قــــــراءة فــــي الصحـــــف
تناولت الصحف الأمريكية ما يجري في أروقة السياسة الأمريكية حول توجيه ضربة عسكرية محددة لسلاح الجو السوري.
البداية من صحيفة الـ “واشنطن بوست” الأمريكية
أكدت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية عدم وجود أي توافق داخل إدارة الولايات المتحدة حول خطواتها التالية بشأن حلب، التي “يبدو أنه لا مفر من وقوعها تحت سيطرة القوات الحكومية”.
وأشارت الكاتبة السياسية الأمريكية، كارين دي يونغ، في مقال نشرته الصحيفة في 8 أكتوبر/تشرين الأول، إلى أن البنتاغون كان خلال أعوام سابقة يعارض إطلاق عملية أمريكية مباشرة في الميدان السوري، معتبرا أن هذه الخطوة قد تسبب تدخلا أمريكيا أعمق في الأزمة السورية وتؤدي إلى صرف انتباه واشنطن عن محاربة تنظيم “الدولة” في سوريا والعراق.
وكشفت كارين دي يونغ، نقلا عن مصدر مسؤول رفيع، أن من بين اقتراحات البنتاغون، بشأن التعامل مع التطورات الجارية في حلب وتشديد هجوم القوات الحكومية على المسلحين، شن ضربات على وحدات الجيش السوري المشاركة مباشرة في العمليات العسكرية في حلب باستخدام صواريخ مجنحة.
في حين أشارت الكاتبة الأمريكية، مستندة إلى مصدر عسكري رفيع المستوى، إلى أن موقف وزارة الدفاع من الموضوع لم يتغير، حيث أعرب القادة العسكريون خلال اجتماع أجري في البيت الأبيض في 6 أكتوبر/تشرين الأول، عن دعمهم حصرا لفكرة تكثيف عمليات توريد الأسلحة “للمقاتلين المعارضين”، مؤكدين أن “على الولايات المتحدة تركيز قدراتها القتالية على مهمة تدمير تنظيم الدولة وتجنب المواجهة المباشرة معه روسيا”.
بدورها تساءلت صحيفة “ناشيونال انترست”، “هل بدأت عقد أوباما بالحلحلة نحو اتخاذ قرار بضرب بشار الأسد عسكرياً؟
الإدارة الأمريكية منهمكة مجدداً في الجدال الذي يتكرر كل ستة أشهر: هل حان الوقت لتتدخل الولايات المتحدة عسكريا ضد الأسد وتمنعه من القضاء على المعارضة؟
فقد أفادت تقارير بأن مجلس الأمن القومي الأمريكي ناقش هذه المسألة يوم الأربعاء الماضي، وكانت الخيارات تتراوح ما بين فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على روسيا إلى توجيه ضربات محددة لسلاح الجو السوري.
في الماضي لم يكن الرئيس أوباما يهتم بآراء منتقدي سياسته الخارجية أو سياسته تجاه سوريا، إلا أن الدعوات لتدخل عسكري أكبر في سوريا بدأت تصدر من كلا الحزبين. حيث إن المطالبة بتدخل الولايات المتحدة لوقف المذبحة في حلب ومحاسبة الأسد على جرائمه بحق الإنسانية، لم تعد مقتصرة على أمثال السيناتور جون مكاين و ليندسي غراهام.
صحيح أن “مكاين” كان على الدوام من أشد الداعين لتدخل أمريكي أكبر في الحرب (في سوريا)، لكن الآن هنالك دعوات مشابهة أو على الأقل اقتراحات من أشد المناصرين لسياسة أوباما الخارجية، وهم السيناتور “تيم كاين و جاين شاهين و بن كاردن”.
أما معهد واشنطن، فقد تناول تقرير أعده سفير الولايات المتحدة السابق لدى تركيا والعراق، جيمس جيفري، والباحثة في المعهد، آنا بورشفسكايا، حول خيارات واشنطن إزاء الإفراط في التدخل الروسي في سوريا، خصوصا فيما يتعلق بمعركة حلب.
يؤكد التقرير أن واشنطن في ظل الظروف الحالية، التي تخيم على سوريا، تحتاج إلى سياسة جديدة؛ فأعمال العنف المستمرة في سوريا تتطلب ذلك، وهو الأمر بالنسبة لفشل المساعي الدبلوماسية، والمشكلات الاستراتيجية التي قد تنتج عن السماح لنظام الأسد بمواصلة هجماته، التي يغامر فيها بكل شيء، والتي تدعمها روسيا.
ويؤكد التقرير أن احتمال اعتماد إدارة كلينتون موقفا أكثر صرامة أو وصول دونالد ترامب، الذي لا يمكن التنبؤ بتصرفاته إلى البيت الأبيض، يمنح أوباما مجالا للضغط على موسكو وأطراف أخرى، بينما يتوجّه إليهم بالقول: “ستحصلون معي على صفقة أفضل”.
ويشير التقرير إلى أنه من الضروري أن يدرك الرئيس أوباما الخطر الفريد الذي تشكله تحركات موسكو في سوريا.
ويوصي التقرير إدارة الرئيس أوباما باتخاذ إجراءات من شأنها كبح جماح روسيا في سوريا، ليس من بينها التصعيد العسكري؛ إذ يوصي التقرير ببعض الخطوات للاستفادة من الميزات السياسية والعسكرية البارزة التي تتمتع بها واشنطن في المنطقة:
أولا: وضع حدّ تام ونهائي للحوار ذات النتائج العكسية بين وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الروسي سيرجي لافروف.
ثانيا: تزويد المعارضة المسلحة في سوريا بالمزيد من الأسلحة، بما فيها بعض الأنظمة التي أرسلتها سابقا (الصواريخ المضادة للدبابات)، وأخرى لم ترسلها قط (على سبيل المثال، مدافع ثقيلة مضادة للطائرات “ذات استخدام مزدوج” ومنظومات الدفاع الجوي المحمولة.
ثالثا: الموافقة على عرض تركيا القاضي بتوسيع المنطقة الآمنة التي أنشأتها في شمال سوريا (مع بعض الدعم العسكري الأمريكي) خلال آب/ أغسطس.
رابعا: إنزال الإمدادات الإنسانية فوق حلب وغيرها من المناطق المحاصرة.
خامسا: اتخاذ تدابير دبلوماسية بحق روسيا ونظام الأسد وإيران؛ بسبب دورهم في ارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية، والتسبّب بتدفق اللاجئين بأعداد هائلة، ودعم الإرهاب بشكل غير مباشر.
سادسا: استغلال المخاوف الأوروبية بشأن اللاجئين وجرائم الحرب؛ من أجل إبقاء العقوبات المفروضة على موسكو، والمتعلقة بأوكرانيا، بل حتى تشديدها.
سابعا: تعزيز الهجمات ضدّ تنظيم «الدولة الإسلامية». ومن شأن ذلك أن يُظهر عزما أمريكيا ويسمح بتحوّل الاهتمام والقوات بصورة أسرع نحو مواجهة موسكو وطهران، واستباق أي هجوم مضاد إيراني محتمل ضدّ العملية، التي تدعمها الولايات المتحدة؛ لاستعادة الموصل في العراق.
المركز الصحفي السوري _ صحف