يستقبل أهالي حوض اليرموك بريف درعا الغربي شهر رمضان بعد أيام وسط ظروف مأساوية من الحصار ، حيث باتت تندر في المنطقة المحاذية لحدود الجولان والأراضي الأردنية ، والتي تخضع لسيطرة خلايا تنظيم «داعش»، كافة المواد الأولية، وسط انقطاع تام للمحروقات، بفعل الحصار المفروض على المنطقة بمدنييها ومسلحيها من قبل فصائل المعارضة.
ناشطون وأهالي من المنطقة، وجدت «زيتون» صعوبة بالغة في التواصل معهم، جراء أعمال الاستهداف اليومي من جهة وانقطاع الاتصالات وضعفها في المنطقة ، فضلا عن خشية ملاحقتهم من قبل تنظيم «داعش»، أكدوا جميعا أنه سيكون «الرمضان الأقسى على السكان والنازحين» والذين يناهز عددهم عتبة 25 ألف نسمة، نتيجة عدم وجود أي مواد غوثية في المنطقة، وانقطاعها مع إغلاق المعابر التي تربط «حوض اليرموك» بغيره من مناطق درعا والقنيطرة.
الناشط حسام الحوراني يقول: «لقد انقطعت المواد الخدمية كافة ليس من الآن، بل منذ أكثر من 25 يوميا وقد قمنا كناشطين بإطلاق صرخات استغاثة نظرا لاحتواء المنطقة على آلاف السكان ، غالبيتهم من فئتي النساء والأطفال، وهؤلاء لا يستطيعون فتح أفواههم في ظل حكم خلايا داعش للمنطقة ، والتي تلاحق الناس على أي كلمة يقومون بالإدلاء بها، لكن الحال أصبح مأساوي بعد أن فرضت فصائل المعارضة نفسها ، المفترض بأنها جاءت لتخلص الناس من كوارث حكم الخلايا المتطرفة ، حصارها الكبير على المنطقة والحال لا زال على ما هو عليه بكل أسف .. ».
ويضيف الحوراني« منظمة الخدمة الإسعافية توقفت عن العمل بشكل شبه كلي في المنقطة كافة، حيث لا يتواجد فيها سوى نقطتين طبيتين مجهزتين بأشياء بسيطة ، ومن جهة أخرى لا توجد أية مواد إغاثية في متاجر المنطقة كافة سوى بعض المنظفات ، بينما وعلى النقيض مما تشاهده بالنسبة لحال المدنيين، ترى عناصر التنظيم يأكلون ما لذ وطاب وتفرض لهم الوجبات ويوزع عليهم ربطات الخبز وعلى عائلاتهم حليب الأطفال وما سواه ، فيما يرزخ الأهالي لا سيما البسطاء منهم، وهم الغالبية القصوى، بين سندان فصائل المعارضة من جهة وداعش من جهة أخرى في حالة نقيضة في الثورة لم يكن أحد يتوقع حصولها … ».
بالمقابل ، تؤكد سلام خ. وهي ناشطة في مجال حقوق الإنسان في المنطقة، أن مخاوف كبيرة باتت بالنسبة للنساء الحوامل، بالإضافة إلى أخطار مماثلة بالنسبة للأطفال حديثي الولادة والرضع ، وتشير إلى أن أكثر من 12 حالة ولادة سجلت، لم يستطع ذوي الأطفال المواليد اصطحابهم إلى المنازل على الرغم من أنهم ولدوا ولادات طبيعية، نتيجة النقص الحاد في الأغذية وحليب الأطفال، الأمر الذي استدعى إبقائهم في حواضن بسيطة في النقاط الطبية ، وتشدد على أن «حجم المخاطر يرتفع إلى الأضعاف مع حلول شهر رمضان ، وسط الانخفاض الحاد المستمر في المواد الغذائية للأمهات المرضعات ، ناهيك عن عدد ساعات الصيام الطويلة ».
هاني خ، وهو مزارع ومن سكان ذات المنطقة، يقول بدوره ل» زيتون »:« منطقة حوض اليرموك يتكون من أكثر من 20 تجمع سكاني، وجميع الأهالي هنا يعلمون كما هو معروف عنهم بالزارعة وتربية النحل ، لكن الموسم كاملا تعطل الآن نتيجة الحصار القائم، فضلا عن احتراق عشرات الدونمات من المحاصيل الزراعية من القمح والشعير والحمص ، وبالتالي خسر السكان ملايين الليرات السورية، نتيجة تحصن أيضا مقاتلي داعش وسط بساتينهم الخاصة ».
ويردف« أصبحنا كمزارعين لا نستطيع أن نلقاها لا من الجيش الحر ولا من داعش ولا من بشار الأسد وعصابته … هل هذه يسمونها ثورة !؟ الثوار لا يأكلون ولا حقوق الناس ولا يخربون أملاكهم ، الثوار يكونون مع البسطاء ويشعرون بمعاناهم، وإلا من سيشعر بهم، لا سيما مع اقتراب الشهر الفضيل .. !! ».
كذلك، تشكو أم سليمان، وهي أم لعدة أطفال صغار، من عدم وجود أية مواد غذائية في بيتها، وتستنجد بالفصائل المعارضة قائلة: «أناشدهم بالله إذا كانوا بالفعل يعبدون الله ونحن على أبواب رمضان ، أن يرحموا الناس التي لا ناقة لها ولا جمل ، الأهالي الذين ذاقوا الويلات من بشار الأسد وجنوده ومن ثم من داعش والآن من الجيش الحر » .
وتضيف «إذا كانوا يعرفون معنى رمضان، فيجب عليهم أن يعلموا أننا سنصوم ولا يوجد في بيوتنا أية مواد تأكل ، بل نعيش على حشائش الأرض والله يشهد على كلامي .. ولا نستطيع أن نشكو أكثر من ذلك لأن الشكوى لغير الله مذلة …».
يشار إلى أن منطقة «حوض اليرموك» تخضع لسيطرة كل من «لواء شهداء اليرموك»، ومؤخرا «حركة المثنى»، وهما فصيلان إسلاميان مبابعان ا »داعش»، وقد أعلنا مؤخرا اندماجهمها في تشكيل جديد سمي «جيش خالد بن الوليد»، فيما تشن فصائل المعارضة حربا بلاهوادةضد كلا التنظيمين، لا زالت مستمرة منذ أشهر، كما دخلت قبل نحو شهر ونصف في مرحلة جديدة ، عبر فرض المعارضة حصارا على كافة أرجاء المنطقة عبر محوري «سحم الجولان» و »عين ذكر»، وهما بلدتان تقعان على خطوط التماس بين الطرفين المتقاتلين غرب درعا.
المصدر: جريدة زيتون