ضمّت “سرية أبراج الحق”، المختصة برصد تحركات الطيران، العاملة في محافظات إدلب وحماة وحلب عدداً من المترجمين المتقنين للغة الروسية إلى صفوفها، بغية فهم حديث الطيارين الروس ومتابعة تحركاتهم في أجواء المنطقة.
إلى جانب ذلك، أعلنت السرية إعادة هيكلة فريقها، وتوسيع مناطق عملها لتشمل بلدات خاضعة لسيطرة المعارضة في ريفي حماة وحلب، في محاولة منها لمدّ جسر اتصالات وربط المحافظات الثلاث بعضها ببعض؛ علّها تساهم في حفظ أرواح أكبر عدد ممكن من المدنيين.
وقد أسست السرية في شهر مايو/ أيار من عام 2013، بغية تقليل عدد ضحايا قصف طائرات نظام الأسد؛ من خلال تعقب الإشارات اللاسلكية الخاصة بها لمعرفة المناطق التي تعتزم قصفها والإسراع بتحذير المدنيين للاختباء في الملاجئ أو تغيير أماكنهم، عبر القبضات اللاسلكية (أجهزة تعمل على ترددات الراديو).
وبعد تدخل روسيا صراحة في سوريا، وزجها بطائراتها في الأجواء السورية في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، أخذ الأمر منحى آخر، ولم يعد “أعضاء السرية” قادرين على فهم الرموز التي يتحدث بها الطيارون، واقتصر عملهم على تحذير المدنيين في حال سمعوا أو شاهدوا طائرة في السماء، وطلب سيارات الإسعاف وفرق الدفاع المدني إلى الأماكن التي يتم قصفها، بالإضافة إلى إذاعة الأخبار العسكرية، حيث إن معظم المدنيين باتوا يمتلكون قبضات لاسلكية بسبب قطع النظام السوري لخدمة الاتصات عن كافة المناطق الخارجة عن سيطرته.
المسؤول الإعلامي لـ”سرية أبراج الحق”، محمد سلوم العبد، قال لـ”الخليج أونلاين”: إن “السرية ضمت إلى فريقها حديثاً أربعة من الأشخاص المتقنين للغة الروسية لمساعدة المراصد على ترجمة حديث الطيارين الروس، ومن ثم تعميمه على الأجهزة اللاسلكية الأخرى لتحذير المدنيين من وجود طائرات روسية، ولاتخاذ الإجراءات اللازمة؛ كدخول الناس إلى الملاجئ، أو إخلاء المنطقة التي ينوي الطيارون استهدافها”.
وأوضح “العبد” أن الأشخاص الأربعة هم ثلاثة أطباء وصيدلاني، أفادونا بإجادتهم للغة الروسية، ورغبتهم بمساعدتنا لتجاوز عائق اللغة، فرحبنا بهم وتم ضمهم للسرية، وهم الآن يتناوبون على العمل حيث يكونون معنا نحو 20 ساعة بشكل يومي، فمنهم من اختار الوقت الصباحي، ومنهم من اختار المسائي، على حسب ما يناسب ظروف عمله في عيادته أو صيدليته.
وأشار “العبد” إلى أن المترجمين ساهموا بإعادة تنشيط السرية بشكل ملحوظ بعد أن تراجع أداؤها إثر التدخل الروسي بسبب عدم إجادة المراصد للغة الروسية، مؤكداً أن قوات المعارضة المسلحة باتت تعتمد بشكل كبير على الرصد الذي تقوم به السرية، خاصة في المعارك الدائرة بينها وبين قوات النظام، بتغطية جوية روسية، في ريفي حماة الشمالي وحلب الجنوبي.
ولا يقتصر عمل السرية على التنصت على مكالمات الطيارين فقط، بل يتعدى ذلك إلى اختراق الأجهزة اللاسلكية الموجودة بحوزة القوات المعادية على الأرض، والتنصت على محادثاتها، وتحذير عناصر المعارضة الموجودين في الأماكن التي سيتم قصفها أو تقدم قوات المشاة التابعة للنظام منها.
من جهته، قال الطبيب أبو محمد من مدينة مورك بريف حماة الشمالي، لـ”الخليج أونلاين”: “إنني أملك قبضة لاسلكية، وأستمع بشكل دائم للمراصد وتحذيراتها من طائرات النظام السوري، والإشارة إلى الأماكن التي تنوي استهدافها، ولكن عندما دخلت الطائرات الروسية على خط القصف لاحظت أن عمل المراصد تراجع، ولم تعد تحذر المدنيين في المناطق التي سيتم استهدافها كسابق عهدها”.
ويتابع: “علمت آنذاك أن السبب هو لغة حديث الطيارين، ولكوني أتقن اللغة الروسية بحكم دراستي الطب في موسكو، أردت أن أساهم بحماية أبناء وطني من حمم الطائرات، فقررت مساعدة المراصد في الترجمة، وتركت عملي في العيادة لفترة من الزمن”.
وأضاف أبو محمد: “وبعد فترة ليست بالطويلة جاءني ثلاثة من أصدقائي، هم طبيبان وصيدلاني، كانوا قد تخرجوا في جامعات روسيا ويتقنون اللغة الروسية، راغبين في التطوع والعمل معي في الترجمة، فرحبت بهم قيادة السرية، وتقاسمنا العمل بما يتوافق مع عمل كل منا في عيادته أو صيدليته”.
وأشار إلى أنه وأصدقاءه باتوا يشعرون برغبة شديدة في العمل، وأنهم يتلقون الكثير من مدح الناس وثنائهم على ما يقدمون، مضيفاً: “عملي الحالي يتماشى تماماً مع مهنة الطب التي لطالما أحببتها؛ لما فيها من إنقاذ الناس ومساعدتهم على تخطي آلامهم، كذلك فإن عملي الجديد يساهم بشكل كبير في حماية المدنيين من قصف الطائرات وصب حممها عليهم”.
جدير بالذكر أن ناشطين سوريين ابتكروا فكرة الرصد بعيد انتشار جيش النظام في المدن للتجسس على مكالماته وتحركاته، ولاختراق مكالمات الطيارين عبر أجهزة راديو قديمة، ومن ثم استخدم الراصدون أجهزة خاصة تعمل على ترددات الراديو، وفي ظل قطع نظام الأسد للاتصالات بادر كثير من المدنيين إلى امتلاك أجهزة تدعى القبضات اللاسلكية، فباتوا يستخدمونها عوضاً عن الهاتف وللاستماع إلى النداءات والتحذيرات التي يطلقها الراصدون.
الخليج أونلاين