمس سنوات محور استقطاب في لبنان، بين مؤيد للحراك الشعبي أو العسكري ضد النظام، وآخر مدافع عنه أو عن رئيسه بشار الأسد، وزاد هذا الاستقطاب من الشروخ السياسية والمذهبية، واستنفرت العصبيات إلى حدّ غير مسبوق، حتى بات لبنان يعيش حربا أهلية تشتعل في النفوس، وربما تشعل الميدان اللبناني من شماله إلى جنوبه.
حتى اليوم يبدو أن أحدا من المحاور الإقليمية والدولية المتصارعة في المنطقة، لا يريد لهذه الحرب أن تقع، فلبنان يحتاج إلى قرار بتمويل حربه الداخلية، لتصبح أمرا واقعا. تجار الحرب جاهزون، لكن المشكلة في الممولين اليوم. فالحرب تحتاج إلى طرفين مستعدين ومتحفزين، في الحدّ الأدنى، لخوضها، يمتلكان القدرة على الاستمرارية في القتال، والقدرة على ضخ المال والسلاح من دون كلل. هذا ليس متوفرا في لبنان، على الأقل لجهة القدرة على التمويل وعلى توفير السلاح والذخيرة في آماد طويلة لأحد طرفي الصراع.
وإذا كان دخول وخروج المئات من مقاتلي حزب الله يوميا إلى سوريا، فتح بابا جديدا لنقل المواد المهربة في الاتجاهين وعلى أكثر من مستوى، فهو يغري الكثيرين من السوريين واللبنانيين، باستثمار هذا الخط غير المراقب من خارجه، ويدفع البعض إلى السعي لاعتماده بسبب ما يوفره من ضمانات أمنية، فإن خطوط التهريب الأخرى تبقى عرضة للخطر، ولصراع النفوذ بين جهات مختلفة، ولعل ما يشهده البقاع اللبناني اليوم بين بعض عصابات التهريب المحمية سياسيا واجتماعيا، يتصل بالصراع للسيطرة على مناطق التهريب ومعابره وخطوطه بالدرجة الأولى والأخيرة. وبعض النافذين على هذه الحدود في البقاع الشمالي، باتوا يلمسون تبدّلا في النفوذ على خارطة التهريب، وتراجعا للمكاسب لدى البعض وازديادا لها لدى البعض الآخر، وهو ما يسبب إلى جانب البعد الأمني والسياسي، قتالا وتصفيات جسدية، أو مصالحات مكللة بمغانم الحرب.
تجارة الحرب في سوريا رائجة اليوم، وعلى رغم التنابذ الذي تحدثه الأزمة السورية على المستوى اللبناني، سياسيا واجتماعيا، إلا أن ذلك لم يمنع من رواج أشكال متعددة من كسب الأموال والثروات بشكل مشروع حينا، وغير مشروع في كثير من الأحيان، فما تفرقه السياسة تجمعه الأعمال والمصالح والأرباح.
وطالما كان تجار الحروب ومقتنصو فرص الربح المادي غير المشروع، أكثر الناس انسجاما في ما بينهم رغم انتماءاتهم السياسية أو الطائفية المتباينة، هذا ما تقوله تجارب الحروب اللبنانية على اختلافها، فبعد كل حرب تبرز فئة في المجتمع يطلق عليها لقب “أغنياء الحرب” وهذه الفئة موجودة على مختلف جبهات الصراع، والأكثر قدرة على التواصل في ما بينها، وفي أحيان كثيرة تشكل مصدرا من مصادر تمويل المجموعات المتقاتلة.
هذا ما يحصل في سوريا اليوم، وفي البعد اللبناني تنشط عمليات التهريب بشكل نوعي يتجاوز ما اعتادت عليه البلدان في أيام السلم، يجب ألا يفاجأ اللبنانيون أن في العديد من الغرف المغلقة، ثمة ترتيب صفقات تهريب بين البلدين.
فخلال الأعوام الماضية، جرى إخراج كميات كبيرة من الذهب والأموال من داخل سوريا إلى لبنان، هذه التجارة غير المشروعة ليست حكرا على طرف دون آخر، قريبون من حزب الله غارقون في هذه التجارة، ومن يدرجون في صف خصومه أيضا. والتنسيق على هذا المستوى بينهما شفاف وناجح ما دامت المنافع موجودة وموزعة بالعدل بين الطرفين، وليس نقل المشتقات النفطية، ولا سيما مادة المازوت، إلى سوريا إلا وجها من وجوهها.
وبات معلوما أن التهريب لم يعد حكرا على الذهب والدولار، فحتى بعض المقاتلين من حزب الله في سوريا، دخلوا في هذا المضمار، وبات عناصر من حزب الله يشكلون نقطة جذب لعدد من المهربين من أجل نقل ما خفّ حمله وغلا ثمنه من سوريا إلى لبنان وبالعكس. على أن ما يتم تناقله أن الحرب السورية أطلقت العنان لظاهرة أمراء الحرب، فصناعة المخدرات وتجارتها باتت تنطلق من الأراضي السورية، وتشير أوساط أمنية لبنانية إلى أن عمليات التصنيع والتهريب تنطلق من سوريا في اتجاه لبنان والعالم، ولفتت إلى وجود العديد من المهربين والملاحَقين من قبل الدولة اللبنانية في مناطق سورية محاذية للبنان، وتحديدا في منطقة القلمون السورية.
إلى جانب تجارة المخدرات تشكل تجارة السلاح أيضا تجارة رائجة، وهي لم تتوقف منذ اندلاع الثورة السورية، والمفارقة في أن هذا العالم غالبا ما تكون الصفقات فيه بين طرفي الصراع نفسيهما. ففي البقاع اللبناني لا تزال الحكايات تُروى عن مخازن باعها مسؤولون في حزب الله إلى معارضين سوريين، أو قيام ضباط في الجيش السوري ببيع أسلحة وعتاد لمعارضين، فيما المهربون هم صلة الوصل والذين يتمتعون بحصانة من طرفي الصراع.
لقد شكلت الأحداث السورية منذ نحو خمس سنوات محور استقطاب في لبنان، بين مؤيد للحراك الشعبي أو العسكري ضد النظام، وآخر مدافع عنه أو عن رئيسه بشار الأسد، وزاد هذا الاستقطاب من الشروخ السياسية والمذهبية، واستنفرت العصبيات إلى حدّ غير مسبوق، حتى بات لبنان يعيش حربا أهلية تشتعل في النفوس، وربما تشعل الميدان اللبناني من شماله إلى جنوبه.
حتى اليوم يبدو أن أحدا من المحاور الإقليمية والدولية المتصارعة في المنطقة، لا يريد لهذه الحرب أن تقع، فلبنان يحتاج إلى قرار بتمويل حربه الداخلية، لتصبح أمرا واقعا. تجار الحرب جاهزون، لكن المشكلة في الممولين اليوم. فالحرب تحتاج إلى طرفين مستعدين ومتحفزين، في الحدّ الأدنى، لخوضها، يمتلكان القدرة على الاستمرارية في القتال، والقدرة على ضخ المال والسلاح من دون كلل. هذا ليس متوفرا في لبنان، على الأقل لجهة القدرة على التمويل وعلى توفير السلاح والذخيرة في آماد طويلة لأحد طرفي الصراع.
وإذا كان دخول وخروج المئات من مقاتلي حزب الله يوميا إلى سوريا، فتح بابا جديدا لنقل المواد المهربة في الاتجاهين وعلى أكثر من مستوى، فهو يغري الكثيرين من السوريين واللبنانيين، باستثمار هذا الخط غير المراقب من خارجه، ويدفع البعض إلى السعي لاعتماده بسبب ما يوفره من ضمانات أمنية، فإن خطوط التهريب الأخرى تبقى عرضة للخطر، ولصراع النفوذ بين جهات مختلفة، ولعل ما يشهده البقاع اللبناني اليوم بين بعض عصابات التهريب المحمية سياسيا واجتماعيا، يتصل بالصراع للسيطرة على مناطق التهريب ومعابره وخطوطه بالدرجة الأولى والأخيرة. وبعض النافذين على هذه الحدود في البقاع الشمالي، باتوا يلمسون تبدّلا في النفوذ على خارطة التهريب، وتراجعا للمكاسب لدى البعض وازديادا لها لدى البعض الآخر، وهو ما يسبب إلى جانب البعد الأمني والسياسي، قتالا وتصفيات جسدية، أو مصالحات مكللة بمغانم الحرب.
العرب