في السابع من الشهر الجاري قال الرئيس السوريبشار الأسد في خطاب له أمام مجلس الشعب السوري إن “حلب ستكون المقبرة التي تدفن فيها أحلام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان”.
حينها بدا الأسد رئيسا وقائدا عسكريا يدير المعركة في بلاده، أو على الأقل هكذا أظهره إعلامه الرسمي والموالي له.
لكن المشهد بدا مختلفا بالأمس أثناء استقبال الأسد لوزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو مع عدد من مرافقيه، حيث أعرب الرئيس السوري عن مفاجأته وعدم درايته بمن يزوره، في مشهد اختصر كثيرا من الحكاية بين الحليفين.
وقد حذف الإعلام الرسمي للنظام الصوت من الصورة وبثها مع سطرين مقتضبين، إلا أن الصحافة الروسية نشرت الفيديو مع الصوت “فيما يشبه فضيحة للنظام” وفق مراقبين.
ونشرت وسائل إعلام روسية أن شويغو أجرى جولة تفقدية لقاعدة حميميم الروسية في اللاذقيةومنظومة صواريخ الـ”S 400″.
وفي تعليق على الزيارة رأى عضو الائتلاف الوطني السوري المعارض خطيب بدلة أن مشهد ظهور الأسد أمام وزير الدفاع الروسي يعكس انتهاك السيادة الوطنية السورية التي “باتت تتجاذبها الأطراف المسيطرة من هنا وهناك”.
واعتبر أن المشهد يُظهر سيدا وتابعا، و”يذكر بشخصية دونكيشوت وتابعه سنشو في الرواية المشهورة” مضيفا أن “لبشار الأسد سابقة مع الروس عندما استقدموه لموسكو في طائرة شحن وأجلسوه بين يدي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وغاب حينها علم النظام عن المشهد”.
رسالة للإيرانيين
ويرى لخطيب بدلة أن الزيارة تبعث برسالة للإيرانيين مفادها أنهم لا يستطيعون أن يفعلوا شيئا على الأرض دون الغطاء الجوي الروسي، وأن بشار الأسد لن يكون خارج مظلتهم، بينما الأخير يحاول النجاة بأي طريقة.
ويرى أن أميركا تبارك تقدم الروس في سوريا على حساب الإيرانيين قائلا إن واشنطن وموسكو ستقذفان بالأسد خارج اللعبة في نهاية المطاف.
ويقول بدلة إن الأسد يتمسك بدور الروس نظرا لقوتهم على الأرض رغم وعيه بأنهم قد يتخلون عنه.
ويلفت العقيد الخبير العسكري أديب العليوي إلى أن الزيارة تزامنت مع تقدم جيش الفتح التابع للمعارضة المسلحة في ريف حلب الجنوبي، إذ مني حزب الله بخسائر هي الأقسى منذ تدخله في سوريا وكذلك المليشيات الإيرانية وعلى رأسها اللواء “65”.
وبالتالي أراد الروس أن يقولوا للإيرانيين: هذا مصيركم دون غطائنا الجوي، وفق تقدير العليوي.
جلسة محاسبة
ويضيف أن الروس باتوا يتعاملون مع بشار الأسد على أنه آمر عسكري تابع لهم وليس رجل سياسة ورئيس دولة، “وقد جلس أمام وزير الدفاع وكأنه في جلسة محاسبة أو تحقيق، يسمع له الوزير الذي وضع بين يديه أوراقا وعلى يمينه من يسجل ومن يترجم، في حين استرسل الأسد في الحديث أمامه”.
ويرى عليوي أن زيارة الوزير هي استكمال لمسلسل المنافسة بين حليفي النظام (إيران-روسيا) على تقاسم النفوذ في سوريا.
من جانبه، يلفت مدير شبكة بلدي نيوز الإعلامية أيمن محمد إلى أن الإعلام الروسي كان حريصا على بث الصور دون عمليات مونتاج، وإظهار ارتباك بشار الأسد. ويضيف أن ما جرى بدا “وكأنها عملية استدعاء أكثر من كونها زيارة”.
وينبه إلى أن الأسد جلس إلى طاولة مستطيلة والوزير أمامه بندية في حين أن “المفترض أن يكون الوزير ضيفا إلى يسار الرئيس والأخير في صدر المجلس وفق البروتوكول”.