حذر محللون من إمكانية توسع التورط الأميركي في سوريا ولأشهر، حيث تقوم واشنطن بفتح جبهة جديدة ضد تنظيمات غير تنظيم الدولة “، كل هذا رغم وعود الإدارة الأميركية بمحدودية العمل العسكري.
وكانت المقاتلات الأميركية قد استهدفت يوم الخميس مواقع لتنظيمات تابعة للقاعدة في سوريا، حيث شنت خمس غارات على مواقع، قالت القيادة الوسطى إنها استهدفت التنظيم الغامض “خراسان”، ولكن ناشطين على الأرض قرب المناطق التي تعرضت للهجمات قالوا إن الهدف الحقيقي كان تنظيم جبهة النصرة، الذي هزم جماعات سورية مقاتلة في ريف إدلب الأسبوع الماضي.
ويقول موقع “ديلي بيست” إن الهجمة على معبر الباب قرب الحدود التركية، كان محاولة لمنع سقوط المعبر الاستراتيجي بيد مقاتلي القاعدة، خاصة أنه الشريان الرئيسي لعبور المواد الغذائية والعسكرية للمعارضة المحاصرة في مدينة حلب.
ويواصل “ديلي بيست” إن العملية تعتبر تحولا مهما في ضوء تأكيد الإدارة الأميركية أنها ستتجنب الجماعات التي قاتلت إلى جانب المعارضة السورية وضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
ويشير التقرير إلى أن اجتماعا عقد لعدد من مسؤولي الإدارة قبل الهجوم الأول في 22 أيلول/ سبتمبر، حيث تم ضرب مواقع لتنظيم الدولة وجبهة النصرة، حذر فيه مسؤولون استخباراتيون من أثر استهداف النصرة على الساحة السورية، وقالوا إنه سيدق إسفينا بينها وبين بقية الجماعات المقاتلة أو التي تسمى بالمعتدلة.
ويعتقد أفراد شاركوا في النقاش أن المجتمع الأمني يخشى من أن يؤدي ضرب النصرة إلى استفزاز طرف قوي ضد جماعات المعارضة المعتدلة هو ما يجري حاليا، وفق التقرير.
ويلفت الموقع إلى أنه في الغارات الأولى استهدفت الطائرات الأميركية أهدافا كانت تستخدمها النصرة و”خراسان”، وهي جماعة تابعة للقاعدة يعتقد المسؤولون الأميركيون أنها كانت تخطط لهجمات ضد طائرات تجارية. وربما كانت “خراسان” الهدف، لكن النصرة هي التي تلقت الضربة. مما أدى لانطباع لدى السوريين على الأرض أن الولايات المتحدة قصدت استهداف وضرب جبهة النصرة.
ويبين التقرير أن هناك بعض السوريين يعتقدون أن واشنطن اخترعت تنظيم “خراسان” كمبرر لضرب النصرة. وهو ما قاد الأخيرة للهجوم على الجماعات السورية المتعاونة مع الولايات المتحدة، واصفة إياها بالفاسدة والعميلة للإدارة الأميركية.
وينقل التقرير عن مسؤول أميركي سابق قوله “تطورت أهداف الغارات الجوية من مواجهة (داعش) في العراق، لتواجه الأخير والنصرة في سوريا؛ لأنهما يمثلان تهديدا للمعارضة السورية”.
ويعلق الموقع بأنها القوى ذاتها التي تريد الولايات المتحدة تدريبها وتسليحها كي تقوم بتدمير “داعش”. وهي ذاتها التي تحاول الإدارة الأميركية حمايتها في الغارات الأخيرة على النصرة.
ويقول كريستوفر هامر، الضابط السابق في البحرية الأميركية، والمحلل في معهد دراسات الحرب في واشنطن “لو قامت الولايات المتحدة بضرب النصرة دون الأسد، فكل سوري عادي سيرى في الهجمات محاولة أميركية لمساعدة وتشجيع وتقوية نظام الأسد”.
ويضيف هامر للموقع “ليس لأن السوريين يحبون النصرة، ولكن لأن النصرة تقاتل ضد الأسد، فيما بحثت الولايات المتحدة عن كل مبرر لتجنب الدخول في الحرب”.
ويلاحظ التقرير تأكيدات الإدارة الأميركية عندما شنت الهجمات الأولى على سوريا ضد “خراسان” أنها لم تستهدف جبهة النصرة، حيث كانت معنية بعدم الظهور بمظهر من يقوم بضرب جماعة تحتفظ بدعم شعبي؛ لأنها تعارض الأسد.
ويجد التقرير أنه لهذا برّر البيت الأبيض استهداف تنظيم النصرة؛ لأن “خراسان” كان يستخدم نفس المقرات. ولهذا فضرب كلا الفريقين كان محتوما. وقد فسر السوريون على الأرض، ممن يحاولون الإطاحة بنظام الأسد، الهجوم على النصرة، باعتباره إشارة عن عدم اهتمام الإدارة الأميركية بالإطاحة بالنظام السوري.
ويرى التقرير أن الحملة الأميركية تتوسع الآن، لكن لا أحد من المسؤولين الأميركيين يريد الاعتراف بهذا الواقع. ويؤكد الجنرال لويد أوستن، قائد القيادة الوسطى، في كلمة له أمام المجلس الأطلنطي “لم يتم استهداف النصرة بغارات”، واعترف بحدوث غارات ولكن ضد “خراسان”، مبينا “قمنا بشن عدة غارات، ولكننا ركزنا على جماعة (خراسان)”.
ويشير الجنرال أوستن للهجمات التي تقول الإدارة إنها لا تزال تقوم بتقييمها. ولا يعرف إن كانت الغارات قد أدت لمقتل صانع المتفجرات ديفيد دروغون، والذي وصفه الجنرال أوستن بأنه “واحد من عناصر القيادة وأخطرها في المنظمة”، بحسب “ديلي بيست”.
وينتقد هامر سياسة الولايات المتحدة في سورية، مشيرا إلى أن “سياسة الولايات المتحدة الحالية، التي تقوم على مهاجمة (داعش) دون البحث عن طرق لإنهاء حكم الأسد أو مهاجمة النصرة في بعض الأحيان وتجنب ذلك، تشير لتناقص وعدم انسجام”.
ويتابع هامر “طالما لم تقم استراتيجيتنا على التخلص من نظام الأسد، فأساليبنا تظل في أحسن حالاتها متناقضة وذات آثار سلبية”، وفق التقرير.
وينقل الموقع عن الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية، دافيد غارستنشتاين- روس قوله “في حالة قررت أميركا ملاحقة النصرة، فهذا اعتراف بأن استراتيجيتنا مهلهلة”. وتساءل “ماذا سيحقق توسيع الحملة لنا؟، فلا تزال جذور الجهادية والدوافع للانتماء لها غائبة عن الاستراتيجية.
ويذكر “ديلي بيست” أن جماعة أحرار الشام تعرضت للغارات إلى جانب النصرة و”خراسان”.
ويختم الموقع تقريره بالإشارة إلى أن جماعة حزم التي تلقت صواريخ مضادة للدبابات من الأميركيين قد ناشدت القيادة الأميركية سرا مساعدتها لمواجهة الجهاديين. ولم تبدأ الولايات المتحدة برنامجها لتدريب وتسليح المعارضة المعتدلة، “لم تبدأ”، حسب الأدميرال ألن كيربي، المتحدث باسم وزارة الدفاع.