في حادثة جديدة من قتل الإعلاميين وتكسير الأقلام الحرة وإطفاء الشموع ودفن المظلومين مع معاناتهم، اغتيل الإعلاميين “رائد الفارس وحمود الجنيد” بدم بارد ووسط الزحام في شوارع مدينة كفرنبل دون أن يبالي القاتل بجريمته.
من ضمن سياسات النظام في وأد الثورة السورية وإنهاء الرأي الحر محاربة الإعلام والإعلاميين الذين كانوا مرآة للمجتمع يعكسون صوت الحق وصورة الواقع للعالم، ويترجمون الحروف المبعثرة على شفاه المظلمون إلى حقيقة موجودة في قلوبهم.
عمل النظام منذ بدء الثورة السورية على إطفاء مشاعل الحرية وعمد على قتل كل من صدح في الشوارع وهتف للحرية ورفع الظلم، وكان الإعلاميين والناشطين هم المجهر الذي أرى العالم ما يجري بسوريا من ظلم وقتل وتشريد بحق الشعب الأعزل، فكان عدد من الإعلاميين يلتقطون بكاميراتهم ما يجري على الأرض وينقلون بأقلامهم معاناة كل طالب للحرية ومظلوم.
رغم كل ما عمله الإعلاميون وما قدموه للشعب السوري يكونون ضحية لأياد خفية اعتقلتهم وضربتهم وأهانتهم وقتلتهم بعد أن كانوا يد بيد مع الشعب في مظاهراته ضد النظام ومرافقين للثوار في معاركهم ضد قوات النظام.
اليوم الجمعة أقدم مجهولون وأمام مرأى الناس في مدينة كفرنبل جنوب إدلب على قتل ابن مدينة كفرنبل “رائد الفارس” مدير راديو فرش ومؤسسها عام 2013 ومن أوائل الناشطين في الحراك السلمي في المدينة ضد النظام منذ بداية الثورة، وفي عام 2014 تعرض لمحاولة اغتيال ليقول في المشفى “أعرف انه سيحدث لي شيئا لينطفئ سراج أخر وسط الظلام” واغتيل أيضاً المصور “حمود الجنيد” لتهتز المدينة لقتلهم ليهرب الجاني دون أن يترك أثر خلفه سوى شهداء الفكر تركهم على قارعة الطريق مضرجون بدمائهم التي طالما كتبوا بها عبارات الحرية واسقاط النظام .
ومنذ أيام قامت إحدى الفصائل في عفرين شمال حلب باعتقال أحد الإعلاميين النازحين الذي كان يصور بكاميرته حال المدنيين هناك ليعود في طريقه إلى منزله ويتم اعتقاله دون أن يعلم جريمته، ليرمى بعد أيام على أحد الطرقات وقد أشبعوه ضربا وإهانة، ليتساءل ماذا فعل فهل لأنه يقف مع المدنيين ويساعدهم في التغلب على معاناتهم أم أن النظام يوكل بعض الأشخاص باسم الثورة السورية لقتل كل قلم وعلم وقائد ومعارض والمضي قدما في زيادة معاناة الشعب وقتل كل من يساندهم بقلم أو بعمل.
على مدى سنوات الثورة لم يجد الإعلامي نفسه إلا ممثلا للمظلومين وشاهدا وموثقا للحقيقة لكن الأقلام تكتب مالا يطيقه البعض والكاميرات تصور ما يجنيه البعض ليكون في النهاية هدفا للصوص والمجرمين قبل أن تكون الفريسة هدفهم فالسارق والقاتل يطفئ الضوء ويقطع الصوت ويعمي العيون لينفذ جريمته في حق المظلومين .
عندما تسكت الإعلام والفكر الحر وتكسر الأقلام ستسقط بعده مباشرة لأنك تدفن سلاحك الأقوى ويبقى عدوك بإعلامه الوحيد يقاتلك دون أي إعلام يناصرك وستهوي دون أن يعلم بك أحد.
المركز الصحفي السوري