كيف يعيش سكان العاصمة السورية؟
تقرير تلفزيوني من دمشق كشف بكفاءة خلال تسع دقائق فقط أجواء العاصمة السورية وتأثيرات الأزمة في الشعب السوري.
التقرير، الذي بث أخيراً على المحطة الفرنسية الإخبارية» اي تيلي» التابعة لـ «كانال بلوس»، سعى إلى التعرف على الحياة اليومية لسكان مدينة «تختنق بالصراع». تجول مراسلا المحطة ستة أيام في دمشق في سيارة أجرة يقودها ضياء بصحبة مترجم – مرافق «لن يظهر وجهه إطلاقاً».
التقط المراسلان بسهولة الجو الرقابي المهيمن على المدينة، فهما مضطران لاصطحاب مرافق» اختير من جانب الحكومة»، ولا يستطيعان التوجه إلا» حيث تسمح الحكومة»(ربما حرصاً على حياتهما)! ثم يلحظان هذا «الوجه الذي هو في كل مكان»، فالرئيس السوري يطلّ على سكان العاصمة أينما كانوا. يشير التقرير إلى أن كلفة الحرب السورية» 270 ألف قتيل غير ملايين النازحين والمهجرين…»، وإلى أحياء من «دمشق الماضي» حيث لم تمرّ الحرب وحيث ثمة حتى من يلعب التنس.
يتجولان في المدينة القديمة الخالية من السياح، لكن الجامع الأموي «الصرح الأسطوري للعالم الإسلامي» مازال هنا، يسوده اليوم سكون بعد أن كان يعجّ بالزائرين وبالحياة. أما أسواق المدينة فما زال أثر لحياة يسري فيها. لا شيء يذكّر بالحرب إذاً سوى الحواجز… والجنود ينتشرون بكثرة، وأيضاً… الشعب السوري. هؤلاء الذين يفضلون البقاء في بلدهم على رغم كل شيء، من الخطر وغلاء الأسعار وانقطاع الكهرباء… تفضيل البقاء هو «خطاب يتردد باستمرار» حتى لدى هؤلاء النازحين الذين يضطرون دائماً لتغيير أماكن إقاماتهم. لا تفوت التقرير الإشارة إلى داعش وأفعالها عبر زيارة محطة حافلات علقت فيها لوحة ساخرة «الرقة مباشر»! فثمة خط لنقل المسافرين المضطرين بين المدينتين، كهذه المرأة التي سمحت لها داعش بالخروج بتأشيرة موقتة لظروف صحية، لكنها لن تستغلها بالبقاء في دمشق ليس خوفاً من انتقام داعش من أسرتها فحسب بل حباً بمدينتها كذلك.
التقرير يلحظ أن «كلمات الناس» تخضع دائماً لرقابة السلطة المتواجدة في كل مكان. ويجب التحايل للابتعاد عن العيون ولسماع رأي من نوع «المسؤول ليس داعش فقط بل هم والنظام». الحرب الإعلامية التي يتقنها الطرفان كما يشير التقرير، تستدعي زيارة إلى التلفزيون السوري «صوت الحكومة» وها هي إحدى مذيعاته تتلقى «توجيهات» بضرورة التأكيد في برنامج حواري على «حرية» المواطنين وعلى السماح لهم بانتقاد الوزراء (فقط بالطبع)!
في برنامج «يعطي الفرصة للحديث عن معاناة الشعب السوري ويوفر أحياناً الحوار بينه وبين السلطة»، يلحظ المراسلان الفرنسيان أن «الكلمات لم تتطرق إلى معاناة هذا الشعب وإنما كانت على تناقض تام معها».
في نهاية التقرير سائق السيارة الذي «تجنب السياسة طوال الوقت» اكتفى بالقول «راحت السعادة، الناس وجوهها حزينة».
حزينة، كصورة دمشق التي عكستها الشاشة الفرنسية!
الحياة – ندى الأزهري