في الـ 24 من أغسطس/آب 2016، بدأت العملية العسكرية التركية في جرابلس السورية، والتي أطلقت أنقرة عليها اسم “درع الفرات”.
وقام الجيش التركي بتحديد أهداف العملية بثلاث نقاط، هي: تأمين الحدود التركية مع سوريا، ومنع سقوط القذائف على المدن التركية الحدودية، ومحاربة “داعش” والجماعات الكردية التي وصفتها أنقرة بالإرهابية.
ويبدو أن هناك أزمة بين الولايات المتحدة وتركيا. وستنتقل تلك المعضلة إلى أروقة قمة العشرين في مدينة هانغجو الصينية يومي 4-5 سبتمبر، حيث سيلتقي الرئيس الأمريكي باراك أوباما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للتباحث في الموضوع السوري، والعملية العسكرية التركية في شمال سوريا، والمعارك التي يخوضها الجيش التركي ضد “قوات سوريا الديمقراطية”، التي تشكل “وحدات حماية الشعب” الكردية العنصر الأكبر فيها، والمدعومة بقوة من الولايات المتحدة، والتي تمكنت حسب ما ذكرته صحيفة “وول ستريت جورنال” من إخراج “داعش” من منبج بعد أكثر من 70 يوماً من القتال ضد ذلك التنظيم.
ونقلت الصحيفة عن شيروان درويش، ممثل المجلس العسكري الكردي في منبج، القول إن “تركيا لم تأتِ لمحاربة “داعش”، بل جاءت لكي تحاربنا”، وخاصة بعد “أن وجهت تركيا إنذاراً إلى الأكراد، على لسان وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو، بأن على “وحدات حماية الشعب” الكردية الانسحاب إلى شرق نهر الفرات. يجب عليهم تنفيذ هذا؛ لأن الولايات المتحدة وعدت بذلك، وإذا لم ينفذوا ذلك فسيصبحوا هدفاً”.
ونقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن المتحدث باسم البنتاغون بيتر كوك أن “واشنطن ترى أن المصادمات مع الأكراد مرفوضة، وتثير قلقاً عميقاً”؛ مضيفاً أن “سوريا أصبحت ساحة للمعارك، لذلك يجب على الأطراف المتنازعة كافة اتخاذ إجراءات سريعة لتخفيف حدة التوتر؛ لأن العمليات غير المتفق بشأنها تمنح “داعش” القوة ليبقى تهديداً عاما ومميتا”.
وأضافت الصحيفة الأمريكية أنه على الرغم مما تقوله أنقرة من أن الجيش التركي قام بتحرير منبج وجرابلس من القوى الكردية، فإن الأكراد يؤكدون عكس ذلك تماماً، ويعلنون أن المعارك مستمرة بينهم وبين القوات التركية.
واشنطن تطالب أنقرة بمحاربة “داعش” لا “قوى سوريا الديمقراطية”
وفي أعقاب تلك التطورات في الشمال السوري، قال موقع “Defense One” الأمريكي إن وزير الدفاع آشتون كارتر قد حذر نظيره التركي فكري عِشق من مغبة التوغل في سوريا قائلا: “على القوات التركية أن تركز في حربها ضد تنظيم “داعش” فهناك خطوط حمراء ترسمها الرمال في شمال سوريا”.
ومن جانبها، قالت شبكة “CNN” إن “ما يجري على أرض الواقع هو صراع بين حليفين للولايات المتحدة الأمريكية، هما: الجيش التركي وهو ثاني أكبر جيش في حلف الناتو؛ وبين “قوات سوريا الديمقراطية”، التي توفر لها القوات الجوية الأمريكية الغطاء لمحاربة “داعش” في سوريا. ولكن الأمر تطور إذ يدعم الأتراكُ عرباً في سوريا وخصوصاً في الشمال السوري؛ حيث بات هؤلاء في تلك المناطق، وبخاصة التي حررتها القوات الكردية من قبضة “داعش”، يطالبون بتلك الأراضي باعتبارها تابعة لهم منذ القدم”. وأكدت الشبكة أن واشنطن وأنقرة متفقتان من حيث المبدأ على أن يبتعد الأكراد شرقاً إلى ما بعد نهر الفرات الذي يشكل حداً طبيعياً، وبذلك تخف حدة التوتر بين القوات التركية والكردية لأن تركيا لن تسمح بإقامة كيان كردي قريب من حدودها”.
وأوضحت “CNN” أنه لا بد من تراجع القوات الكردية إلى شرق نهر الفرات حسب الطلب الأمريكي لحفظ ماء وجه القوات الكردية التي تعاني من نقص في عديدها، وللحفاظ على الدعم الأمريكي الجوي والتسليحي لها. كما أن تراجع القوات الكردية الى شرق نهر الفرات مع احتفاظها ببلدة عين العرب “كوباني” وجزء من شمال-شرق سوريا سيعطي القوات الأمريكية المجال للمناورة مع تركيا التي تشكل طريقاً لوجستيا لدعم القوات الخاصة الأمريكية الموجودة في سوريا.
لماذا تدخلت تركيا في سوريا وضد الأكراد؟
من جانبها قالت صحيفة “واشنطن بوست” إن تركيا بدأت أكبر حملة عسكرية لها ضد تنظيم “داعش” في سوريا، وتحركت برفقة الطائرات والمدفعية ووحدات العملية الخاصة، بمشاركة ما بين 500-700 من أفراد “الجيش السوري الحر” بمشاركة من طائرات استطلاع أمريكية. وأضافت الصحيفة أن مستشارين عسكريين أمريكيين قدموا الدعم للقوات التركية استخبارياً.
كما علقت صحيفة “نيويورك تايمز” على التوغل التركي في الشمال السوري، قائلة إن “تركيا والتحالف الدولي بدآ عملية من أجل تحرير آخر موطئ قدم لـ”داعش” على الحدود التركية-السورية”.
شهاب المكاحلة – روسيا اليوم