بيروت- “القدس العربي”: بعد أقل من أسبوع على الزلزال الذي ضرب بيروت ودمّر قسماً كبيراً من أحيائها وشوارعها وأوقع الآلاف بين قتيل وجريح، سقطت حكومة الرئيس حسّان دياب تحت الضغط الشعبي والسياسي، الأمر الذي يفتح البلاد على احتمالات عدة: هل تشكّل حكومة جديدة وبرئاسة مَن؟ وأي دور للفرنسيين والأمريكيين؟ وهل تذهب الأمور نحو تسوية برعاية دولية تلعب فيها فرنسا دور الوسيط ، أو تذهب إلى تأزم أكبر إذا تمّ تقديم استقالات نيابية لفرض إجراء انتخابات نيابية مبكّرة يرفضها رئيس الجمهورية ميشال عون والثنائي الشيعي؟.
وفي إطار المساعي الدولية باشر وكيل وزارة الخارجية الأمريكية دايفيد هيل في بيروت بإجراء محادثات حول آفاق الحل ومن ضمنها “ملف ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل الذي أصبح في خواتيمه”، حسب تعليق رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وكان حسّان دياب الذي تباهى بإنجازاته في ذكرى مرور مئة يوم عليها، خرج في المئة يوم الثانية، وبات رئيس حكومة سابق من دون أن يستطيع الصمود أو كسر الحصار الذي فُرِض عليه، بحيث لم يتمكّن من زيارة أي دولة عربية، وفشل طموحه بالبقاء إلى نهاية عهد رئيس الجمهورية ميشال عون مدعوماً من حزب الله ورضى رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل.
واللافت أن بيان استقالة دياب الذي أعقب سلسلة استقالات لوزراء حكومته أخفى بين سطوره حملة مكرّرة على عدو مجهول معلوم، حيث في كل إطلالة كان طيف سعد الحريري حاضراً في كلامه. وقد أعلن دياب “أن منظومة الفساد أكبر من الدولة ونحن لا نستطيع التخلّص منها، وأحد نماذج الفساد انفجار بيروت”. وقال “لا نزال نعيش هول المأساة التي ضربت لبنان وأصابت اللبنانيين في الصميم والتي حصلت نتيجة فساد مزمن في الإدارة”، مشيراً إلى “أن حجم المأساة أكبر من أن يوصف، ولكن البعض يعيش في زمن آخر والبعض لا يهمّه سوى تسجيل النقاط الشعبوية الانتخابية”، معتبراً أن “هؤلاء لم يقرأوا جيدا ثورة 17 تشرين الأول/ أكتوبر، وتلك الثورة كانت ضدهم واستمروا في حساباتهم وظنوا أنهم يستطيعون تمييع مطالب اللبنانيين بالتغيير”.
وأضاف دياب “حاولوا تحميل الحكومة مسؤولية الانهيار والدين العام، فعلاً “اللي استحوا ماتوا”، وهذه الحكومة بذلت جهداً لوضع خريطة طريق”، مشيراً إلى أن “هناك من يزوّر الحقائق ويعيش على الفتن ويتاجر بدماء الناس في ساعات التخلّي”، قبل أن يعلن استقالة الحكومة، ويختم بالقول “الله يحمي لبنان، الله يحمي لبنان”. ثم توجّه دياب إلى قصر بعبدا لتقديم استقالته إلى رئيس الجمهورية، الذي بدوره طلب من الحكومة الاستمرار بتصريف الأعمال.
وأعلن بيان صادر عن رئاسة الجمهورية أن الرئيس عون تسلم مساء اليوم” من رئيس الحكومة حسان دياب استقالته الخطية”. وأضاف أن رئيس الجمهورية طلب من دياب والوزراء الاستمرار في تصريف الأعمال حتى تشكيل حكومة جديدة. وعرض الرئيسان خلال اللقاء “الأوضاع العامة في البلد، وتطورات الانفجار الذي حصل في مرفأ بيروت”.
وكان دياب أرجأ إعلان استقالة الحكومة إلى السابعة والنصف مساء بدلاً من الادلاء بتصريح عقب جلسة مجلس الوزراء التي أقرّت في آخر جلسة احالة جريمة انفجار بيروت إلى المجلس العدلي بناء على اقتراح وزيرة العدل ماري كلود نجم التي سبق أن قدّمت استقالتها في بحر النهار إلى دياب.
ومع استقالة الحكومة تنتفي الدعوة إلى جلسة مساءلة الحكومة التي دعا اليها بري، الخميس المقبل، وأفيد بأن ما دفع بري إلى تحديد هذه الجلسة هو انزعاجه مع الرئيس عون من اقتراح دياب لإجراء انتخابات نيابية مبكرة من دون التشاور مع بري، ما رأى فيه تعدياً على صلاحياته وصلاحيات مجلس النواب، ولم تُجدِ اتصالات المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم في تقريب وجهات النظر بين الرئاستين الثانية والثالثة.
وكانت نائبة رئيس مجلس الوزراء وزيرة الدفاع الوطني، زينة عكر، قد أكدت في مداخلة في خلال الجلسة “أن وقوع هذه الكارثة يقتضي استقالة حكومة لا وزراء أفراد، فالحكم مسؤولية، والثورة مسؤولية، والمواطنة مسؤولية، والقضاء مسؤولية، والإعلام مسؤولية، والإستقالة مسؤولية، أين نحن من كل هذا؟”. وقالت “لقد عملنا بجهد وضمير وشفافية وتحملنا كلاماً جارحاً وإشاعات، مرددين “لأجلك يا لبنان هذا قليل”. وتمنت “أن يتم الاتفاق على حكومة جديدة نزيهة وفعالة بأسرع وقت”، وقالت “لقد قرّرت الإستقالة منذ حوالى الشهر لأنني شعرت بأننا لا ننتج في هذا الظرف الصعب، لكنني تريّثت ولم أقم بذلك، لشعوري بفداحة المسؤولية، ولكن بعد الكارثة أصبح التحدي أكبر.ولقد أجّلت الاستقالة لأنه علينا تحمّل المسؤولية مجتمعين، وكما جئنا سوية نخرج سوية”.
حظ وزير الخارجية السيء
لوحظ أن وزير الخارجية الجديد شربل وهبه لم ينل شرف ممارسة مهامه لأكثر من أسبوع. فبعد تعيينه، الإثنين الفائت، اعتبر مستقيلاً هذا الإثنين. وتداول البعض صورته على مواقع التواصل مرفقة بتعليق جاء فيه” كلما تقول حظك سيء تذكّر هذا الشخص إسمه شربل وهبه. استلم الوزارة قبل الظهر فانفجر البلد بعد الظهر، وطار مكتبه واحتلوا وزارته، واستقالت الحكومة في أول جلسة يحضرها ودخل كتاب غينيس لأنه أسرع وزير خارجية مستقيل في تاريخ البشرية”.
نقلا عن القدس العربي