بغداد – تروّج دوائر سياسية وإعلامية شيعية عراقية لدور مستقبلي كبير للحشد الشعبي المكوّن بشكل أساسي من ميليشيات شيعية مسلّحة في قيادة البلاد، كاشفة عن وجود توجّه لدى عدد من كبار القادة السياسيين الشيعة لاستخدام تلك القوّة التي اكتسبت وزنا من خلال مشاركتها في الحرب على داعش، وبات قادتها يحظون بقدر من الشعبية، في إحكام القبضة على السلطة في مرحلة ما بعد التنظيم المتشدّد، بعد أن كانت قد استخدمت ميدانيا في السيطرة على عدّة مناطق بالبلاد.
ولفتت عالية نصيف، النائبة بالبرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون بقيادة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، إلى ما سمّته “ظهور قوى سياسية جديدة متمثلة بقيادات الحشد الشعبي والحشود الوطنية التي واجهت داعش”، معتبرة أنّ ظهور تلك القوى هو ما يفسّر انشغال الكتل السياسية بالانتخابات في وقت مبكر.
ويخوض العراق في ربيع 2018 انتخابات برلمانية تكون محدّدة في اختيار أول رئيس للوزراء يقود الحكومة في مرحلة ما بعد إنهاء احتلال تنظيم داعش للمناطق العراقية، وهي المرحلة التي يأمل عراقيون أن تكون مختلفة وأن تحمل تغييرات جذرية على رأسها المجيء بقيادات جديدة للبلاد غير تلك التي حكمتها منذ 2003 وأفضت بالدولة إلى وضع أشبه بالانهيار.
لكن الطبقة الحاكمة في الوقت الراهن، وعلى رأسها كبار قادة الأحزاب الشيعية، لا تزال تمتلك من أسباب القوّة السياسية والإعلامية والمالية، وحتى العسكرية (الميليشيات المسلّحة) ما يتيح لها الاحتفاظ بالسلطة مستقبلا.
ويرى مراقبون أن الرهان على الحشد للعب دور سياسي، بعد الدور العسكري، توجّه إيراني هادف لضمان عدم خروج حكم العراق من أيدي كبار رموز الولاء لطهران، وعلى رأسهم زعيم حزب الدعوة الإسلامية، نوري المالكي الذي يجد في الميليشيات أفضل وسيلة للعودة إلى رئاسة الحكومة بعد أن فقد شعبيته، وأصبح موضع نقمة الغالبية العظمى من العراقيين بفعل فداحة أخطائه وضعف حصيلة فترة قيادته للبلاد التي استمرّت لثماني سنوات حتّى 2014 وخلّفت نتائج كارثية في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.
وقالت مصادر عراقية إنّ دور الحشد الشعبي في مستقبل العراق في مرحلة ما بعد داعش، مثّل أهمّ محاور مشاورات نوري المالكي مع القادة الإيرانيين خلال زيارته الأخيرة لطهران، وهو ما عكسه الخطاب الإعلامي الذي واكب الزيارة، حيث حرص زعيم حزب الدعوة ووسائل الإعلام التابعة له على التركيز على الحشد والثناء على دوره في مواجهة تنظيم داعش.
وبينما قدّم نوري المالكي نفسه كمؤسس للحشد وكحام له ومدافع على دوره، اعتبرت طهران على لسان علي شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي أن تلك الميليشيات تشكل قوة استراتيجية لحفظ الأمن المستقبلي للعراق، مثنية على مصادقة البرلمان العراقي على قانون الحشد الشعبي.
ورغم ما تواجهه الدولة العراقية من نكسات، وصف شمخاني المسار السياسي الحالي في العراق بقيادة التحالف الشيعي بـ”الإيجابي” داعيا مكونات ذلك التحالف “إلى الصبر والتضحية والتناغم والتعاون”.
وتعي إيران ما يخترق العائلة السياسية الشيعية في العراق من خلافات وصراعات على السلطة امتدت إلى داخل حزب الدعوة الحاكم، والذي برز فيه قطبان؛ قطب رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي الذي يبدي تقاربا مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي لم يتوان في نقد بعض الميليشيات المشاركة في الحشد الشعبي ووصفها بـ”الوقحة”، وتيار نوري المالكي المتحالف مع أشرس قادة الميليشيات سعيا لتوظيفهم في معركة العودة إلى رئاسة الوزراء.
العرب اللندنية