علق خبير عسكري روسي على التدخل التركي في سوريا في عملية “درع الفرات”، وسلوك أنقرة بعد الانتهاء من العملية العسكرية.
وكانت عملية “درع الفرات” بدأت في أغسطس/ آب من العام الماضي، وكان قد أُعلن أن هدفها الأساس هو تحرير المناطق الشمالية في سوريا من إرهابيي “تنظيم الدولة”.
وقال رئيس قسم دراسات نزاعات الشرق الأوسط وقوات المنطقة المسلحة في معهد التنمية الابتكارية، أنطون مارداسوف، في مقابلة معه نقلتها “روسيا اليوم”، إن عملية “درع الفرات” التركية جرت بعلم كل من موسكو وطهران ودمشق. وكانت العملية ترمي إلى تحقيق هدفين اثنين:
“الأول، منع الالتحام بين الكانتونات الكردية، وما سينجم عنه من تعزيز للموقف الأمريكي وسيناريو تقسيم سوريا، واللعب على وتيرة الفدرالية الكردية.
ثانيا، وهكذا، كان من الممكن إعادة توجيه البوصلة التركية للحرب ضد تنظيم “داعش”. وتطهير شمال محافظة حلب من تنظيم “الدولة”، وإنشاء منطقة عازلة تحدثت عنها تركيا على مدى عامين؛ لإسكان الناس من الطائفة السنية هناك”.
وبين أن “التنسيق مع تركيا كان يجري في المقام الأول عبر هيئات الأركان العسكرية لكلا البلدين. والعملية العسكرية كانت متواصلة حتى اللحظة الأخيرة”.
وتابع: “ولكنْ، حقيقة يبرز سؤال يرتبط بإنهائها؛ ففي واقع الأمر، إن الوضع الذي نشأ حول مدينة منبج منع القوات التركية من توسيع المنطقة العازلة؛ فبعد إحكام السيطرة على مدينة الباب توحدت القوى العسكرية الموالية للدولة السورية مع قوى التحالف الكردي–العربي (قوات سوريا الديمقراطية) في مواقع جنوب المدينة، وهكذا أمكن منع القوات التركية من التقدم إلى الضفة الغربية لنهر الفرات باتجاه الرقة”.
وأضاف: “أردوغان لم يوف بوعده في شهر فبراير/ شباط الماضي حول اقتحام مدينة منبج، لكن القوات الأمريكية بعيدة النظر دخلت كقوة حفظ السلام إلى المدينة، وأيضا، انتشرت قوات ما يسمى حرس الحدود السورية بمساعدة القوات العسكرية الروسية في الجنوب الغربي. وهكذا تم حرمان القوات التركية من إمكانية التوسع”.
وقال: “وضعت روسيا نقطة النهاية في عملية توسيع المنطقة العازلة؛ وذلك عبر إنشائها مركز مصالحة للأطراف المتنازعة. والوضع مفهوم هنا، الوجود الرمزي لعدد كبير من الجنود الروس لا يمنح تركيا إمكانية لتنفيذ عملية واسعة النطاق ضد الكرد”.
وحول نجاح عملية درع الفرات، قال إنه تم “مبدئيا تنفيذ العملية. وإذا قيمنا العملية اعتمادا على التقارير المعلنة، فلقد حققت بمقدار النصف فقط. ومن إجمالي مساحة المنطقة العازلة وهي خمسة آلاف كيلومتر مربع تبلغ مساحتها الآن 2300 كم مربع فقط، وكل ذلك حدث قبيل الاستفتاء لتغيير الدستور في البلاد، ما سيكون له تأثيره السلبي نسبيا”.
وأردف: “كذلك، تبرز هنا مخاطر محددة بسبب وجود المعارضة السورية في “درع الفرات”، (بين 5000 و8000 مسلح سوري)، وهذا بنفسه يبقى عاملا مؤججا للصراعات المختلفة؛ بسبب أن تركيا ليست بحاجة في نهاية المطاف إلى الاحتفاظ بالمعارضة السورية ورعايتها”.
وأشار إلى أن الإعلان عن انتهاء العملية جاء مفاجئا، “وبسبب الضبابية، التي واكبت الإعلان عن انتهاء العملية التركية، انتشرت شائعات حول خلافات تركيا مع روسيا. وبالفعل، لقد ثبت أن 500 شخص على الأقل تم نقلهم من الأراضي التركية إلى مدينة إدلب، والآن يشاركون في العمليات العسكرية ضد القوات الحكومية”.
وعند سؤاله “هل يمكن التعاون لاحقا بين روسيا وتركيا عسكريا في سوريا، أم أن هذا هو الحد النهائي، وتوقف كل شيء الآن؟”، أجاب أنه توجد هناك أرضية للتعاون بين روسيا وتركيا. وبحسب رأيي، فإنها تشكل أهمية أكثر من غيرها”.
وختم بقوله: “ليس سرا أن وزارة الدفاع (الروسية) ضمت بعض المجموعات المسلحة إلى قائمة المعتدلين. وشاركت هذه المجموعات في محادثات أستانة. ولدى الاتفاق على وقف إطلاق النار ودخوله حيز التطبيق، قاتلت هذه المجموعات “المعتدلة” “جبهة النصرة” المتطرفة. وتستطيع تركيا لاحقا التأثير في هذا المجال أكثر ضد “جبهة النصرة، وحتى إدخال هذه المجموعات الموالية لها إلى إدلب لمواجهة المجموعات المتطرفة هناك. ونحن هنا مع تركيا يمكن أن نكون مفيدين جدا بعضنا لبعض”.
العربي21