يعبّر خالد، بائع التحف التذكارية في وسط مدينة اللاذقية غرب سورية، عن الحزن لرحيل “أصدقائه” الجنود الروس الذين اعتادوا زيارة متجره وشراء الهدايا، ويقول: “لا نريدهم أن يذهبوا، لقد احببناهم ونريدهم أن يبقوا”.
ويضيف بقلق: “لا ادري ماذا يخبئ المستقبل، أشعر بالخوف بألتاكيد، لكنني آمل من الله أن يحمي هذا البلد”. ويتابع خالد (30 عاماً) وهو يقف وسط مجموعة من التحف المصنوعة من الصدف والخشب التي كان يقبل على شرائها الجنود الروس بكثرة: “كنا نسعد لسماع هدير الطائرات فوق رؤوسنا، كانت تشعرنا بالامان وبأنهم يحموننا”.
وأعلنت موسكو الاثنين بشكل مفاجئ انها ستسحب الجزء الاكبر من قواتها من سورية بعدما “انجزت” مهمتها، اثر تدخل جوي بدأ في 30 ايلول (سبتمبر) الماضي. وفي شارع الجمهورية التجاري في وسط المدينة، يتأسف معين قاجو (39 عاما) على مغادرة الروس، مشيرا الى ان مطعمه لقي اقبالاً كبيراً لدى “الجنود الروس وعائلاتهم لتذوق سندويشاته الشهيرة من الشاورما المشوية على الفحم”. ويروي أن احد الجنود الروس جاء قبل يومين، وقال له “للاسف هذه آخر سندويشة آكلها في محلكم، لأنني سارحل”. ويضيف: “القرار كان مفاجئا وشعرنا بالامتعاض”. ويشعر قاجو “بالخسارة ماديا ومعنويا”، كما يقول، فالامر لا يقتصر على خسارة زبائنه، بل يقول ان الدعم الكبير الذي قدمه الروس “دفع بالعمليات العسكرية قدما وعجلّ في احراز الانتصارات”. ويتابع ان “ذهاب الروس سيؤثر بالتأكيد على حركة الأسواق، لانهم كانوا يأتون لشراء مختلف انواع البضائع من هنا”.
وخلال حوالى ستة أشهر، اعتاد سكان اللاذقية رؤية جنود بزيهم العسكري يتجولون في أسواق وشوارع المدينة يأكلون الوجبات السورية التقليدية ويشترون التحف التذكارية. وعلق معظم أصحاب المحال التجارية الذين التقاهم فريق وكالة “فرانس برس” في ساحة الشيخ ضاهر صوراً للرئيس الروسي فلاديمير بوتين والعلم الروسي الى جانب صورة الرئيس السوري بشار الاسد.
في منطقة الكورنيش الجنوبي المطلة على البحر، يقول الطالب الجامعي علاء السيد (22 عاما) إن سحب روسيا لقواتها “في اوج التقدم (الميداني) شكل لي صدمة”، سائلا “ما السبب الذي دفعهم الى ذلك”. ويعبر عن قلقه حيال مستقبل العمليات العسكرية بعد الانسحاب. ويقول: “بالتأكيد كان الجيش السوري يحمي بلدنا قبل مجيء الروس، لكني اخشى من عودة الامور الى الوراء، خصوصا ان التقدم الكبير الذي احرزه الجيش كان بمساندة الروس”.
وفي حي ضاحية تشرين، يبدي طارق شعبو، صاحب مقهى “موسكو” الذي يضج بالمرتادين الشباب، امتنانا للموقف الروسي الداعم لبلاده، مؤكداً أن الحليف الروسي “لن يخذل سورية”.
وتعد روسيا من ابرز حلفاء الحكومة السورية وقدمت لها منذ بدء النزاع الذي دخل عامه السادس دعما ديبلوماسياً واقتصادياً قبل ان تبدأ حملتها الجوية. ويبدي شعبو من جهته تفهما للانسحاب الروسي، ويقول “اعلنت روسيا عن جدول زمني لمشاركتها في العمليات العسكرية في سورية وهذا الجدول انقضى. اتموا مهتمهم وانسحبوا”.
ويعرب عن ثقته بقدرة الجيش السوري على “عدم تضييع المكاسب التي حصل عليها نتيجة الدعم الروسي، وسيسعى لاحراز تقدم اكبر مستفيدا من تدمير روسيا للبنى العسكرية والاقتصادية والبشرية للمسلحين”. ويرى شعبو ان “روسيا لم تتغير حيال سوريا وما زالت تساندها لكنها الان انتهجت النهج السياسي” لحل الازمة في البلاد. كما انها “مهدت الطريق (للجيش السوري) في حال فشلت المساعي السياسية”.
الحياة – اف ب