تقع مدينة سراقب “المدينة الشائعة السيط” ضمن الحدود الإدارية لمحافظة إدلب في شمال غربي سوريا, وتحتفظ بموقع جغرافي هام وحساس من كونها عقدة مواصلات تربط العديد من المناطق في الشمال السوري, فموقعها على الطريق الدولي “حلب – دمشق” إضافة لكونها عقدة تربط الساحل بالداخل وخصوصاً محافظة حلب باللاذقية جعل منها مدينة استراتيجية هامة على مر التاريخ.
يبلغ عدد سكانها حوالي 35 ألف نسمة, يعملون بالزراعة والصناعة والحرف اليدوية والتجارة, سيما تجارة الماعز والأغنام, وهي قريبة من آثار إيبلا وتل مرديخ الأثري, حيث سكنت هذه المنطقة التي تمتع بسهول زراعية خصبة منذ
عصور قبل الميلاد, وترتفع المدينة عن سطح البجر 370 م, وتتمتع بطقس حار نسبياً في فصل الصيف, ومعتدل بارد في الشتاء.
كانت مدينة سراقب من أوائل المدن والبلدات الواقعة في ريف إدلب في انتفاضتها ضد النظام السوري بعد اندلاع احداث الثورة السورية في درعا البلد في شهر آذار من العام 2011م.
حيث خرجت أول مظاهرة في المدينة بتاريخ “25 – 3 -2011” نصرة لأطفال درعا وتضامنا مع بقية المدن السورية المنتفضة, ومنذ هذا التاريخ كسر أهالي سراقب حاجز الخوف والتحقوا بركب المناطق المنتفضة طلبا للحرية والكرامة, فاستمر أهالي المدينة بالخروج في التظاهرات الحاشدة ليلاً ونهاراً بشكل شبه يومي.
اشتدت المظاهرات المطالبة بإسقاط النظام في المدينة, ومعها اشتدت حملات قوات النظام القمعية والوحشية, فقد أدت تصرفات قوات النظام الوحشية في قمع الأهالي السلميين لانشقاقات واسعة عن صفوف الجيش النظامي من أبناء المدينة, وانضم المنشقون لاحقاً إلى الجيش السوري الحر لحماية المدنيين المنتفضين, وخرجت المدينة عن سيطرة قوات النظام في بداية شهر حزيران من العام 2011, ورداً على ذلك قام النظام بمحاصرة المدينة ثم قطع الماء والكهرباء عنها.
وبتاريخ “11 – 8- 2011” شهدت المدينة أولى عمليات الاقتحام من قبل جيش النظام, حيث اقتحمت دبابات ومدرعات النظام أحياء المدينة وأطلقت النار عشوائياَ, وقام النظام بعمليات دهم واسعة في المدينة اعتقل على إثرها حوالي “100” شخص وكان من بينهم العديد من الأطفال, ثم عاود النظام اقتحام المدينة مرة ثانية بتاريخ “3 – 10 – 2011” واستمرت الضغوط على الأهالي الذين أعلنوا لاحقاً الإضراب العام بتاريخ “26 – 10 – 2011”.
استمرت حركة الاحتجاج من قبل الأهالي ودخلت المدينة مرحلة العصيان المدني, فاقتحمت قوات النظام المدينة للمرة الثالثة على التوالي مرتكبة مجزرة بشعة بحق العشرات من اهالي المدينة.
وبتاريخ “2 – 11 2012” استطاع الجيش الحر بسط سيطرته على كامل المدينة وذلك بعد انسحاب دبابات وعناصر قوات النظام منها، وكان لتحرير مدينة سراقب أثراً كبيراً على النظام لخسارته السيطرة على نقطة تقاطع طريقين رئيسيين “حلب- دمشق” و “حلب- اللاذقية” ممّا اضطر النظام للبحث عن طرقٍ أخرى لإيصال إمداداته إلى حلب.
دخلت المدينة بعد تحريرها من قبضة قوات النظام مرحلة جديدة, حيث لجأت الأخيرة إلى قصف المدينة بالقذائف المدفعية, ثم أعقبتها بهجمات وحشية من قبل سلاح الجو, حيث أمطرت مروحيات النظام مدينة سراقب بعشرات البراميل المتفجرة التي راح ضحيتها العشرات من المدنيين بين شهيد وجريح.
مجلة الحدث – مدن ثائرة – حازم الحلبي.