تعكس الخسائر الأخيرة، التي مني بها الحرس الثوري الإيراني في سوريا، الأزمة التي تعاني منها القوات الإيرانية ومليشياتها في سوريا، كما تعطي مؤشرات إلى أن التقارير السابقة التي أفادت بأن أعدادا كبيرة من القوات الإيرانية آخذة في الانسحاب من سوريا، تقارير غير دقيقة.
وكشفت دارسة أجراها معهد واشنطن عن أعداد القتلى الإيرانيين والمليشيات الموالية لطهران في سوريا وتوزيعهم.
وتقول الدارسة التي أجراها الباحث علي آلفونه، وهو مؤلف كتاب “إيران سافرة: كيف يقوم «الحرس الثوري» بتحويل الحكومة الدينية إلى دكتاتورية عسكرية”، إن الستة عشر إيرانيا الذين قتلوا في معركة “خان طومان”، خدم جميعهم في الحرس الثوري، وتحديدا في “القوات البرية” للحرس الثوري.
وتشير هذه الخسائر إلى التوسع في استخدام «القوات البرية» للحرس الثوري، بالإضافة إلى أو عوضا عن «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري، وهو فرع النخبة الذي عادة ما يُستخدم لعمليات التدخل السريع.
وحسب الدراسة، فإن هناك أربعة عشر عنصرا من أهالي محافظة مازندران في شمال ايران الذين خدموا في «فرقة 25 كربلاء» في «الحرس الثوري»، من بين الذين قتلوا في “خان طومان”. أما الاثنان الآخران فهما من أهالي محافظة جيلان المجاورة، وكانا قد خدما في «قوة القدس الإقليمية» (تختلف عن «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري»).
وردا على الحادث، كشف المتحدث باسم «فرقة كربلاء» حسين علي رضائي، في 10 أيار/ مايو، أن جميع أعضاء الوحدة الذين بقوا على قيد الحياة ويخدمون في سوريا، بمن فيهم واحد وعشرين جريحا، قد تم نقلهم إلى إيران.
وحسب دراسة استقصائية لخدمة الجنائز التي أُجريت في إيران للجنود الذين قُتلوا في سوريا في الفترة من 19 كانون الثاني/ يناير 2012، إلى 10 أيار/مايو 2016، ما مجموعه 400 حالة وفاة لعناصر إيرانية. وباستثناء ستة أفراد من الجيش النظامي (“ارتش”)، خدمت جميع هذه القوات في «الحرس الثوري».
لكن الدراسة لم تكشف بالتفصيل عن الأماكن التي خدم بها نصف هؤلاء القتلى، ضمن الحرس الثوري، إلا أن «القوات البرية» لـ«الحرس الثوري» شكلت ما لا يقل عن ربعهم، مقارنة فقط بثمانية وعشرين عنصرا تم تحديديهم كتابعين لـ«فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري».
وحسب آلفونة، فإن القتلى الذين لم يتم التأكد من الفرع الذي خدموا فيه قد يكشفون عن وقوع المزيد من الضحايا في صفوف «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري» – وفي الواقع، قد يعكس وجود عدد كبير من هذه الوفيات محاولة لإخفاء خدمتهم في وحدة النخبة المذكورة.
وتظهر الدراسة زيادة واضحة في عدد الجنود القتلى في المعارك التي وقعت منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2015 والذين تم تحديدهم كتابعين لـ«القوات البرية». وهذا شيء غير مستغرب: فـ«فيلق القدس» هو فرع صغير نسبيا، وعندما بدأ يعاني من ارتفاع عدد ضحاياه في سوريا، لم يكن أمام قيادة «الحرس الثوري» أي خيار سوى نشر «القوات البرية».
وفي المقابل، لا يبدو أن نشر إيران لجنود الجيش النظامي “ارتش” يعكس مثل هذه الضرورة. ففي 4 نيسان/ أبريل قال نائب منسق القوات البرية للجيش النظامي العميد علي أراستيه، لوكالة “تسنيم”، إن عناصر من قوات «لواء النخبة 65 المحمول جوا» أُرسلوا إلى سوريا كـ”مستشارين”. ولكن في 20 نيسان/ أبريل، أكد قائد الجيش اللواء عطاء الله صالحي أن “الجيش لا يتولّى مسؤوليات تتعلق بتقديم المساعدة الاستشارية إلى سوريا”. وتابع: “هناك منظمة معينة في هذه البلاد، في إشارة إلى «الحرس الثوري»، تعمل في هذا المجال… ونحن لم ندّع بتاتا أن «لواء النخبة 65 المحمول جوا» موجود هناك.
لكن آلفونة يرجح أنه من الممكن أن يكون بين المقاتلين الإيرانيين عناصر من «اللواء 65». لكن يبدو أنه تتم إعارة أفراد معيّنين من الجيش إلى وحدات «الحرس الثوري» في سوريا، وهم لا يخدمون بوصفهم ممثلين لوحدات من الجيش.
لكن الدراسة تشير إلى أن سقوط قتلى في المعارك التي جرت في 11 نيسان/ أبريل و20 نيسان/ أبريل قدّمت دليلا على أن جنودا من وحدات الجيش التالية كانوا موجودين في سوريا: «اللواء 258 مغاوير بزوهندة»، «لواء القوات الخاصة 45»، «لواء النخبة 65 المحمول جوا»، و«اللواء المدرع 388».
وتطرقت دارسة آلفونه إلى قتلى حزب الله والمليشيات الموالية لإيران، وتظهر دراسة استقصائية لمراسيم جنازات أُجريت في لبنان لمقاتلي «حزب الله»، وللمواطنين الأفغان والباكستانيين الشيعة في إيران، أن كلا من «الحرس الثوري الإيراني» والأفغان الشيعة من مليشيا «فرقة الفاطميون» تحمّلوا عبئا أكبر في الأشهر الأخيرة.
ورغم أن الدراسة لا تُظهر سوى خسائر شيعية أفغانية متواضعة لشهر أيار/ مايو، إلا أن هذا الرقم سيرتفع بشكل حاد بمجرد كشف المزيد من المعلومات حول الوفيات في “خان طومان” (التقارير الأولية باللغة الفارسية أشارت إلى أن معظم الضحايا كانوا من الأفغان).
وتشير الدراسة إلى انخفاض عدد قتلى «حزب الله» في سوريا بشكل حاد، وخاصة منذ منتصف نيسان/ أبريل 2016. حيث لم يتم الإبلاغ سوى عن مقاتل واحد من «حزب الله» لقي حتفه هناك في أيار/ مايو، بينما وقعت جميع خسائر الحزب الثماني عشرة الشهر الماضي قبل 14 نيسان/ أبريل.
- عربي21