تتبع قوات النظام السوري في حلب المحاصرة سياسة قضم المناطق بهدف تضييق المنطقة المحاصرة، إذ تمكنت أمس من السيطرة على حي مساكن هنانو، وحي هنانو، وبدأت ضغطها على المعارضة للتقدم في حي الصاخور. وأدّت المستجدات إلى نزوح آلاف المدنيين نحو الأحياء الأخرى من المنطقة المحاصرة.
ونزحت مئات العائلات أيضا من أحياء بعيدين، والصاخور، والحيدرية، وكرم الزيتونات في حلب المحاصرة، إضافة إلى المدنيين القريبين من جبهات القتال في حلب القديمة، وحي الشيخ سعيد في اتجاه عمق المنطقة المحاصرة، جراء القصف الجوي والمدفعي المكثف، ومحاولة تقدم قوات النظام والمليشيات الطائفيّة في بعض الجبهات.
وتضم المنطقة المحاصرة قرابة ربع مليون نسمة وفق إحصاء المجلس المحلي في حلب، ومع تقدم النظام واستمرار حركة النزوح يُحاصر نحو 275 ألف نسمة في مساحة صغيرة لا تتجاوز 30 كيلو مترا مربعا.
وأوضح المواطن الحلبي، عامر الدودو، لـ”العربي الجديد” أنّه نزح وعائلته مع مئات العائلات من حي الصاخور إلى حي الشيخ خضر، كما نزح آخرون إلى أحياء الشعار، والهلك، وبستان الباشا، مضيفا: “تمكنت بعض العوائل من العبور من حي الهلك إلى حي الشيخ مقصود الخاضع لمليشيا وحدات حماية الشعب الكردية “ypj”، وهي عائلات لها أقارب في الحي ذي الغالبية الكردية”.
وأكّد الدودو “أنّ بعض العوائل لجأت إلى أقاربها في أحياء أخرى من حلب، في حين لجأ الباقون إلى منازل خالية من سكانها، في وقت تعاني فيه المنطقة من دمار كبير بفعل القصف الروسي”.
وعن سبب النزوح أوضح الدودو “نخشى من انتقام النظام، وهو أمر لا مفر منه، فمصيرنا معروف الاعتقال ثم الموت، في الأصل لا يوجد قوات نظام إنما هي عصابات طائفية من إيران والعراق تحمل السكاكين والسيوف قبل البنادق والمدافع، وهي أتت لقتلنا، وليس لتحريرنا من الإرهاب”.
وتابع الدودو “تركنا العالم للموت، آلاف الأطفال بلا طعام، منهم من تيتّم بعد استشهاد والديه، ومنهم مصاب ومريض بدون مشاف. هناك عائلات بأكملها من حلب قتلت ولم يبق لاسمها ذكر، لكنها ارتاحت، أما الباقون فسيموتون جوعا أو بالقصف”.
من جهته، قال مدير المكتب الإعلامي للدفاع المدني في حلب، إبراهيم أبو الليث، لـ “العربي الجديد”: “إنّ القصف الجوي الروسي على مدينة حلب أسفر عن مقتل أكثر من 500 مدني، وجرح 1500 آخرين، خلال 12 يوما من القصف المتواصل”.
ومع ضيق مساحة المنطقة المحاصرة، وكثافة القصف الروسي، من المتوقع ارتفاع نسبة الضحايا، بسبب نوعية الأسلحة التي تقصف بها حلب، وهي أسلحة ذات قدرة تدميرية هائلة.
ولفت أبو الليث إلى أن الوضع الحالي في حلب يشير إلى أن “مصير الجميع في حلب المحاصرة هو الموت، نحن سندافع عن ثورتنا حتّى النهاية، ونحن راضون بذلك”.
وقال الطبيب المسعف، سعيد حلاق، لـ “العربي الجديد”: “المصاب في حلب بجراح بليغة لا يمكننا أن نفعل له أي شيء، يبقى على الأرض حتى يلفظ أنفاسه الأخيرة”.
وتعيش المنطقة المحاصرة في مدينة حلب وضعا طبيا سيئاً، إذ تسبب القصف الروسي بخروج كافة المشافي الميدانية في حلب من الخدمة. ويؤكد الدفاع المدني السوري ومديرية الصحة في حلب والمجلس المحلي للمدينة ومنظمة الصحة العالمية، توقّف كل المستشفيات في المنطقة المحاصرة عن العمل، بسبب استهدافها مباشرة وعمداً من الطيران الروسي.
وتزداد معاناة المدنيين في حلب الشرقية مع طول الحصار الذي تفرضه قوات النظام السوري، والمليشيات الطائفية، بدعم من الطيران الروسي على المنطقة، بعد أن دخل الحصار شهره الرابع، ونفدت المؤن والحصص الغذائية في المنطقة، إلى جانب غلاء أسعار المواد الموجودة في المحلات التجارية في المنطقة، والفقر المدقع لدى المدنيين.
وما زالت الأمم المتحدة تقول إنها تنتظر موافقة النظام السوري وروسيا على إدخال شاحنات الإغاثة إلى حلب.
العربي الجديد