يُنتظر أن يكون لقاء وزيري الخارجية الأميركي والروسي، جون كيري، وسيرغي لافروف، غداً الأربعاء، في سويسرا، حاسماً لناحية انعقاد أولى جلسات محادثات جنيف حول الملف السوري، المقررة في 25 من الشهر الحالي، من عدمه. محادثات لم تتسلم الهيئة العليا للمفاوضات مع النظام السوري، التي تجتمع اليوم الثلاثاء في الرياض، برئاسة المنسق العام لها، رياض حجاب، أي دعوات إليها حتى الساعة، بحسب ما يكشفه حجاب في حديث هاتفي مع “العربي الجديد”.
أما بشأن محاولات روسيا إضافة أسماء محددة إلى فريق المفاوضين من المعارضة، فيكشف حجاب أن الهيئة العليا للمفاوضات تتمسك برفضها المطلق هذا المطلب الذي أفاد بأن الهيئة سمعته من مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية، ستيفان دي ميستورا. وقال حجاب لـ”العربي الجديد” إن موقف الهيئة حاسم في هذا الشأن، وإنها، في الوقت نفسه، جادّة في المضي في عملية تفاوض حقيقية، لا تكون مجرد “دردشة”، بل تهدف إلى إنهاء مأساة السوريين، وعودة المهجرين منهم إلى وطنهم، الأمر الذي يتطلب مغادرة المجرمين السلطة، على حد تعبيره. وأوضح حجاب أن المعارضة السورية مع العملية السياسية التي تحقّق ذلك، وتريد حلاً سياسياً، وقد أكّدت، في مؤتمرها بالرياض في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أن الحل السياسي خيارها الاستراتيجي.
وعن اجتماعات 25 يناير/كانون الثاني الحالي المحتملة في سويسرا، يجزم حجاب أن الهيئة المعارِضة لم تطلب تأجيل الموعد، وأنها “مع أي موعد تحدده الأمم المتحدة”، غير أنها لم تتلقّ حتى الآن الدعوات اللازمة له. ويشدّد حجاب، في حديثه مع “العربي الجديد”، على أن مطالب المعارضة تتركّز على وجوب تنفيذ النظام وحلفائه الالتزامات الواردة في قرار مجلس الأمن الدولي 2254، وخصوصاً إطلاق سراح المعتقلين، وتمكين منظمات الإغاثة الإنسانية من إيصال المساعدات للمدنيين السوريين التي يحتاجون إليها، ورفع الحصار عن المدن والبلدات التي يطوّقها جيش النظام والمليشيات الحليفة له، وكذلك وقف القصف العشوائي والجوي الذي يقوم به النظام على المشافي والأسواق الشعبية والمدنيين.
وقال حجاب إن قرار مجلس الأمن يلح على تنفيذ هذه الالتزامات فوراً، غير أن النظام لم يستجب لشيء منها إلى الآن، بل لا يزال يرتكب المجازر في مناطق كثيرة، ومن جديدها القصف الذي طاول أخيراً مدرسةً في شمال غرب حلب، وسقط فيها قتلى وجرحى عديدون. وبشأن ما إذا كانت المفاوضات مع النظام ستكون مباشرة، يجيب حجاب، الذي كان رئيساً للحكومة السورية من يونيو/حزيران 2012 إلى أغسطس/آب من العام نفسه، عندما أعلن انشقاقه وغادر سورية، أن هذا الأمر “يتضح في وقته”، لافتاً إلى أن الجوهري هو أن “تحقق المفاوضات ما جاء عليه قرار مجلس الأمن الدولي 2118، والذي أكّد على بيان جنيف 1، وهو تشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية، ولكن، على أن لا يكون لبشار الأسد، ورموز نظامه، أي دور في المرحلة الانتقالية”.
وأوضح حجاب أن هذا الأمر أساسي في أجندة التفاوض المفترضة، والتي لم تتحدّد بعد، ولم تصل حتى الآن إلى الهيئة العليا للمفاوضات. أما بشأن وقف إطلاق النار، فقد قال في تصريحه لـ”العربي الجديد” عبر الهاتف من الدوحة، إنه أمر “خارج إرادة النظام، فالقوات الروسية والإيرانية والمليشيات الطائفية التي تحارب من أجله هي صاحبة القرار”. وكان رئيس الهيئة العليا للمفاوضات قد أنهى، أخيراً، في الدوحة، جولة شملت باريس وبرلين وبروكسيل وأبوظبي.
مفاوضات متعددة الأطراف
على صعيد متصل، تشير المعلومات إلى أن دي ميستورا لديه نية بتأجيل المفاوضات في حال عدم الوصول لنقطة تفاهم بين كيري ولافروف في الاجتماع الذي يجمع بينهما في جنيف غداً الأربعاء. وفي تصريح خاص لـ “العربي الجديد” قال الناطق باسم الهيئة العليا للمفاوضات سالم المسلط، إن “المعارضة مستعدة للتفاوض وقد شكلت وفدها بالفعل، بينما روسيا والنظام لا يريدان الدخول في العملية السياسية وهما يماطلان ويضعان العصي في عجلة العملية السياسية من أجل فرض الحل العسكري وتثبيت النظام الدموي الذي قتل مئات الآلاف من السوريين وشرد نحو 12 مليون شخص آخر” وفق تعبيره.
وعن آخر المحاولات لإفشال محادثات جنيف المحتملة، يكشف مصدر مسؤول في مجلس “سورية الديمقراطية” المقرب من القيادة الروسية، لـ”العربي الجديد”، أن المجلس أجرى خلال الأيام الماضية العديد من اللقاءات الدبلوماسية مع ممثلي الدول الفاعلة في الصراع السوري، “استعرضنا خلالها سبل إطلاق مسار الحل السياسي”، جازماً بأنه “يرفض أن يكون ملحقاً بهيئة التفاوض”.
ويوضح المصدر أنه “في حال لم تكن المفاوضات متعددة الأطراف، فإن المجلس لن يشارك في العملية التفاوضية”. كلام تفسره مصادر في المعارضة السورية بأنه يترجم خطة روسية مستجدة، تقوم على طرح فكرة المفاوضات متعددة الأطراف بعد الفشل في توسيع وفد الهيئة التفاوضية، وزجّ أسماء محسوبة على النظام السوري، أو مقربة من القيادة الروسية في الوفد الرسمي للمعارضة الذي يرأسه رياض حجاب.
العربي الجديد