عندما يفقد مبتكر ما قدرته على الوصاية على تداول أفكاره، فإن ذلك قد يُشعره بضيق أشبه بالضيق الذي من المرجح أن يشعر به عقب تلقيه ضربة شديدة على رأسه.
وتعتبر الكاتبة، يونيو دبليو يو، في مدونتها التي نشرها موقع “ميديوم”، أنه من السهل على الفنان الذي يعمل على أرض الواقع أن يطالب بملكية أعماله مقارنة بالكاتب الذي يعمل عبر الإنترنت. بالنسبة للكاتب الذي ينشر ما يكتبه عبر الإنترنت فإنه يشعر في أغلب الأحيان أن مهمة حماية أفكاره تعد مهمة مستحيلة خاصة أنها يمكن أن تظهر في تقرير شخص آخر.
وذكرت الكاتبة أنه عندما رصدت مقالات نشرت في منافذ على نطاق أوسع تتحدث عن الأفكار والمفاهيم نفسها التي قضت ساعات في التفكير فيها، تملّكها شعور بالإحباط والحنق وانتابتها موجة من خيبة الأمل.
وفي هذا السياق، تعد هذه هي الطريقة التي أرادت أن ترد بها على الكاتب “أنت أكثر شهرة مني، لماذا كان ينبغي عليك أن تكتب عن الأفكار نفسها التي قضيت أنا ساعات في الكتابة عنها طيلة الأسبوع الماضي؟”، لكن هذه الخيبة لا تطرح سوى هذا التساؤل: هل حقا نملك أفكارنا؟
وفي عصر التطور التكنولوجي السريع، عندما نقوم بمشاركة المحتوى الرقمي في كل مكان وفي كل زمان، يصبح من الصعب العثور على الأفكار الأصلية.
أفكار غير أصلية
أوردت الكاتبة أن ما تميل إلى التفكير فيه على أساس أنها أفكار أصلية هو على الأرجح خليط وجملة من الأفكار المبسطة والمُستخلصة، حيث تقدم إلى جمهور مختلف له تفاعلات أخرى.
بعبارة أخرى، ذكرت الكاتبة أنه بما أنها تنتمي إلى فئة الكُتّاب الذين ينشرون ما يكتبونه عبر الإنترنت، فإنها لا تمتلك قدرة هائلة على التحكم في أفكارها.
وفي مثل هذه البيئة، تساءلت الكاتبة عن الطريقة المثلى التي يمكن من خلالها حماية الأعمال المبتكرة الخاصة بأشخاص ما. في الحقيقة، لا يمكن حماية عملك خارج إطار قوانين حقوق التأليف والنشر. ورغم ذلك، عوضا عن حماية أفكارك، يمكنك أن تتعلم كيف تطالب بملكية عملك بشكل مختلف.
إمتاع الفكرة
بينت الكاتبة أن العثور على مقال يحتوي على أفكار مماثلة كتبت عنها للتو، من شأنه أن يُشعرك بالفشل. في المقابل، عوضا عن الشعور بالإحباط حيال ذلك، أعد قراءة مقالك.
فهل تعتقد أنك كتبت هذه الأفكار في لحظة إلهام؟ أنظر إلى الجمل والبنية النصية وكمّ الإلهام الموجود في هذا المقال بإعجاب وتقدير وكأنه قطعة فنية. أنت تملك هذه اللحظة.
فضلا عن ذلك، يمكن للأشخاص الذين يرون ويُقدّرون عملك أن يشعروا “باللحظة” التي تضع فيها هذه الكلمات على الورق، وقد يتأثرون بكيفية تجميعك للكلمات للتعبير عن هذه الأفكار وإيصال معانيها إلى الآخرين.
اكتب المزيد
أفادت الكاتبة بأنها ذات مرة شعرت بالغضب الشديد حيال شخص نسخ موضوع مقالتها في محاولة منه للحصول على تصنيف أعلى في محرك بحث غوغل فيما يتعلق بموضوع مقالتها ذاته.
وعند ذلك، انتهى بها الأمر إلى كتابة أربعة مقالات حول الموضوع نفسه خلال أسبوعين، لقد أحبت الموضوع حقا وكان لديها الكثير لتقوله في العديد من جوانب حياتها المختلفة حول هذا الموضوع بالتحديد.
وأشارت الكاتبة إلى أنها أرادت أن تنقل إلى جمهورها أنها “تملك” هذا الموضوع، لأنها كانت تحتل مكانة مميزة بما يكفي لتنقل وجهات نظر مختلفة حول الموضوع.
وبعد مرور بضعة أشهر، عندما لاقت كل هذه المقالات التقدير والإعجاب من قرائها، فضلا عن شركة غوغل، شعرت بأنها حصلت على التقدير الذي أرادته. إضافة إلى ذلك، شعرت بأنها استطاعت امتلاك تلك الأفكار إذا واصلت الغور في أعماقها.
تغاض
أكدت الكاتبة أنك قد لا تشعر بالرضا عندما تكتشف أن شخصا مشهورا أو صحفيا حظي مقاله الذي يدور حول الموضوع نفسه باهتمام أكبر مقارنة بالاهتمام الذي لاقاه مقالك الأصلي.
مع ذلك، لديك أمور أخرى أكثر أهمية ينبغي أن تقلق حيالها. في الواقع، أنت تملك تيارا متدفقا من الأفكار بنسق يومي. كما أن الفكرة التي وقع الاستيلاء عليها ما هي إلا مجرد فكرة من بين جميع تلك الأفكار التي بحوزتك. إنها مجرد قطعة فنية واحدة من حصيلة مئة عمل فني آخر يمكن أن تقوم به.
في هذا الصدد، هل تعلم أن هذا الشخص يساعدك على نشر أفكارك؟ هل تعلم أن المزيد من الناس سوف يستخدمون هذه الأفكار ليعيشوا حياة أفضل لأن هذا الشخص كتب عنها أيضا؟ كيف تشعر حيال ذلك؟ نعم، أنت أردت أن تكون الشخص الوحيد الذي ينشر أفكارك. ولكن، هذا الشخص بالتحديد، قام بعمل أفضل تمثل في نشره على نطاق أوسع.
لذلك، عُد خطوة إلى الخلف بمخيلتك واسترخ وحاول التفكير في أمر آخر، فغدا وبحلول ذلك الوقت سيكون لديك فكرة جديدة.
تعاون مع آخرين
أوضحت الكاتبة أنه من أجل أن تشعر بالراحة حيال “مشاركة” الأفكار مع الآخرين، ينبغي أن تطبقها.
جرب أن تتعاون مع مفكرين وخبراء آخرين في مجال اهتمامك، حيث من المرجح أن تشعر بتحسن كبير عندما تجد أشخاصا يدرسون المواضيع نفسها التي تناولتها. وفي الواقع، سيكونون الخبراء الحقيقيين الذين سيؤكدون أفكارك ويدعمونها بالاستناد إلى الأدلة والبراهين.
وبالتأكيد سيظل الصراع حول براءات الاختراع حولنا، وسواء كان ذلك مفيدا أم ضارا لعالم الأفكار، علينا أن نعترف بجماعية الأفكار وعلاقتها ببعضها ولا ندع خطاب ملكية الأفكار الحصرية يستنزف الابتكار والتطوير، ففي الحقيقة نحن لا نملك معظم أفكارنا، وهذا شيء جيد.
المصدر : الجزيرة