أعلنت موسكو أن أنظمة الدفاع الجوية الروسية ستتعقب الأجسام الطائرة التابعة للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في مناطق غربي نهر الفرات شمالي سوريا (التي تنفذ فيها روسيا عمليات جوية) باعتبارها أهدافا، في تطور غير مسبوق عقب إسقاط التحالف طائرة حربية سورية في محافظة الرقة شمال البلاد.
وقررت موسكو تعليق تعاونها مع واشنطن حول منع الحوادث الجوية في سوريا الذي أقر في أكتوبر 2015، معتبرة أن إسقاط الطائرة السورية “عملا عدوانيا”.
وتزامن هذا التصعيد المفاجئ مع إطلاق إيران من أراضيها للمرة الأولى صواريخ بالسيتية ضد مواقع لتنظيم داعش في محافظة دير الزور شرقي سوريا، في رسالة موجّهة إلى الولايات المتحدة أكثر منها إلى التنظيم الجهادي.
واتهمت روسيا الاثنين الولايات المتحدة بعدم “إبلاغها” بأنها ستسقط المقاتلة السورية وطالبتها “بتحقيق معمق” في سلوك عسكرييها خلال هذا الحادث.
وهذه ليست المرة الأولى التي تتخذ روسيا خطوة تعليق مذكرة التعاون بشأن منع الحوادث الجوية في سماء سوريا المزدحمة، إذ كانت علقت قناة التواصل مؤقتا بعد الضربة الأميركية على قاعدة عسكرية للجيش السوري في أبريل الماضي، بيد أنها المرة الأولى التي تلوح باستهداف الطائرات التابعة للتحالف.
وقالت موسكو “ستتم مراقبة مسار الطائرات والطائرات المسيرة التابعة للتحالف الدولي التي ترصد غرب الفرات، وستعتبرها المضادات والقوة الجوية أهدافا”.
وخلال الفترة الماضية حقق الجيش السوري بدعم من الطيران الروسي تقدما لافتا ضد الجهاديين غرب الفرات امتد من محافظة حلب إلى محافظة الرقة المحاذية، وبات على بعد 40 كلم فقط من مدينة الرقة التي تشهد عملية عسكرية كبرى تقودها قوات سوريا الديمقراطية على الأرض لطرد عناصر داعش.
وأسقط التحالف الدولي مساء الأحد، طائرة مقاتلة سورية من طراز “أس يو – 22″ بعد إلقائها “قنابل بالقرب من مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية جنوب الطبقة” في ريف الرقة الجنوبي الغربي، وفق بيان له.
وجاء إسقاط الطائرة بحسب التحالف بعد ساعتين على هجوم مقاتلين موالين للنظام على مواقع لقوات سوريا الديمقراطية في بلدة أخرى جنوب غرب الرقة ما أدى إلى إصابة عناصر من تلك القوات وخروجها من البلدة.
وأكد التحالف أن إسقاطه للطائرة جاء “وفقا لقواعد الاشتباك والحق في الدفاع”، مشددا على أنه لا يرغب في التصعيد.
وكان الجيش السوري سبق التحالف بالإعلان أن طيران الأخير استهدف “إحدى طائراتنا المقاتلة في منطقة الرصافة بريف الرقة الجنوبي أثناء تنفيذها مهمة قتالية ضد تنظيم داعش”.
وتعد حادثة إسقاط الطائرة الحربية أخطر المناوشات بين التحالف والجيش السوري.
ويدعم التحالف الدولي قوات سوريا الديمقراطية في الحملة العسكرية لطرد داعش من الرقة. وتمكنت تلك القوات من السيطرة على مناطق واسعة شمال وغرب وشرق المدينة قبل دخولها إليها في السادس من الشهر الحالي والسيطرة على أحياء عدة.
وبقي الجيش السوري لفترة طويلة بمنأى عن محافظة الرقة، ودخلها أخيرا الشهر الحالي وسيطر على مناطق واسعة في ريفها الغربي وجنوبها الغربي بعد معارك مع الجهاديين إلى أن وصل إلى مناطق تماس مع قوات سوريا الديمقراطية.
ويقول خبراء إن الجيش المعزز بميليشيات إيرانية يهدف في الواقع إلى استعادة محافظة دير الزور المحاذية للرقة في شرق البلاد والتي تقع بمعظمها تحت سيطرة الجهاديين. ويسعى إلى دخولها من ثلاث جهات: جنوب الرقة ومنطقة البادية والمنطقة الحدودية جنوبا. ويشكل هذا التقدم ضررا للخطط الأميركية في سوريا، الهادفة إلى تكريس نفوذ لها في شرق وشمال سوريا وأيضا منع إيران من إقامة مشروع الحزام الأمني الذي يمتد من العراق مرورا بسوريا وصولا إلى لبنان.
وخلال الأسابيع الماضية، استهدف التحالف الجيش السوري والميليشيات الإيرانية التي كانت تتقدم باتجاه التنف عند مثلث الحدود العراقية السورية الأردنية. وعادة يقول التحالف إنه يرد دفاعا عن قواته، مؤكدا أنه لا يريد الدخول في مواجهة مع النظام.
ويرى سام هيلر، الخبير في الشؤون السورية في مؤسسة “سانتشري” للدراسات، أنه لا يبدو أن أيا من الطرفين يريد التصعيد.
العرب الندنية