“الله وحده يعرف ما تمتلكه وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، لأن لديها القدرة على اختراق أي شيء تقريبًا”، حقيقة أعلنها الرئيس التنفيذي لمركز الفضاء الافتراضي الاستراتيجي والعلوم الأمنية الكندي، رييتشارد زالوسكي، لموقع “إت ورد كندا”، تعليقًا على كشف موقع “ويكيليكس″ في السابع من مارس/ آذار الجاري عن استخدام المخابرات الأمريكية برامج تجسس خبيثة تخترق أغلب الأجهزة الذكية المتصلة بالإنترنت.
وأشارت تلك الوثائق، التي تعد الأكبر من حيث حجم المعلومات التي تم اختراقها وتخص المخابرات الأمريكية، إلى قدرة هذه البرامج الخبيثة على اختراق بداية من الحواسب الشخصية، والسيارات، وصولًا إلى أجهزة التلفزيون المغلقة، على غرار شاشات التلفزيون الذكية.
ورغم قدرات المخابرات الأمريكية الهائلة على التجسس على أنظمة التشغيل “ويندوز″ و”أندرويد” و”آي أو أس″ و”أو أس أكس″ و”لينكس″ وغيرها من أنظمة التشغيل، إلا أن تسريب “ويكيليكس″ حمل أيضًا رسائل وحقائق مطمئنة للمستخدمين العاديين.
ـ تطبيقات آمنة
من جهته، نوه موقع “بلومبرغ”، في التاسع من مارس الجاري، إلى أن طرق التجسس التي كشفت عنها وثائق “ويكيليكس″ أظهرت عدم تمكن هذه الأساليب من اختراق أو فك شفرات التطبيقات الشائعة بين المستهلكين العاديين مثل: سيغنال، وواتس آب.
ونقل بلومبرغ، عن شركة “أوبن ويشبر سيستم” المنتجة لتطبيق “سيغنال” وتدعم تشفير برنامج “واتس آب”، تصريح القائمين عليها والذي جاء فيه: “يعتمد كشف ويكيليكس، على أن المخابرات الأمريكية تعمل على نقل برامج ضارة وخبيثة إلى أجهزة الهاتف، وبناء عليه هذه الآلية لم تتمكن من فك شفرة برنامج سيغنل.”
وتوضح “بلومبرغ” أن المختص بالقرصنة يتجه عادة إلى اختيار المسار الأقل مقاومة، وهو مايفسر حفاظ تطبيقي “واتس آب” و”سيغنال”، بقدر من الحماية، إذ تحتاج تلك التطبيقات لمجهود كبير من المهاجم، وتجعل عمله أصعب، وذلك مقارنة بالمكالمات الهاتفية والرسائل النصية العادية.
وفي تقرير لموقع “تيك كرانش”، وحمل عنوان “لست مطالبًا بحذف التطبيقات المشفرة مثل سيغنال من على جهازك”، أشار الرئيس التقني لمركز الديمقراطية والتكنولوجيا الأمريكي، جوزيف هال، إلى أن تسريبات “ويكيليكس″ لم تحتو على أي دليل يوضح تعرض التطبيقات المشفرة مثل “سيغنل” لعمليات اختراق.
“التطبيقات المشفرة مثل سيغنل، واحدة من أكثر الوسائل القوية لحماية اتصالاتك الخاصة، وتسريبات ويكيليكس، لم تغير تلك الحقيقة الآن، ولكن لا يوجد إجابة مثالية تدلك على كيفية البقاء في أمان من استغلال واختراق هذه الحكومات القوية جدًا”، يقول “هال” موجهًا حديثه لمستخدمي الهواتف النقالة.
ـ حادث سيارة يعود للعلن
وعلى صعيد آخر، أسفر تسريب “ويكيليكس″، الأخير إلى عودة واقعة وفاة صحفي التحقيقات الحربية الأمريكي، مايكل هاستينغز، الذي عمل في كل من العراق وأفغانستان، مجددًا إلى العلن.
وذكرت صحيفة “ذا صن” البريطانية، الأربعاء الماضي، أن حادث اصطدام سيارة “هاستينغز″ المرسيدس المكشوفة، والتي كانت من طراز “سي 250″ بشجرة في مدينة لوس أنجلوس الأمريكية في 2013، قد يندرج في إطار “نظرية المؤامرة” خاصًة بعد كشف “ويكيليكس″ عن إمكانية المخابرات الأمريكية في اختراق أنظمة السيارات لتنفيذ عمليات اغتيال عن بعد.
ونقلت الصحيفة، في تقرير حمل عنوان “هل اغتالت المخابرات الأمريكية صحفيًا؟”، تصريحات كان أدلى بها ريتشارد كلار، المستشار السابق لشؤون مكافحة الإرهاب في عهد الرئيس الرئيس رونالد ريغان، لموقع “هافينغتون بوست”، في 2013، قال فيها إنه “من الممكن أن تكون الحكومة وراء اغتيال هاستينغز، عن طريق هجوم مرتبط بآليات الإنترنت”.
وكانت الحادثة مثار جدل عند وقوعها لعدم تمكن التحقيقات من كشف أسبابها، بالأخص مع تأكيد الطب الشرعي وتقارير السموم أن المواد المخدرة لم تكن وراء الحادث.
وبحسب ما ورد في موقع شبكة “سي دابليو 6 سان ديغو” الإعلامية بتاريخ الثامن من يوليو/ تموز 2013، ادعى الصحفي مايكل هاستينغز، قبل وفاته أنه “تلقى تهديدات بالقتل من أحد أعضاء مجموعة “ماكريستال” الاستشارية العسكرية، بسبب عدد من المعلومات التي سردها في كتابه الخاص بالحرب الأمريكية في أفغانستان والذي حمل اسم “المنفذون: الهمجية والخوف داخل قصة حرب أمريكا في أفغانستان”.
وفي السياق ذاته، أشار موقع “هيفي” الأمريكي الثلاثاء الماضي، أن واقعة وفاة الصحفي مايكل هاستينغز، جاءت مباشرة بعد نشره مقال بعنوان “لماذا يحب الديمقراطيون التجسس على الأمريكيين” على موقع “بازفيد” في يونيو / حزيران 2013.
وتعد مجموعة “ماكريستال”؛ شركة استشارية أسسها جنرال متقاعد في الجيش الأمركي يدعى ستانلي ماكريستال ألين، أقاله الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، في 2010، عندما كان يتولى منصب قائد قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) والقوات الأمريكية في أفغانستان.
وبالعودة إلى التقارير التي نُشرت حول أسباب إقالة الجنرال ماكريستال، كان حوار أجراه الصحفي المتوفي مايكل هاستينغز، مع الجنرال ماكريستال، لصالح موقع “رولينغ ستون”، في يونيو/ حزيران 2010، سببًا في استغناء أوباما عنه.
وقيل حينها أن ذلك الحوار كان بمثابة “أزمة” كبيرة لأنه حمل الكثير من الإهانات الشخصية لأفراد من الإدرة الأمريكية في ذلك الوقت، وعلى رأسهم نائب الرئيس جون بايدن، الذي تحدث عنه “ماكريستال” في الحوار قائلًا إن استراتيجيته “قصيرة المدى وستؤدي إلى الفوضى في أفغانستان”.
جدير بالإشارة إلى أن بيان ويكيليكس، لفت إلى أن مجموعة الوثائق التي تم الكشف عنها منذ أيام، أطلق عليها اسم “القبو 7″، وتستعرض تقنيات القرصنة التي استخدمتها المخابرات الأمريكية من أجل التجسس في الأعوام ما بين 2013 و2016.
وتتكون المجموعة الأولى من هذه الوثائق، والمسماة “السنة صفر”، من 8 آلاف و761 وثيقة تم الحصول عليها عبر الإنترنت من قاعدة بيانات عالية الأمان في مركز الاستخبارات الأمريكي، بمقر الوكالة في “لانغلي”، بولاية فرجينيا.
القدس العربي