ارتبطت شجرة الزيتون بمحافظة ادلب حتى أطلق عليها ادلب الخضراء لكثرة أشجار الزيتون المحيطة بها والمنتشرة بأريافها، وقد عانت زراعة الزيتون وإنتاج زيت الزيتون في السنوات الأخيرة عدة صعوبات، لكن بعد تحرير محافظة ادلب بالكامل بدأت العقد تنحل شيئا فشيئا وبدأت بشائر الخير والعطاء تلوح.
تأتي ادلب بالمرتبة الثانيةعلى مستوى المحافظات السورية من حيث عدد الأشجار والإنتاج، وتحتل زراعة الزيتون مكانة هامة في القطاع الزراعي حيث شهدت تطورا ملحوظا خلال السنوات الماضية من حيث العدد والمساحة المزروعة، بلغ عدد أشجار الزيتون في ادلب ما يقارب 14 مليون شجرة وتعتبر المساحة التي تغطيها هي الأكبر من حيث المساحات المستثمرة زراعيا، والتي وصلت بآخر الإحصائيات لحوالي 130 ألف هكتار ما يقارب 36 بالمئة من المساحات المستثمرة، اما الإنتاج فقد وصل الى 206 آلاف طن وهي أعلى كمية إنتاج، هذا التطور في المساحة والإنتاج رافقه تطور في مجال التصنيع فقد زاد عدد المعاصر وخصوصا الحديثة منها التي تعمل بالطرد المركزي.
مع بداية الثورة بدأت زراعة الزيتون تدخل في حالة جمود نتيجة لممارسات النظام، فعمليات القصف والقتل التي أجبرت الشعب ومن ضمنهم الفلاحين على النزوح، تركت أثرا سلبيا على خدمة أشجار الزيتون ورعايتها بالشكل المناسب، هذا بالإضافة إلى أن عددا كبيرا من المعاصر قد توقفت عن العمل إما بسبب القصف أو وقوعها بالقرب من حواجز النظام وما يتبعها من مضايقات، ولعل الكارثة الأكبر هي اقتلاع عدد كبير من أشجار الزيتون القريبة من حواجز النظام أو احتراقها.
السيد “أبو رامز” فلاح من ريف ادلب يحدثنا عن وضع بستانه: “بقيت فترة سنتين لا أستطيع الوصول إلى بستاني بسبب قربه من احد حواجز النظام العسكرية، ولذلك بقي دون حراثة طول هذه المدة ما أدى إلى زيادة نسبة الأعشاب فيه ومع وقوع الاشتباكات تشتعل النار فيه لتحرق الأخضر واليابس”.
بعد تحرير محافظة ادلب توفرت الشروط الملائمة للإنتاج، فقد أصبحت الأرض بمتناول أصحابها وأمنت الطرق العامة بعد طرد قوات النظام ما يسهل وصول الفلاح للمعاصر ويتيح له مجال واسع لاختيار المعصرة، بالإضافة لعودة معظم المعاصر التي أغلقت للعمل والإنتاج من جديد، وأيضا إحداث معاصر جديدة بعد أن شعر الشعب بشيء من الاستقرار.
السيد “أبو عبدو” صاحب معصرة زيتون بريف جسر الشغور بريف ادلب الغربي يروي لنا: “تقع معصرتي مواجها لحاجز النظام على بعد 3 كم، اضطررت لإغلاقها السنة الماضية فقد استهدفت بشكل متكرر بقذائف المدفعية والدبابات، وغيرها وخاصة أن الطريق المؤدي إليها مكشوف على حاجز النظام”.
ويضيف “أبو عبدو” هذا العام الوضع مختلف فلا يوجد أمام ناظري حاجز، هناك راحة نفسية بالعمل والزبائن بدأوا يتوافدون بكثرة على خلاف السنوات الماضية قبل إغلاقها”.
ومن المتوقع أن يشهد هذا العام زيادة بالإنتاج نسبة للسنوات السابقة، فالظروف المناخية جيدة وملائمة حيث أن كمية الأمطار العام الماضي وبداية هذا العام جيدة، مع عودة المعاصر للعمل من جديد وتحسين نوعيتها.
هذا ما يؤكده “أبو عبدو” بالقول: “نسبة زيت الزيتون المستخرجة من ثمار الزيتون جيدة لهذا العام، فكل 4.5 كيلوغرام من ثمار الزيتون تعطي 1 كيلوغرام زيت”.
بالمقابل هناك ارتفاعا في تكلفة إنتاج الزيت لهذا العام سواء فيما يتعلق بالأيدي العاملة، أو أجور النقل واستخراج الزيت وغيرها.
وهذا ما يعاني منه السيد “محمود” في جبل الزاوية قائلا: “لقد ارتفعت أجرة العامل هذه السنة لتصل إلى 1200ل.س بينما السنة الماضية 800 ل.س للعامل، أيضا هناك ارتفاع في تكلفة العصر في بعض المعاصر حيث لا يوجد سعر موحد فبعض المعاصر تأخذ على عصر 1 كيلوغرام 8 ل.س وأخرى على “الشوال”-ما يقارب 100كيلوغرام – 400 ل.س”.
لم يبخل الثوار في تحريريهم لمحافظة ادلب فقدموا الغالي والنفيس، وبالمقابل لم تبخل أرض الزيتون على أهلها فكما يقول الكبار “الكرم أكرم من صاحبه”.
المركز الصحفي السوري – محمد الصباح