قال رئيس مجموعة الصداقة التركية الأمريكية في البرلمان التركي، علي صاريقايا “على المجتمع الدولي وأصدقائنا، أن لا يساورهم أدنى شك في أن تركيا ستقود مرحلة حالة الطوارئ والعملية القضائية، بالتوازي مع رعاية حقوق الإنسان، وسيادة القانون، واحترام المعايير الدولية ومبادئ القانون الدولي”.
جاء ذلك في رسالة وجهها صاريقايا، اليوم الجمعة، للرؤساء المشاركين في مجموعة الصداقة التركية الأمريكية بالكونغرس الأميركي، “إد ويتفيلد”، و”ستيف كوهين”، و”فرجينيا فوكس”، و”جيري كونولي”، حول حالة الطوارئ، والقرارات المتخذة في إطار مكافحة منظمة الكيان الموازي/ فتح الله غولن الإرهابية، التي نفذت محاولة انقلاب فاشلة في 15 تموز/ يوليو الجاري، عبر عناصر تابعة لها ومتغلغلة في الجيش.
وأوضح صاريقايا الذي يشغل أيضًا منصب نائب في البرلمان التركي عن حزب العدالة والتنمية، في رسالته، أن محاولة الانقلاب الفاشلة هزَّت الشعب التركي، وأضاف “إن هذه المحاولة، استهدفت المدنيين الأبرياء الذين وقفوا في مواجهة الانقلابيين بطريقة سلمية، للذود عن الديمقراطية، والنظام الدستوري، وسيادة القانون، ومؤسسات الدولة، وإرادته التي تجلت عبر انتخابات شرعية”.
وأضاف صاريقايا “خلال تلك المحاولة والهجمات التي تخللتها، تم قصف حرم البرلمان، هذا المكان الذي تتجلى فيه الإرادة الوطنية، إن تلك الهجمات تمت في وقت كان البرلمان فيه يعقد إحدى جلساته، تلك الهجمات التي شنت بواسطة طائرات حربية ومروحية، استهدفت أرواح النواب الموجودين وقتها تحت قبة البرلمان”، مشيرًا أن نوابًا من جميع الأحزاب السياسية سارعوا ليلة المحاولة الانقلابية الفاشلة بالقدوم إلى البرلمان، في مبادرة ترمي لإظهار موقفهم الواضح والداعم للديمقراطية، لكن ورغم كل الهجمات العنيفة والقصف لم يترك أولئك النواب البرلمان، مشددًا أن البيان المشترك الذي أعلنه النواب في تلك الليلة، كان بمثابة “إعلان موجّه للعالم كله، يؤكّد إرادة لا تتزعزع تجاه التمسك بالديمقراطية”.
ولفت صاريقايا أن القصف الذي استهدف المجلس، لم يخلف أضرارًا على الصعيد المادي فحسب، بل أدى لنشوء جروح غائرة في روح البرلمان، شاكرًا جميع نظرائه الذين تقدموا بالتعازي وتقاسموا مع تركيا الحزن ودعموا الشرعية والديمقراطية المتمثلة بالحكومة المنتخبة والبرلمان.
ونوه صاريقايا، بأن تركيا تواجه منذ نحو ثلاث سنوات، محاولات متعددة الأشكال تستهدف الاستيلاء على الدولة والحكومة، وأن المحاولة الفاشلة جرت خارج التسلسل الهرمي للجيش، مشددًا على أن المحاولة الفاشلة التي نفذتها عناصر متغلغلة في الجيش تتبع لمنظمة فتح الله غولن الإرهابية، كانت محدودة، لكنها أخذت أبعادًا خطيرة في الوقت نفسه، بسبب قوة السلاح الذي تملكه، وأن المحاولة أدت لفقدان مئات الأشخاص أرواحهم، وإصابة أكثر من ألف آخرين بجروح متفاوتة الخطورة.
وتابع صاريقايا “رغم أن هذه المحاولة لا يمكن أن تعزى لكامل منتسبي قواتنا المسلحة الأبية، التي لا يساورنا أي شك في مدى ولائها للديمقراطية والنظام الدستوري، إلا أن ما جرى قد دخل التاريخ كحادثة مريرة تُذَكّر جميع الدول الديمقراطية بأهمية مكافحة الخلايا الإرهابية والمنظمات غير الشرعية ضمن القوات المسلحة”.
وذكَّر صاريقايا، بأن العملية القضائية الخاصة بمدبري الانقلاب الذي صدّه أبناء الأمة التركية “بتضحية لا نظير لها” لصون الديمقراطية والحرية، جارية على قدم وساق، منوهًا أن الكثير من الأشخاص ضالعون في تلك العملية التي كانت تهدف لمصادرة إدارة الدولة واختطاف الإرادة الوطنية.
وشدد صاريقايا، على أهمية المعلومات والوثائق التي تم الوصول إليها من خلال التحقيقات الأولية وعمليات التحري والتفتيش، في الكشف عن الأسماء المتورطة في المحاولة الانقلابية داخل القوات المسلحة وخارجها، وأن أعداد المتورطين يناهز الآلاف.
وأضاف: “وجدت الحكومة التركية نفسها مضطرة لإعلان حالة الطوارئ في كافة أنحاء البلاد، استنادًا للدستور، بهدف اتخاذ وتطبيق جميع الخطوات اللازمة والكفيلة بالقضاء على هذا الخطر الذي يهدد الديمقراطية، وسيادة القانون، وحقوق مواطنينا وحرياتهم، بسرعة وفعالية، وعليه يجب على المجتمع الدولي وأصدقائنا، أن لا يساورهم أدنى شك في أن تركيا ستقود مرحلة حالة الطوارئ والعملية القضائية، بالتوازي مع رعاية حقوق الإنسان، وسيادة القانون، واحترام المعايير الدولية ومبادئ القانون الدولي”.
وأعرب البرلماني التركي عن اعتقاده بأن المجتمع الدولي والدول الصديقة ستقدم الدعم في جميع المنابر لنضال تركيا المشروع وستشارك جميع الأحزاب السياسية التركية في التصدي لمنظمة فتح الله غولن الإرهابية، التي سعت لتنفيذ محاولة انقلابية فاشلة في منتصف تموز/ يوليو الجاري، وقال “أتمنى إقامة حوارات مثمرة ومكثفة قريبًا، وبرامج تعاون بين البرلمانات في هذا الصدد”.
إلى ذلك، علم مراسل الأناضول من مصادر في البرلمان التركي، أن صاريقايا ومجموعة تتألف من أعضاء يمثلون الحزب الحاكم والأحزاب المعارضة، ستتوجه قريبًا إلى العاصمة الأميركية واشنطن، للقاء أعضاء في الكونغرس وأعضاء في منظمات المجتمع المدني لشرح المحاولة الانقلابية الفاشلة التي شهدتها تركيا ودور منظمة فتح الله غولن الإرهابية فيها.
وشهدت العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول، في وقت متأخر، من مساء الجمعة (15 تموز/يوليو)، محاولة انقلابية فاشلة، نفذتها عناصر محدودة من الجيش، تتبع لمنظمة “فتح الله غولن” (الكيان الموازي) الإرهابية، حاولوا خلالها إغلاق الجسرين اللذين يربطان الشطرين الأوروبي والآسيوي من مدينة إسطنبول (شمال غرب)، والسيطرة على مديرية الأمن فيها وبعض المؤسسات الإعلامية الرسمية والخاصة.
وقوبلت المحاولة الانقلابية، باحتجاجات شعبية عارمة في معظم المدن والولايات، إذ توجه المواطنون بحشود غفيرة تجاه البرلمان ورئاسة الأركان بالعاصمة، والمطار الدولي بمدينة إسطنبول، ومديريات الأمن في عدد من المدن، ما أجبر آليات عسكرية كانت تنتشر حولها على الانسحاب مما ساهم بشكل كبير في إفشال المخطط الانقلابي.
جدير بالذكر أن عناصر منظمة “فتح الله غولن” الإرهابية – غولن يقيم في الولايات المتحدة الأميركية منذ عام 1999- قاموا منذ أعوام طويلة بالتغلغل في أجهزة الدولة، لا سيما في الشرطة، والقضاء، والجيش، والمؤسسات التعليمية، بهدف السيطرة على مفاصل الدولة، الأمر الذي برز بشكل واضح من خلال المحاولة الإنقلابية الفاشلة.
الأناضول