في حصار حمص القديمة الذي استمر لأكثر من عام، لم تغزو صور الأجسام النحيلة وسائل الإعلام، ولم تغص مواقع التواصل الاجتماعي بصور ضحايا ذلك الحصار، من الأطفال والشيوخ والنساء وحتى الرجال، على الرغم من قسوته وطول مدته، وذلك لأسباب عديدة ولربما أهمها أن الجهة المحاصرة كانت قوات الأسد، حيث استغل الأهالي المحاصرين الفساد المنتشر في عقيدة هذا “الجيش” لادخال كميات من الطعام مقابل مبالغ مالية، وليس غريب عن هذا “الجيش” الذي له تجارب في بيع الأسلحة والعتاد العسكري إلى خصومه.
مضايا ولعنة “حزب الله”
في المقابل، كانت لعنة أهالي مضايا في ريف دمشق الغربي في موقعها الجغرافي الذي يقع في صلب “المحمية” التي تعمل إيران على إيجادها في سوريا، والتي تتداخل مع منطقة “بقاع لبنان الشمالي-الشرقي” المتاخمة لمضايا، أضف إلى ذلك “لعنة” الطرف الذي يحاصرهم، فميليشيا حزب الله اللبناني أفرغت حقدها الطائفي على تلك البلدة التي تضم نازحين من مدينة الزبداني المجاورة التي أنزلت بالميليشيا خسائر بشرية موجعة، وعمدت الميليشيا وبقرار من زعيمها “حسن نصر الله” اتباع أساليب لم تستخدمها حتى “إسرائيل” العدو المفترض لما يسمى محور “الممانعة والمقاومة” التي يشكل حزب الله أبرز أعضاء جوقتها.
تخطت مضايا يومها الـ200 من الحصار، الذي أجبر الأهالي على أكل أوراق الشجر والحشائش والأعشاب ولحوم القطط والكلاب وما تلفظه مكبات النفايات، وذلك بسبب انعدام الطعام والأغذية في البلدة التي تضم نحو 40 ألف مدني.
حزب الله: الأرض والبيت مقابل الخروج من سجن مضايا
يؤكد ناشطون من داخل البلدة المحاصرة لـ”أورينت نت” أن محاولات الأهالي للخروج من سجنهم الكبير المسور بآلاف الألغام وعدسات القناصات، اصطدمت بشروط تعجيزية لعناصر ميليشيا حزب الله، تمثلت بطلب الأخيرة عقود بيع بيوتهم وأراضيهم وممتلكاتهم مقابل السماح لهم بالخروج، وذلك ضمن سياسية التغيير الديمغرافي التي ينفذها “حسن نصر الله” تطبيقاً لأوامر ومخططات إيرانية، بدأتها في حمص وعدة مناطق في ريف دمشق.
المحمية الإيرانية
يعقب مدير مؤسسة لايف الحقوقية المحامي اللبناني”نبيل الحلبي” على ممارسات حزب الله في مضايا بالتأكيد على أنها تأتي ضمن سياسة ممنهجة من أجل تهجير أهالي ريف دمشق قسرياً، عبر تطبيق معادلة “مقايضة الأرض مقابل الغذاء”، وذلك كما حصل في حمص القديمة تماماً.
يؤكد “الحلبي” في حديث لـ”أورينت نت” أن الأجندة الإيرانية في سوريا تهدف إلى إيجاد مساحة كبيرة تمتد من الزبداني و القلمون و القصير و حمص و الساحل، وتبتلع كامل الحدود مع “بقاع لبنان الشمالي-الشرقي”، بهدف ربطها بمنطقة “بعلبك الهرمل”، على أن تكون لاحقاً “دويلة فاطمية” تابعة لنظام الولي الفقيه.
ويضيف “لكي تنجح هذه الإستراتيجية يقتضي تهجير السكان السنة من هذه المناطق إضافة إلى تهجير أهالي عرسال اللبنانية.
الأمم المتحدة شريكة في الجريمة
يشير الحقوقي اللبناني إلى تخاذل الأمم المتحدة في إيصال المساعدات إلى مضايا و بقين وفق إتفاق “الزبداني – الفوعة” الذي كانت راعية له، معتبراً أن شعار “الجوع أو الركوع” الذي رفعه النظام السوري وطبقتهه ميليشيا حزب الله ضد سكان ريف دمشق، هو كفيل بإدانة الأسد دولياً، أو ليكون سبباً يتحرك من أجله مجلس الأمن، و إحالتها إلى القضاء الجنائي الدولي،بوصفها جرائم ضد الإنسانية.
ويطالب مدير “مؤسسة لايف” جميع المنظمات الحقوقية والإغاثية بتوثيق إنتهاكات حزب الله، بإعتبارها جريمة حرب موصوفة، تستخدم الحصار التجويعي للسكان المدنيين كتكتيك و استراتيجية حربية من أجل الضغط على المعارضة المسلحة للاستسلام و الإنسحاب من مناطق، إلى جانب أنها تؤدي في نهاية المطاف إلى تهجير السكان الأصليين من أرضهم.
يشار هنا أن الأمم المتحدة تنصلت من تعهداتها بإدخال المساعدات الغذائية والإنسانية إلى مضايا، وذلك في خرق لبنود اتفاق الهدنة بين “جيش الفتح” وإيران الذي كان برعايتها، من خلال عدم إرسال قافلة مساعدات إلى بلدة مضايا المحاصرة، والتي كان من المفترض دخولها قبل نحو أسبوع.
والجدير بالذكر، أن “أورينت نت” كشفت يوم أمس بأن مكتب الأمم المتحدة المعني بملف الزبداني، رد على عدة طلبات مقدمة من الهيئات الأغاثية والمجالس المحلية في الزبداني ومضايا من أجل التدخل وانقاذ المدنيين الجوعى، بأن جميع كوادر المكتب في إجازة.
أورينت نت