حين اغتيل الرئيس رفيق الحريري، تفتّق ذهن حزب الله عن فرضيات عجيبة تجعل من إسرائيل المتورط الأول بالجريمة، نذكر الخرائط والفيديوهات التي عرضها نصر الله على الناس، مع أن الحيثيات والوقائع التي عرضت تتناقض ومسببات الأحداث ومساراتها آنذاك.
أراد نصر الله أن يبرئ الحزب والنظام السوري من المسؤولية، وأن يذهب بأذهان الناس بعيداً، محاولاً إنهاء الجدل حول السيارة التي جاءت من الضاحية كما قال آنذاك المحقق الدولي ديتليف ميليس.
لكن حين تعلّق الأمر باغتيال بعض قادته فإنه يبرئ ساحة إسرائيل، في ظهوره الأخير أصرّ نصر الله على كون مصطفى بدر الدين ضحية ما أسماها بـ”الجماعات التكفيرية”، جاعلاً إسرائيل خارج قصة اغتيال بدر الدين، كان الحزب أثناء اغتيال الحريري يسأل مع فلكه الإعلامي ومراوحه الصحافية: “من المستفيد؟” لكنه مع مصطفى بدر الدين سأل السؤال الآخر: “من هو العدو؟!”.
بالطبع، ميليشيا حزب الله تقاتل الشعب السوري، والمعارضة المعتدلة، وهي في صراعٍ ضد حقوق الشعب السوري، لكن الغريب أن يبرئ الحزب إسرائيل من حادثة مصطفى بدر الدين، ويصرّ على توريطها باغتيال الحريري، هنا تأتي الفضيحة الكبرى لمنطق الحزب الميلشيوي، كما في قصة “أبو عدس” وسواها من الفبركات الإعلامية العقيمة.
ثم دارت الأيام، وصدر القرار الظني، وعلم الناس أن حزب الله بقادته مع النظام السوري هم المسؤولون عن دماء سالت فقط لاختلافها السياسي معهم، وشاءت الأقدار أن يذوق قادة الحزب من نفس كأس جبران وسمير قصير ورفيق الحريري، فما هو أخطر من إسرائيل الميليشيات التي تبرئها أو تحملها المسؤولية حسب الظروف والمصالح.
عكاظ