صدر عن وزير الاقتصاد والصناعة محمد نضال الشعار قرار يقضي بتشكيل مجلس الأعمال السوري – الصيني، وهو خطوة تعكس توجه الحكومة نحو تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الصين في مرحلة تشهد فيها سوريا سعيًا متزايدًا لفتح قنوات تعاون دولية تدعم عملية إعادة الإعمار، القرار تضمّن تعيين فادي علي المحيميد رئيسًا للمجلس، ومكرم سمير شطاحي نائبًا له، على أن يعمل المجلس وفق أحكام النظام الأساسي لمجالس الأعمال المشتركة المعتمد في سوريا، ويُبلّغ من يلزم لتنفيذه ويُعمل به اعتبارًا من تاريخ صدوره
يأتي هذا القرار في سياق سياسي واقتصادي واضح، إذ صدر بعد يومين فقط من زيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى العاصمة الصينية بكين، وهي زيارة حملت رسائل سياسية واقتصادية مهمة، فقد أكد خلالها وزير الخارجية الصيني وانغ يي استعداد بلاده للنظر بنشاط في المشاركة بملفات إعادة الإعمار الاقتصادي في سوريا، والمساهمة في التنمية الاجتماعية وتحسين الوضع المعيشي للسكان، هذا التصريح يُعد من أهم المواقف الصينية في الفترة الأخيرة تجاه سوريا، ويعكس رغبة مبدئية من بكين في الدخول ولو بشكل تدريجي في مشاريع مستقبلية تتعلق بالبنية التحتية والصناعة والطاقة
تشكيل مجلس الأعمال السوري-الصيني يُعد خطوة محورية لأنه يمثل الإطار الرسمي الذي سيُنظّم تواصل القطاع الخاص السوري مع الشركات والمستثمرين الصينيين، كما يوفّر آلية واضحة يمكن من خلالها وضع خطط لمشاريع مشتركة، وتحديد القطاعات ذات الأولوية مثل الصناعة، والطاقة، والنقل، والتكنولوجيا، إضافة إلى دعم الشركات المنتجة في سوريا لإيجاد أسواق جديدة وتطوير قدراتها وفق خبرات صينية قائمة على التكنولوجيا والتوسّع الصناعي
أما فادي علي المحيميد، الذي تم تعيينه رئيسًا للمجلس، فتشير المعلومات إلى أنه يعمل في مجال صناعة النسيج والألبسة الجاهزة في مدينة الشيخ نجار الصناعية في حلب، وهي مدينة تُعد القلب الصناعي لسوريا، ما يجعل اختيار شخصية صناعية من هذا القطاع له دلالة تتعلق بتركيز المجلس المتوقع على الصناعات التصديرية وتعزيز قدرتها على الوصول إلى السوق الصينية التي تعتبر واحدة من أوسع الأسواق العالمية، كما قد يسهم وجوده في تعزيز التعاون بين المصانع السورية ونظيراتها الصينية في مجالات مثل خطوط الإنتاج، والتجهيزات التقنية، وتطوير المواد الأولية
القرار يحمل أيضًا أبعادًا مستقبلية، فهو قد يشكّل نقطة انطلاق لسلسلة من الخطوات العملية مثل عقد اجتماعات تأسيسية، إعداد ملفات مشاريع يمكن عرضها على الشركاء الصينيين، وتنظيم زيارات لوفود اقتصادية بين البلدين، كما يمكن أن يؤدي في الفترة المقبلة إلى توقيع مذكرات تفاهم أو اتفاقيات تعاون مرتبطة بإعادة الإعمار، خاصة أن الصين لديها تجربة واسعة في مشاريع البنية التحتية والطاقة في عدة دول، وهي تمتلك شركات ذات قدرات مالية وتقنية كبيرة
ورغم الفرص التي قد يوفرها هذا المجلس، فإن هناك تحديات قائمة، أبرزها البيئة الاستثمارية الصعبة في سوريا، وتأثير العقوبات الدولية، والخلافات القانونية والمالية التي قد تعيق دخول استثمارات أجنبية كبيرة، ومع ذلك فإن وجود مجلس أعمال مشترك يمثل خطوة أولى ضرورية لبناء الثقة وتنظيم التعاون، ويمنح الجانب الصيني قناة رسمية لدراسة المشاريع وتقييم جدواها تدريجيًا، بما يتناسب مع سياسات الصين التي تعتمد الحذر وإدارة المخاطر في توسعها الخارجي خلال السنوات الأخيرة








It’s refreshing to find something that feels honest and genuinely useful. Thanks for sharing your knowledge in such a clear way.
Thank you for sharing this! I really enjoyed reading your perspective.