قالت صحيفة جارديان البريطانية إن هناك عدة أسباب تجعل من المحادثات بين نظام بشار الأسد والمعارضة مجرد «دبلوماسية مزورة»، إلا أن المحادثات تعد إنجازا في حد ذاتها في ظل الحرب المدمرة التي تعيشها سوريا الآن.
وأضافت الصحيفة أن أكثر المطالب إلحاحا في الوقت الراهن هو إناء المأساة الإنسانية المروعة ووضع حد لزعزعة الاستقرار القاتلة التي أصابت الإقليم جراء الحرب الأهلية السورية التي قتل فيها أكثر من ربع مليون سوري وشردت نصف الشعب وأنتجت 4 ملايين لاجئ.
وأشارت إلى أن مصيبة الشعب السوري تزعزع استقرار أوروبا أيضا وتفضح ضعف مؤسساتها، ودعت الدول الأوروبية إلى الانتباه للمحادثات التي من المقرر أن تجرى في جنيف، وإن لم يكن هذا الاهتمام من أجل الأزمة الإنسانية، فمن أجل حاجة أوروبا إلى معالجة أزمة اللاجئين التي تعصف بها في مهدها وهو سوريا.
وأول الأسباب التي جعلت الصحيفة تصف المحادثات بأنها دبلوماسية مزورة أنها أسقطت من أجندتها مسألة حماية المدنيين السوريين إذ لا يمكن تحقيق تقدم في المحادثات دون الانتباه لمصيبتهم.
ثانيا: تقول الصحيفة: يبدو أن الدول الغربية قدمت تنازلات سياسية كبيرة لإيران وروسيا أكبر داعمي نظام الأسد، ونتيجة لذلك سيشعر دكتاتور سوريا بقوة أكبر لاستهداف مواطنيه بشكل جماعي ومواصلة حرب الاستنزاف لاعتقاده أنه سيخرج منتصرا في النهاية.
وتابعت جارديان القول إن الدبلوماسية عملية بطيئة على الدوام، وتكتنف في طياتها انتكاسات وشكوك وأخبارا سلبية، فاتفاق إيران على سبيل المثال استغرق سنوات من جهود صبورة، وكذلك الانفراجة الدبلوماسية بين أوباما وكوبا العام الماضي.
وأضافت الصحيفة أن الدبلوماسية من ناحية أخرى ليس مقهى للكلام أو مجرد وضع أشخاص في غرفة من أجل الحديث أو أنها لقاءات مقررة موعدها مسبقا.
وترى الصحيفة أن الدبلوماسية في نهاية المطاف تعتمد على الجوهر، وفيما يتعلق بمحادثات سوريا فإن “هناك إحساس زاحف بأن إدارة أوباما اهتمت بالإجراءات أكثر من الجوهر، بل هي في الوقع تنتظر فقط انقضاء مدتها مع دخولها العام الأخير، بدلا من معالجة الأسباب الرئيسية لاستمرار الحرب السورية كل هذا الوقت”.
ولفتت الصحيفة إلى قرارات الأمم المتحدة التي دعت إلى إنهاء القصف بالبراميل المتفجرة، ورفع الحصار الذي وضع مضايا وبلدات أخرى في خطر المجاعة، وإنهاء مجازر جماعية أخرى تعرض لها السوريون على يد جيش بشار الأسد. وقالت إن كل هذه القرارات تجوهلت أثناء الإعداد للمحادثات.
واعتبرت الصحيفة أن رفض المعارضة انعقاد المحادثات ما لم يتم تلبية تلك القرارات وبالأخص رفع الحصار عن المدن المجوعة لا يمثل معوقا للمحادثات، ورغم ذلك حاولت الولايات المتحدة الضغط عليها بتهديدها بقطع المساعدة التي تقدمها واشنطن.
ورأت الصحيفة أن هذا التهديد من جانب واشنطن لا يعطي مناخا جيدا لبناء الثقة، ناهيك من إقامة اتفاق مستدام.
وواصلت الصحيفة بالقول إن إيران وروسيا في الوقت ذاته تطالبان بتعديل وفد المعارضة الذاهب إلى جنيف ليشمل مفاوضين يكونون محل موافقة من قبل نظام بشار ومتماشين مع مصالح موسكو وطهران.
وقالت جارديان إنه في حال لم ترفض أميركا وحلفاءها هذا المطلب من روسيا وإيران، فإن ذلك كفيل بوأد شرعية وفد المعارضة في عيون السورين أنفسهم، وسيقتل أي أمل في عقد محادثة حقيقية.
ما هو أكثر من ذلك -تقول الصحيفة- إن وزير خارجية أميركا جون كيري تحدث عن “حكومة وحدة وطنية” وليس “حكومة انتقالية”، وإن مثل هذه المرادفات تتماهى مع مفردات روسيا، ليس هذا فقط، بل إنها تتعارض مع الوثيقة التي عقدت على أساسها المحادثات: وهو بيان جنيف2 الداعي إلى مرحلة انتقالية سياسية بإجماع مشترك.
بل إن واشنطن انتهت عن القول بضرورة رحيل الأسد أو أنه من غير الممكن ترشحه في أي انتخابات.
وختمت الصحيفة بالقول إن الضغط الحقيقي يجب أن يكون على روسيا وإيران داعمي الأسد، وإن الولايات المتحدة منخدعة في موقف موسكو من محادثات السلام: فروسيا تعمل على ما يبدو على إضعاف المفاوضات، والأسوأ أن منح بشار اليد العليا سيدعم فقط مزاعم الدولة الإسلامية بأنها الوحيدة القادرة على الدفاع عن السنة.
الغارديان البريطانية ـ العرب القطرية