“أحلامي بسيطة جداً.. فقط رؤية أشعة الشمس.. ورائحة الأولاد.. وحضن الحياة.. فلعل أسوأ مراحل الحنين هي الطيوف التي تختالك وحيداً”.
تلك كلمات “أبو عبد الله” من ريف إدلب (45 عاماً) بعد أن تم اعتقاله في غياهب سجون النظام السوري، فكان شاهداً على فظائع يندى لها جبين الإنسانية، من فرط الجبروت التي يمارسها زبانية النظام، أكد أن الموت بالرصاص أو حتى القذائف الصاروخية في المعركة أهون بكثير من الموت تعذيباً في معتقلات النظام وفروع أمن الدولة.
وتبدأ قصة “أبو عبد لله” منتصف عام 2012 عندما اعتقل عند حاجز أمني وعلى مدار سنة ونصف تنقل مرات عدة بين مختلف فروع الأمن السورية، وعندما تم الإفراج عنه وجد منزله متهدماً جراء القصف الجوي لطيران النظام.
يكشف “أبو عبد لله” عن معاناته في سجون الذل” إن كثيرا من التفاصيل ستبقى حبيسة العقل والذاكرة، لقد تعرضت للتعليق في السقف بيدين مقيدتين أو ما يسمى (الشبح).. عندما يكون السجين بدينا في أول اعتقاله تكون مأساة حقيقية فالوزن عند الشبح ألم في حد ذاته، عداك عن الصعق بالكهرباء.. وفي بعض الأحيان لا يحتمل قلب السجين شدة التيار الكهربائي، فيسقط على الأرض جثة هامدة غير مكترثين بحياته ينقل إلى غرفة أخرى مجاورة ويرمى، عداك عن الموت من المرض جراء تكدّس المعتقلين في الزنزانات أو الجوع شائعاً جداً، ولا أنسى كسر الظهر عبر الكرسي الألماني من بديهيات الموت في المعتقل”.
وطبعاً تنزع الاعترافات بشكل قسري وبتعذيب منهجي وخصوصاً بعد الاستعانة بمحققين روس وإيرانيين المواليين للنظام وأكثر حقداً على الشباب السوري.
يعود “أبو عبدالله” ليكشف ظلمات السجون قائلاً” من الأساليب المتبعة في التعذيب ما يسمى التعذيب النفسي، حيث تم وضعي في زنزانة منفرده أسمع من خلالها أصوات السجناء الذين يتم تعذيبهم..آه كم كان مؤلماً سماعي لامرأة تُعذّب بالضرب المبرح وعندما يغمى عليها كانوا يرشقونها بالماء لتستعيد الوعي وتعود ضربات الحقد والظلم من جديد في محاولة لهم لنزع بعض المعلومات المتعلقة بزوجها المعارض للنظام الغائب عن أنظارهم، تمنيت.. مرات عدة أن أفديها من العذاب وأعرض جسدي للتعذيب ويرفع الظلم عنها.
يدمدم “أبو عبدالله” وبصوت حزين” لم توفر السجون في غياباتها.. لا الشيخ.. ولا الطفل.. حتى الأمهات الحوامل يضعن أطفالهن في سجون الذل والهوان حيث لا حقوق ولا حرمة للبشرية.. اللهم فرج عن المعتقلين وكن معهم وانصرهم على من يظلمهم فإنهم لا يعجزونك”.