أثارت العملية العسكرية لحزب الله اللبناني في منطقة عرسال وما سوقه على أنه انتصار، شهية المراقبين الإسرائيليين لقراءة هذه الخطوة في إطار رؤيتهم لمستقبل الأزمة السورية في ظل التراجع الكبير للمعارضة السورية مقابل التقدم الذي أحرزه النظام السوري بدعم روسيا وإيران والمليشيات الشيعية.
ويقدم خبراء إسرائيليون قراءة للمجريات تشير إلى أن التغييرات التي تشهدها الساحة السورية لم يكن بإمكان روسيا تحقيق ما أنجزته منها في سوريا بدون التعاون الإيراني، وهو ما يدعو إسرائيل إلى الاستعداد لليوم التالي.
إنجاز محدود
وفي هذا الشأن يرى الخبير الإسرائيلي في الملف السوري، إيال زيسر، أن “الإنجاز المحدود” الذي حققه حزب الله اللبناني بخروج جبهة النصرة من مدينة عرسال قرب المنطقة الحدودية شمال لبنان، لم يكن “نتيجة لقدرات حزب الله، بل نتيجة لتغيير الخارطة الاستراتيجية بسوريا”.
ويوضح زيسر في مقال له الأحد بصحيفة “إسرائيل اليوم”، أنه في “أعقاب هذا الإنجاز العسكري، حدث تطهير عرقي في المنطقة، حيث بدأ حزب الله في إخلاء اللاجئين السوريين بالقوة، وإعادتهم إلى سوريا”، منوها إلى أن اللاجئين السوريين، “هددوا التوازن الديمغرافي الهش في لبنان بين السنة والشيعة”.
ويشير إلى أن “نظرة حذرة لما يحدث في سوريا تؤكد أن حرب السنوات السبع تقترب من نهايتها”، مضيفا أن “الحذر هنا مطلوب، لأن الكثير من التوقعات والتقديرات فشلت، وخاصة تلك التي تحدثت في معظمها عن السقوط المؤكد لبشار الأسد”.
ولفت الخبير الإسرائيلي إلى أن “التوجه الميداني خلال الأشهر الأخيرة من الواضح أنه يخبو بفضل اتفاقيات وقف إطلاق النار التي نجحت روسيا في تطبيقها في أرجاء سوريا، بما فيها منطقة الجنوب السوري على طول الحدود الإسرائيلية السورية في هضبة الجولان”.
وبفضل “القوة العسكرية وضعف المقاتلين السوريين (المعارضة) نجحت روسيا في إفشال الإطاحة بالأسد”، بحسب زيسر الذي أشار إلى أن “ما يستكمل الصورة هو قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الشهر الماضي، والقاضي بوقف المساعدات الاقتصادية التي منحها جهاز الـ CIA للمقاتلين في سوريا”.
المنتصر الأكبر
ويزعم ترامب، أن الادارة الأمريكية “صرفت أموالها دون تحقيق نتائج، وفي حالات كثيرة كانت المساعدات الأمريكية تصل إلى المكان غير الصحيح أو إلى مجموعات غيرت جلدها بين عشية وضحاها وانضمت لتنظيم الدولة أو جبهة النصرة”.
ويلفت زيسر إلى أن “رسالة ترامب واضحة؛ وهي أن واشنطن تدير ظهرها للمقالتين في سوريا، وستستكمل عملية الانفصال عندما يتم في المستقبل القريب الإعلان عن هزيمة داعش”، مؤكدا أن “روسيا هي المنتصر الأكبر في الحرب السورية”.
وأضاف: “القوات الروسية تنتشر في أرجاء سوريا وفي الجبهة الجنوبية قرب الحدود مع إسرائيل والأردن”، لافتا إلى أن “المفاجئ هو أن الجنود الروس يتم استقبالهم بحماسة من قبل السكان القرويين، الذين كانت الطائرات الروسية تقوم بقصفهم”، ويعتبر أن “روسيا لم يكن بإمكانها تحقيق ما وصلت إليه بدون إيران، التي تعتبر الشريكة الحيوية لجهود موسكو في سوريا”.
ويعتقد الخبير الإسرائيلي أنه “في نهاية المطاف ليست الطائرات الروسية ولا الجيش الروسي هي التي حسمت الوضع، بل هي إيران وحلفاؤها من المتطوعين الشيعة ومقاتلي حزب الله”، مشددا على أن “إيران لن تسارع إلى ترك الفريسة من بين أيديها، كما أن لديها طول نفس بأن تستفيد من الأرباح التي حققتها في سوريا”، وفق الخبير.
ويختم بالقول إن طهران في الوقت الحالي: “تقوم بالسيطرة على المناطق التي تسمح بها روسيا، وبدلا من المواقع القريبة من الحدود مع إسرائيل، ستحصل إيران على ميناء في الشاطئ السوري، وتواجد عسكري بين دمشق والحدود مع العراق”، مؤكدا أن “الواقع في سوريا ولبنان يتغير، وعلى إسرائيل أن تستعد لليوم التالي”.
عربي 21 – أحمد صقر