تشير الخطوة العسكرية للولايات المتحدة الأميركية في شمال شرقي سوريا، إلى أنها جاءت رداً على تطورات جرت في المنطقة خلال الأيام الماضية.
وعلى الرغم من أن الناطق باسم التحالف الدولي -الذي لم يمض على تسلمه منصبه أقل من شهر- عزا في بيان، في 18 من أيلول الجاري، سبب التعزيز العسكري الأخير لأميركا في شمال شرقي سوريا لمواجهة تنظيم “الدولة”، “لازدياد نشاطه”، إلا أن مراقبين يرَون أن هذه الخطوة تشكل رسالة مباشرة لروسيا، التي تستميت في تحركاتها من أجل التمدد أكثر قرب حقول النفط.
روسيا تتحرك على صعيدين في مناطق “قسد”
منذ منتصف آب الفائت، وحتى منتصف أيلول الجاري، دارت العجلة العسكرية الروسية بشكل متسارع نحو مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، بغية التوسع وتثبيت النفوذ.
رصد موقع تلفزيون سوريا، خلال هذه الفترة إرسال روسيا عشرات المدرعات والحافلات تحمل جنوداً إلى قاعدتها في مطار القامشلي، التي تعد القاعدة الرئيسية الثالثة لها في سوريا بعد قاعدتي “حميميم” و”طرطوس”.
ووفق مصادر محلية، فإن روسيا عززت قاعدتها في مطار القامشلي، بمعدات لوجستية وأخرى عسكرية، حيث وصل إلى القاعدة الروسية أكثر من 40 حافلة عسكرية، ضمت وقوداً ومواد لوجستية، كانت قادمة من الطريق الدولي “M4” من جهة عين عيسى، وبرفقتها حوامات عسكرية.
ولم تكن روسيا تمتلك نفوذاً بارزاً في محافظة الحسكة، إلا أن شهر تشرين الأول 2019، كان بداية تغلغلها في المحافظة، بعد أن وضعت قدماً لها في مناطق شمال شرقي سوريا، إثر تدخلها لإيقاف هجوم الجيش التركي على “قسد” في منطقة شرق الفرات ضمن عملية “نبع السلام”.
اقرأ أيضاً: خطوتان أجرتهما القوات الروسية في الحسكة لتثبيت نفوذها
وبين الحين والآخر تحاول روسيا إبراز قدراتها العسكرية في هذه المنطقة، في رسالة إلى اللاعب الأميركي الذي يؤكد مرة بعد أخرى أن شمال شرقي سوريا وما تحتويه من حقول نفط وغاز هي من حصته، وهو ما يغضب روسيا التي تسعى بشكل مستميت للوصول إلى منابع النفط علّها تجد متنفساً اقتصادياً لنظام الأسد المتهالك.
اقتصادياً
التحركات الروسية الأخيرة لم تقتصر على الجانب العسكري، بل التفتتْ روسيا إلى الجانب الاقتصادي في مناطق “قسد”، إذ وجدت فيه فرصة لتعليل التبادل التجاري مع نظام الأسد، لإحداث اختراق في عقوبات “قيصر” المفروضة على النظام.
وعملت الشرطة العسكرية الروسية مطلع أيلول الجاري، على إعادة تشغيل الطريق الدولي “M4” الواصل بين بلدة تل تمر بريف الحسكة ومدينة رأس العين بريف الرقة، بعد أن توقف عن العمل في تموز الفائت، نتيجة إجراءات الحظر بسبب فيروس “كورونا”، مع الإشارة إلى أن هذا الطريق يعج بالدوريات الأميركية التي يبدو أنها لا تعارض الفكرة.
وعبرت أول قافلة من تل تمر إلى عين عيسى، في نهاية أيار الفائت، بعد التوصل إلى تفاهمات بين القوات الروسية والتركية الموجودة على جانبي الطريق.
وتوقف العمل على طريق “M4” في جهته الواصلة بين الحسكة والرقة في تشرين الأول 2019، أي مع بدء تركيا عملية “نبع السلام”، ويعد هذا الطريق الشريان الاقتصادي المهم بالنسبة لمناطق شمال شرقي سوريا.
ووفق تحليل بياني أعدّه موقع “COAR “، الذي تشرف عليه مجموعة من المختصين والخبراء الذين يقدمون دراسات وتحليلات حول سوريا، بشكل أسبوعي، فإن فتح طريق تل تمر- عين عيسى يعتبر حدثاً بارزاً للتعاون السياسي بين “قسد” ونظام الأسد، خاصة وأنه يأتي في ظل انهيار اقتصاد النظام بسبب الانخفاض الشديد لقيمة الليرة السورية، ما يجعل للحركة التجارية أهمية كبيرة الآن.
أميركا تراقب روسيا وترد بالمثل
لا يمكن تفسير إدخال القوات الأميركية لمعدات عسكرية جديدة قبل أيام إلى شمال شرقي سوريا، إلا أنها تأتي كرد على التحركات الروسية، فالمنطقة تشهد سباقاً محموماً بين الطرفين منذ مطلع العام الجاري، تطور في كثير من الأحيان إلى صدامات واستعراضات للقدرات العسكرية عبر الطائرات المقاتلة.
يرجح كثيرون كفة أميركا على روسيا في هذه المنطقة لجهة قدمها فيها إلى جانب سيطرتها على جميع حقول النفط والغاز فيها، ما يعزز تحكمها بإدارة المنطقة، حتى وإن أجرت “قسد” وأجسامها السياسية لقاءات ومشاورات مع الروس.خلال الأيام الماضية أدخلت أميركا إلى مناطق “قسد” رادار سنتينال “AN / MPQ-64 Sentinel، أو “الرادار الحارس” هو رادار ثلاثي الأبعاد، يستخدم لتنبيه أسلحة الدفاع الجوي قصير المدى واصطفافها في مواقع الأهداف المعادية التي تقترب من قوات خط المواجهة، نشره الجيش الأميركي مع وحدات دفاعه الجوي الأمامي في مختلف مناطق وجوده.
كما زادت أميركا من عدد عربات برادلي – Bradley في سوريا، حيث تم إدخالها للمرة الأولى في أيلول في العام 2014، وذلك في إطار العمليات العسكرية ضد تنظيم “الدولة”، لتختفي بعد ذلك، وتظهر مرة أخرى ضمن قافلة للقوات الأميركية في منطقة عين العرب شرقي الفرات في تشرين الثاني من العام 2019، ثم الآن في أيلول الجاري في ريف الحسكة.
وقال التحالف في بيان، تعليقاً على هذا النوع من العربات العسكرية، “توفر مركبات برادلي القتالية المرونة السريعة اللازمة لحماية الموارد البترولية المهمة”، في إشارة وتأكيد على أن أميركا ستمنع الجميع من الوصول إلى منابع النفط.
نقلا عن تلفزيون سوريا