قارن موقع “ذا إنترسيبت” بين الإيجازات الصحافية “السخيفة” التي يقدمها الرئيس دونالد ترامب حول مواجهة وباء كورونا في أمريكا وبين ما تقوم بقية دول العالم به من إطلاع مواطنيها على الجهود التي تقوم بها.
والفرق كما يقول روبرت ماكي هو أن الدول الأخرى التي تراقب إيجازات الرئيس اليومية بدهشة، حشدت كل الخبراء العلميين لتقديم معلومات صلبة بدلا من ترك الرئيس يخبر الأمريكيين بآرائه العلمية التي لا تقوم على دليل.
وقال ماكي إن الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها فهم الضرر الذي يحدثه ترامب كل يوم على جهود مكافحة فيروس كورونا وعلى نفسه حارفا نظر الرأي العام عن الجهود الطارئة والآراء التي يقدمها العلماء هي النظر إلى الكيفية التي تعاملت فيها الديمقراطيات الأخرى مع المرض.
الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها فهم الضرر الذي يحدثه ترامب كل يوم على جهود مكافحة فيروس كورونا وعلى نفسه هي النظر إلى الكيفية التي تعاملت فيها الديمقراطيات الأخرى مع المرض
ففي اليونان، يخبر الأمة في الساعة السادسة من كل مساء الدكتور سوتيريوس تسيودراس، أستاذ علم الأدوية الذي درس في هارفارد ويقود الآن جهود الحكومة لمواجهة الفيروس. وعادة ما يقرأ تسيودراس من ملاحظات مكتوبة، ونسب إليه الفضل في إقناع الرأي العام بالبقاء في بيوتهم. وعندما دعا المواطنين لمساعدة الكبار وبصوت متهدج كان أثر ذلك واضحا على الطريقة التي استجابوا فيها له.
وفي يوم الجمعة أعلن تسيودراس عن 56 حالة إصابة جديدة بكوفيد-19 وأربع وفيات مما يرفع عدد الإصابات إلى 2.011 حالة و90 حالة وفاة. وأنهى إيجازه بدعوة لدعم الروما/الغجر وهي أقلية في البلاد “ولا مكان للتمييز والكراهية والخوف والانقسام أو التفرقة في مجتمعنا وبقية العالم” ودعا للتضامن والوحدة لمحاربة الوباء.
واستخدم رئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوكاكيس حسابه على تويتر لا ليهاجم حكام الأقاليم أو التذمر من أثر الإغلاق على الاقتصاد بل وليثمن حالة الإغلاق وأثرها على مواجهة الفيروس. وربما عاش الأمريكيون عالما موازيا مثل اليونانيين لو توقف ترامب عن التعليق على الموضوع وترك الأمر للدكتور أنطوني فوتشي لكي يتعامل مع الموضوع من خلال الحقائق العلمية والإيجازات المنطقية مع بعض التعليقات العاطفية حول التباين في الخدمات الصحية بأمريكا.
وفي فرنسا لا يظهر الرئيس إيمانويل ماكرون في الصورة عندما يتم تقديم الإيجازات اليومية حول مكافحة كوفيد- 19. فقد ترك الأمر للدكتور جيروم سالمون، عالم الأوبئة والمستشار الطبي لوزارة الصحة. وفي مؤتمراته الصحافية يسمح سالمون للأسئلة لأن الرئيس يريد حسب مجلة “لأبس” أن يأخذ الرأي العام معلوماته من خبير يوثق به لا من سياسي. ومع أن الرئيس قضى الخميس مع الدكتور ديديه راولت، عالم الفيروسات، لبحث عقار ممكن ضد الفيروس (هيدروكسي كلوروكوين) إلا أنه وعلى خلاف ترامب رفض المصادقة على عقار لم يجرب. ويخبر الألمان يوميا عن مكافحة البلد للفيروس، مدير معهد روبرت كوخ، لوثر ويلر، وهي المؤسسة المسؤولة عن التحكم بالأمراض.
وفي أيرلندا يحصل الأيرلنديون على معلوماتهم من الدكتور توني هولوهان، المستشار الطبي الأكبر، مع أن رئيس الوزراء الحالي ليو فارادكار هو طبيب بالمهنة. وأصبح هولوهان مثل فوتشي وتسيودراس نجما منذ بداية الأزمة لأن الرأي العام رأى فيه رجلا نزيها يتحدث بلغة واضحة.
وفي كندا يحصل الكنديون على إيجازين وبلغتين، تقدم الأول كريستيا فريلاند، نائبة رئيس الوزراء، ولكنها تحيل الأمر إلى المستشارة الطبية البارزة دكتور تيريزا تام ونائبها الدكتور هاوارد نجو. وبدلا من مهاجمة منافسيه، كرس رئيس الوزراء جاستين ترودو أحاديثه الصحافية لأهمية اتباع الكنديين نصائح العلماء. وعلى المستوى الإقليمي في كندا وبريتش كولومبيا تقود الإيجازات بوني هنري، والتي كانت متواضعة للاعتراف أن السبب في نجاح الجهود مرتبط “بالحظ”.
وفي إسبانيا يقدم الوزراء الإيجازات إلى جانب الخبير الطبي دكتور فيرناندو سيمون، مدير مركز الطوارئ الصحية، والذي أصيب في بالفيروس بآذار/مارس وأصبح شخصية شعبية حيث انضم للإيجاز اليومي من خلال الحجر الصحي.
وحتى في الدول التي يتولى القادة فيها الدور القيادي، التزموا بالتصرفات الصحية المطلوبة من ناحية التباعد الاجتماعي وارتداء الأقنعة الواقية، كما في النمسا واليابان. وفي دولة التشيك دعا رئيس الوزراء أندريه بابيس، الشعبوي مثل ترامب والمعادي للهجرة، إلى حالة الطوارئ حتى قبل أن تسجل حالة كوفيد-19 في البلاد. وفوض بابيس وزير الصحة بتقديم الإيجازات الصحافية لوزير الصحة وفرض الأقنعة الواقية على المواطنين ويرتدي هو واحدا عند إلقائه خطابات.
وفي بريطانيا وجهت انتقادات للحكومة بأن بياناتها الصحافية سياسية. وحتى إصابته بالمرض ظل بوريس جونسون يصافح، خاصة عندما كان يزور مرضى كورونا. لكن الحكومة تأكدت من وجود خبراء صحة مع الوزراء في كل إيجاز صحافي كانوا يجيبون على أسئلة الصحافيين.
وسمح رجب طيب أردوغان رئيس تركيا للخبراء بالحديث بحرية، وحتى الرئيس البرازيلي جاير بولسونارو. واتهم أردوغان بالتقليل من الخطر لكنه سمح لوزير الصحة فخر الدين كوتشا بتقديم إيجازات علمية يومية. وشجب بولسونارو التباعد الاجتماعي وهدد بفصل وزير الصحة لوي هنريك مانديتا، لكنه سمح للأطباء بإدارة المؤتمرات الصحافية. ويشترك بولسونارو مع ترامب في الاعتقاد بنجاعة عقار الملاريا لمكافحة كوفيد-19.
المصدر: القدس العربي