تمكن فريق خبراء أميركيين مختصين في علم الخلايا البيولوجية من فهم الآلية التي تتحكم في إزهار الأشجار والنباتات، وكيف ترتبط تلك الآلية بتغير المناخ، والاحترار، ونسبة كثافة ضوء الشمس.
إزهار مبكر.. إثمار أقل
معروف لدى العلماء أنه يوجد داخل النباتات والأشجار بروتين اسمه “فيتوكروم بي” مهمته التقاط الضوء والحرارة لتحديد الوقت الذي يحين فيه الإزهار، لكن لم يكن معروفا لديهم كيف يعمل هذا البروتين، واليوم أصبح باستطاعة المختصين فهم هذه الآلية وبالتالي التحكم فيها على الأرجح.
فحسب الدراسة التي نشرت في مجلة “نيتشر كوميونيكيشنز” يوم 3 أبريل/نيسان الجاري والتي أشرف عليها الباحث مانغ شان من جامعة كاليفورنيا ريفرسايد، فإن فهمهم لكيفية عمل هذا البروتين سيمكنهم من تطوير نباتات ومحاصيل زراعية باستطاعتها مقاومة التغيرات المناخية وارتفاع درجات حرارة الكوكب.
ولاحظ هؤلاء الباحثون أن هناك الكثير من النباتات والأشجار أزهرت العام الماضي قبل وقتها المحدد بأسبوعين كاملين، وهذا أثر سلبا على الدورة البيولوجية للكائنات الحية بصفة عامة، لأن الإزهار أصبح يحدث قبل النضج، وهذا يكون في الكثير من الأحيان سببا في نقص الإثمار.
نوع جديد من الزراعة
قال الباحثون في مقدمة دراستهم إن “ارتفاع درجة حرارة كوكبنا كانت له آثار سلبية على نمو النباتات والأشجار المثمرة، والظاهرة مستمرة في التأزم، وبحوثنا العلمية قد تساعد في مواجهة هذه التغيرات وتطوير محاصيل يمكنها مقاومة ارتفاع درجات الحرارة، وبالتالي دعم نوع جديد من الزراعة في المستقبل القريب”.
واعتمد الباحثون في دراستهم على نبتة “رشاد أذن الفأر” (arabidopsis thaliana)، وهي تنتمي إلى عائلة البازلاء وتعيش في أوروبا وآسيا وشمال غرب أفريقيا، وتنمو في بيئة لا تتجاوز حرارتها الـ27 درجة ولا تقل عن 12، لكن في حالة تغير الحرارة فإن هذه النبتة تغير بنيتها، حيث يتناقص طولها تحت درجة 12 ويزداد فوق الـ27.
وبالإضافة إلى طموح الباحثين لتطوير زراعة جديدة باستطاعتها مقاومة التغيرات المناخية فإن فهم آلية عمل البروتين محل الدراسة يساعد أيضا في فهم تطور أورام السرطان لدى الحيوان، حسبما جاء في الدراسة.
إجهاض الأشجار
وقال الأستاذ ميلود حماش من المدرسة العليا للدراسات الفلاحية بالجزائر في تصريح عبر الهاتف للجزيرة نت إن “هذا الإشكال مطروح في مختلف دول العالم، لأن ظاهرة التغيرات المناخية مست كل المعمورة”.
وأضاف “في الجزائر مثلا لاحظنا الأمر على الكثير من الأشجار المثمرة، خاصة على أشجار الخوخ والكروم، بحيث أصبحت تزهر مبكرا، ثم يحدث لها بعد ذلك ما يمكن أن نسميه إجهاضا، حيث تتساقط هذه الأزهار ولا يكون هناك إثمار”.
ويقول حماش إن الظاهرة “ليست عامة ولكنها في اعتقادي تستدعي التدخل من الآن للعمل بجدية وفق إستراتيجية مدروسة لمواجهة استفحال الظاهرة، لأن الأمن الغذائي أصبح من الأولويات”.
وتابع أن “الزراعة اليوم أصبحت عمود قيام الدول والأزمة الصحية التي نمر بها بسبب فيروس كورونا فتحت أعين الكثيرين على واقع مرير تعيشه الكثير من الدول التي تستورد غذاءها بنسب عالية، وهي اليوم تخشى أن تطول الأزمة وتغلق الموانئ، فلا تجد بعدها شعوبها ما تأكله”.
وأضاف أن “الدراسة العلمية محل هذا المقال تهدف إلى إرساء زراعة مقاومة للتغيرات المناخية، وهي ليست الأولى من نوعها، فهناك العديد من الدراسات التي تهدف إلى إرساء زراعة جديدة مقاومة لهذه الظاهرة”.وأشار إلى أن “الدول المتقدمة تسعى دائما لضمان أمنها الغذائي أولا وتصدير الفائض، أما نحن فما زلنا نستورد بنسب كبيرة، وعلى المسؤولين توجيه اهتمامهم نحو الزراعة لإرساء دعائمها من جديد حتى لا يحدث ما لا يحمد عقباه”.
نقلا عن الجزيرة