هذا هو حال آلاف العائلات التي عانت حصارا مريرا في ظل وجود قوات النظام بريف حماة الغربي في سهل الغاب، التي نزحت وشردت بسبب السياسة الممنهجة للنظام في تهجير أهالي هذه القرى منذ بدء الحراك المسلح للثورة السورية وإفراغ هذه القرى من الخزان البشري الكبير الذي تمتلكه، في سياسة منه للحفاظ على أمن وسلامة القرى الموالية له في الريف الغربي لسهل الغاب في السلسة، التي كان متعارف عليها سلسلة جبال العلويين حيث تعمد النظام حرمان هذه القرى من كافة مقومات الحياة، الأمر الذي أجبر آلاف العائلات للنزوح وقد لعبت عدة عوامل افتعلها النظام لدفعهم لذلك كان أبرزها:
العامل الأمنيِ.. حيث تعمد النظام بعد نشر حواجزه العسكرية في كافة القرى في الريف الشمالي الغربي لسهل الغاب على طول الطريق الواصل بين مدينة السقيلبية الموالية جنوبا ومدينة جسر الشغور المعارضة شمالا إلى مداهمة هذه القرى وإلقاء القبض على أبناء هذه القرى بحجة أنهم مطلوبون لأداء الخدمة الإلزامية، لكن الحقيقة أن النظام تعمد أن يزج بأبناء الطائفة السنية في الجيش من أجل زجهم بالمعارك التي أصبحت تدور بسبب سياسته الهمجية والرامية إلى كسر شوكة الشعب السوري الثائر المطالب بالحرية بمعناها الكامل والكرامة التي سلبها النظام طيلة مدة حكم حافظ الأسد مرورا بابنه بشار.
وحاليا من خلال الحملات العسكرية المدعومة بعناصر الدفاع الوطني والمتعارف عليهم من قبل أبناء الشعب السوري بالشبيحة وفروع الأمن العسكرية للسيطرة على هذه القرى ومحاولة قتل الشباب الثائر الذي حمل السلاح بوجه هذا النظام، الأمر الذي دفع بالعديد من الأهالي للنزوح خارج دياره لأن الوضع الأمني الذي أصبحوا يعانون بسببه الويلات لم يعد يطاق ناهيك عن الإجراءات الأمنية المشددة على الحواجز العسكرية وعمليات التبلي التي كان يقوم بها أثناء عملية تفتيش السيارات المارة من خلال رمي الأسلحة والذخائر فيها وتبلي أصحاب السيارات من أجل سرقة سياراتهم بحجة حجزها ودفع أصحاب السيارات للاعتقال.
أما العامل الاقتصادي.. فلم يكن وضع الأهالي الاقتصادي بأفضل حالا من سابقه: فقد تعمد النظام حرمان أهالي هذه القرى من كافة مقومات الحياة الاقتصادية من خلال الحصار الخانق الذي فرضه عليهم من خلال سيطرة النظام على أفران الخبز وتقنين هذه المادة على الأهالي بشكل لا يطاق بحجة أن الطريق ليس آمن لجلب كميات كبيرة من الطحين للأفران، هذا بالإضافة إلى حرمان الأهالي أصحاب المحال التجارية للمواد الاستهلاكية من السفر إلى المدينة وجلب المواد اللازمة التي يحتاجها الأهالي بشكل يومي إضافة إلى انعدام ماء الشرب بسبب إغلاقه أنابيب المياه التي تؤدي إلى القرى واحتكار المياه لصالح الحواجز العسكرية في سياسة ممنهجة ترمي إلى دفعهم للنزوح وترك مايملكون ورائهم بالإضافة إلى حرمان الأهالي من زراعة أراضيهم الزراعية وتفريغ نهر العاصي من المياه التي يحتوي عليها من خلال البوابة للنهر المتواجدة في قرية القرقور آخر قرى السهل شمالا والتي تقع جنوب جسر الشغور.
والعامل الصحي ..فقد كان الوضع الصحي أسوأ بكثير من سابقيه حيث قام النظام بإغلاق جميع المراكز الصحية التي كانت تتوفر لهذه القرى بالإضافة إلى التضييق على الصيادلة ومحاولة الضغط عليهم من أجل إغلاق صيدلياتهم ما جعل من المواد الطبية شحيحة بالإضافة إلى الأوضاع الصعبة للعديد من النساء الحوامل التي يأتي موعد ولادتها ليلا مع عدم السماح لأحد بالتجوال ليلا وإطلاق الرصاص عليه وقتله.
عامل تحرير فصائل المعارضة المسلحة للحواجز العسكرية التابعة لقوات النظام وما تبعه من ويلات وأهوال جرها على المنطقة من خلال سياسة القصف الممنهج والمركز على القرى ما سبب دمارا واسعا وكبيرا وتدمير قرى بكاملها مثل القاهرة والمنصورة وتل واسط والزيارة والقرقور وخربة الناقوس من خلال القصف بالبراميل المتفجرة والصواريخ الفراغية التي تسبب دمارا كبيرا للمنازل الأمر الذي جعل من فرحتهم بالتحرير حسرة لهم لما حصل بعده.
عامل سياسة النأي بقرى الطائفة العلوية وإبعاد ساحات الصراع بعيدا عنها والذي اتخذ منه النظام سياسة له وسخر لإنجاح هذه السياسة القصف المستمر على القرى وحشد كميات كبيرة من القوات الموالية له وعناصر الدفاع الوطني وكتائب المدفعية والصواريخ في القرى العلوية الموالية من أجل منع مقاتلي المعارضة الوصول اليها.
كل هذه العوامل مجتمعة بالإضافة إلى السياسة العنصرية المركزة والممنهجة والرامية إلى إفراغ قرى سهل الغاب من خزانها البشري دفعت بأهل القرى للنزوح وبدء مرحلة جديدة من العناء وسوء الأوضاع الاقتصادية حيث أفاد المجلس المحلي لبلدة كفرعويث بجبل الزاوية أن ما يقارب ال400عائلة من قرى سهل الغاب قد نزحت إلى قرية كفرعويث بسبب الأوضاع السيئة التي كانوا يعانون منها بسبب سياسة متعمدة من قوات النظام على الحواجز العسكرية كما أفاد بأن كل هذه العائلات نزحت بأرواحها ولم يصطحبوا معهم شيئا يسد لهم عازتهم وقد توجه العديد من هذه العائلات إلى مخيمات اللجوء في الشمال السوري بسبب أوضاعهم التي أصبحت شيئا فشيئا أسوأ مما قبل.
كما أفاد المجلس المحلي لبلدة كنصفرة أن عدد العائلات الموثقة في المجلس من أهالي سهل الغاب قد وصل إلى 1200 عائلة ومعظمهم من قرى سهل الغاب الشمالي الذين نزحوا بسب سوء الأوضاع وانعدام مقومات الحياة بشكل كامل وأن المجلس المحلي يحاول قدر الإمكان مساعدتهم من خلال المنظمات الإنسانية التي لا تقدم لهم إلا الشيء الذي لا يكاد يكفي العائلة التي يتجاوز عدد أفرادها ال7 أشخاص إلا5أيام من سلل المواد الغذائية ما دفع العديد منهم إلى اللجوء لمخيمات اللجوء في الشمال السوري ناهيك عن العائلات التي وثقها المجلس المحلي لبلدة عين لاروز والبارة وكفرنبل وعدة بلدات أخرى بجبل الزاوية والتي دفعت بهم إلى الشمال السوري لعل الوضع يكون هناك أفضل حالا من الوضع الذي كانوا عليه لكنهم فوجئوا بالأوضاع السيئة وقلة الاهتمام بأوضاع النازحين من شتى المناطق السورية، وغياب شبه كامل للمنظمات التي ترعى الشؤون التعليمية والصحية مع قلة الاهتمام بالجانب الإغاثي الغذائي ما دفع العديد منهم إلى القيام بمظاهرات داخل المخيمات تنديدا بسياسة إدارة المخيم المتجاهلة لمتطلباتهم وقد شارك بالمظاهرة العديد من أبناء المناطق السورية النازحين هناك وقد وصل عدد المتظاهرين إلى أكثر من 350متظاهرا وقد رفعوا شعارات ولافتات كتبوا عليها (( حصار مرير وواقع النزوح أدهى وأمر)) وطالبوا إدارة المخيم بمحاولة الاهتمام أكثر من ذلك بمتطلباتهم والنظر بعين المتبصر والاعتبار للظروف المأساوية التي وصلوا إليها بسبب آلة الآسد الهمجية وسياسة القذيفة والمدفع والصواريخ الفراغية والبراميل المتفجرة.
أغيد النعيمي- المركز الصحفي السوري