ظروف قاسية تعيشها النساء السوريات السجينات مع أبنائهن، بدءاً من دخولهن السجن دون محاكمة ودون أمل في ذلك، في ظل غياب الجهات العدلية في المشهد وتعسف الوصول لهن لتقديم المساعدة وسط تكتم وسيطرة السلطات المهيمنة على اعتقالهن وعدم السماح لأي جهة خارجية بالتدخل للنظر بشأنهن.
تستصرخ أجساد أبنائهن الغضة صمتها للمجتمع بهم مع توجه نداء الأمهات القابعات في سجون الهوان، بكل مؤسسات العدل المهتمين بحقوق المرأة والطفل محلياً وإقليماً ودولياً.. لكن لا حياة لمن تنادي.
تكشف لنا المعتقلة “راما” والتي أفرج عنها منذ أربعة أشهر عن معاناة سجينة كانت تقبع معها في زنزانة تكتظ بالمعتقلات مع أبنائهن تدعى “رشا” (32 عاماً) من ريف الشام، قائلةً “تعرضت “رشا” إلى كل أساليب التعذيب الجسدي التي لا تطاع، من قلع للأظافرو شبح وضرب وحتى ما يسمى بساط الريح التي تم نسيانها عليه أكثر من يومين لترمى بعدها على أرضية السجن وكأنها القوقعة دون قدرة على التحرك.. آه لن أنسى همساتها في أذني حين أخبرتني أموت من التعذيب أهون من أن يمسّ الجلادين ابنتي الصغيرة بأي أذىً”.
يزج بالسيدات السوريات في المعتقل ومنهن من يستصحب عللاً تتطلب رعاية صحية خاصة، لكن القاسم المشترك هو انعدام ذلك فتتدهور حالهن بسبب اهمال سلطات السجن لأدق حاجياتهن الضرورية.
تخبرنا الشابة “راما” عن أحد السجينات التي كانت تعاني من سرطان الثدي والتي رفضت الكشف عن اسمها قائلةً “لليوم الثالث على التوالي تتعرض السجينة التي أرى فيها شبهاً كبيراً لملامح أمي.. للتعذيب ابتداء بالضرب، مروراً بالصعق الكهربائي والحرمان من الطعام، وانتهاءً بالاغتصاب دون مراعاة لوضعها الصحي المتدهور..
فقسوة من بيدهم السلطة والمفوضين لانتزاع الاعترافات القسرية منها، تجعلهم يعذبونها ساخرين مدمدمين (ذاك علاج جيد لك بدل الكيماوي)”.
ما كشفت عنه شهادة “راما” والظروف المهينة للسجينات في أقبية السجون يطرح الأسئلة المتعلقة بالحال في كل السجون السورية، الواقعة تحت قبضة النظام وأنصارهم منذ تولي عائلة الأسد السلطة، وأصبحت منذ إذٍ كعلبة سوداء لا يتاح لأحد الاطلاع على محتواها، ولطالما لفتت تقارير مؤسسات دولية الأنظار إلى حالات احتجاز وإخفاء قسري للآلاف المعتقلين والمعتقلات تتحمل مسؤوليتها أنصارهم.
الأمر الصادم أنهم مازالوا لحد الآن يفاخرون بأنهم يحترمون المرأة للأسف الشديد هذه المناظر الصادمة والتي تقشعر لها الأبدان لا توحي بذلك، بل تكشف مدى تورطهم بجرائم ضد الإنسانية.
وأشارت “راما” إلى أن “غالبية المعتقلات ليس لهن أي علاقة بالثورة، ولكن النظام يهدف من اعتقالهن إلى تفكيك الحاضنة الاجتماعية للثورة، وتحطيم المجتمع وشله بشكل درامي يؤدي للقضاء على الثورة وعدم تكرارها مستقبلا ومع احتجاز أطفالهن معهن تزداد ورقة الضغط نفسياً وجسدياً عليهن، فلا شفاعة لهن بوجود أبنائهن فالجميع خلف بوابة السجون السورية..مفقود”.
بيان الأحمد
خلف القضبان
===========================