في ظل أجواء رعب تجتاح العالم بسبب فيروس كورونا، وبينما تتسابق الدول في رفع حالة الاستنفار لمحاصرته والوقاية منه، ظلت مصر وحكومتها حالة فريدة مريبة وذلك بسبب تحفظها في خطواتها تجاه مواجهة الفيروس وفرضها دائرة من الغموض حول عدد الإصابات رغم إعلان عدة دول عن وصول مصابين إليها قادمين من مصر.
وبين الرعب العالمي والغموض المصري كانت الباخرة “A-sara” وهي فندق عائم من فئة الـ 5 نجوم وتتكون من خمسة طوابق، تتهادى فوق مياه نهر النيل قرب مدينة أسوان، دون أن يخطر في بال أحد أن السفينة السياحية ستتحول إلى فوهة موبوءة تنطلق منها حمم الكورونا.
شرارة الرعب أطلقتها منظمة الصحة العالمية حينما أرسلت إلى وزارة الصحة المصرية معلومات حول مواطنة تايوانية من أصل أميركي تم اكتشاف إصابتها بالفيروس بعد عودتها من مصر، أواخر فبراير/شباط الماضي، حيث كانت ضمن فوج سياحي زار مدينتي الأقصر وأسوان على إحدى البواخر النيلية.
في ذلك الوقت كانت “A-sara” في طريقها إلى الأقصر -إحدى أشهر المدن السياحية في العالم- عندما قامت السلطات المصرية بسحب عينات من 19 من العاملين على السفينة، وعندما وصلت إلى الأقصر الجمعة الماضي، أعلنت وزارة الصحة أن الفحص أكد إصابة 12 منهم بفيروس الكورونا.
لكن هذا لم يكن كل شيء، ففي اليوم التالي أعلنت وزيرة الصحة المصرية إصابة 33 آخرين ممن كانوا على متن السفينة ليرتفع عدد مصابيها إلى 45 شخصا منهم 19 أجنبيا، من أصل 171 شخصا كانوا على متنها، منهم 101 أجنبي، وسبعون مصريا.
اللافت أن السائحة التايوانية والـ 45 شخصا الذين انتقلت لهم العدوى ليسوا أول من تم اكتشاف إصابتهم على متن “A-sara”، فقد سبق أن تم الإعلان عن مصابين يحملون الجنسية الأميركية وتبين أنهم كانوا على متن هذه السفينة.
فبحسب صحيفة نيويورك تايمز تأكدت إصابة زوج وزوجة من ولاية كاليفورنيا الأميركية بالفيروس بعد عودتهما إلى بلدهما، وشملت زيارتهما لمصر رحلة على متن السفينة منتصف فبراير/شباط الماضي.
كذلك أعلنت السلطات في ولاية ميريلاند رصد ثلاث حالات إصابة لرجل وامرأة في السبعينيات من العمر وامرأة في الخمسينيات، وتبين أن الثلاثة استقلوا السفينة السياحية ذاتها، الشهر الماضي.
وأعلن مسؤولو الصحة في ولاية تكساس الخميس الماضي، عن إصابة خمس حالات بفيروس كورونا، وجميعهم كانوا في زيارة لمصر، وقاموا برحلة عبر باخرة يشتبه في أنها سارة ذاتها وقد عادوا إلى بلادهم يوم 20 فبراير/شباط الماضي.
وذكرت صحيفة واشنطن بوست أن عمال السفينة الذين تأكد أنهم حاملون للفيروس تم فحصهم في نهاية فترة الحضانة التي استمرت 14 يوما، ما يعني أن الإصابات ربما حدثت خلال رحلة بحرية في الأسبوع الثالث من شهر فبراير/شباط.
وما يزيد القلق أن الحالة الوحيدة التي توفيت في مصر بسبب فيروس كورونا تعود لمواطن ألماني الجنسية توفي في الغردقة أمس الأحد عقب وصوله من مدينة الأقصر، الجمعة الماضي.
حجر صحي للباخرة
ومع الإعلان عن إصابة العشرات بالكورونا داخل الباخرة السياحية أكد مسؤولو الصحة بمصر أن إجراءات تعقيم السفينة والحجر الصحي للمصابين تمت بشكل آمن وسريع، حيث تم تعقيم المرسى وإبعاد جميع البواخر عنه، وعزل بقية الموجودين بالباخرة وعددهم 145 شخصا لحين الكشف عليهم وإبقائهم داخل الحجر الصحي لمدة 14 يوما للتأكد من خلوهم من الفيروس.
وأعلن مصدر بمحافظة الأقصر تجهيز مرسى خاص بمنطقة البغدادي لعزل الباخرة، وذلك بالتزامن مع حالة الاستنفار الأمني التي تشهدها مدينة الأقصر لمنع اقتراب أي من السفن المنتشرة في النيل من الباخرة الموبوءة.
وقرر المسؤولون بالمحافظة تحريك الباخرة السياحية إلى مرسى خاص أمام مستشفى الأقصر العام تحسبا لحدوث أي طارئ بين المصابين، بينما كشفت وزيرة الصحة هالة زايد، أن الحالات المصابة سيتم نقلها بالطائرة إلى مستشفى للعزل، بينما تنقل الحالات السلبية إلى الحجر الصحي في محافظة مرسى مطروح، شمال غربي البلاد، مع فحص حالتهم كل 48 ساعة للتأكد من عدم إصابتهم.
وقال مسؤول حجوزات الأفواج السياحية في أسوان، إنه جرى إلغاء جميع الحجوزات التي كانت مقررة قبل عدة أشهر على متن الباخرة “A-sara”.
وبحسب صحيفة “اليوم السابع” المحلية، فباخرة الأقصر تحمل اسم “أم أس برينسيس سارة”، ودخلت الخدمة في عام 2005، وجرى تجديدها في أكتوبر/تشرين الأول 2015، وتعتبر واحدة من أكبر وأفخم السفن التي تعمل في نهر النيل بين الأقصر وأسوان.
ونقلت الصحيفة عن مصدر بوزارة السياحة أن الباخرة النيلية ملك مجموعة حابي للسياحة والتي تمتلكها بالأساس عائلة بطرس غالي وزير المالية الأسبق، غير أن السفينة مستأجرة منذ عامين من قبل شركة سياحية أخرى، وبموجب ذلك تمت إضافة اسم “A-sara” إلى اسمها الأصلي.
نقلا عن الجزيرة