ينحدر أغلب الجنود السوريين من الطبقات الفقيرة و معظمهم من صغار السن، و هناك نسبة40% منهم من غير الراغبين بالمشاركة في الحرب و خاصة بعد خمس سنوات من الخسارات لتي تكبدها النظام، فمنهم من أرغموا على القتال بسبب الحاجة المادية أو بسبب ضغط النظام عليهم، أو لأسباب طائفية، وقد وثق المرصد السوري لحقوق الانسان أن نحو 100 ألف جندي للنظام لقوا حتفهم على يد الفصائل المعارضة .
ذكرت شبكة أخبار دمشق أنه في آخر ثلاثة أشهر تم سحب 27 ألف شاب لمعسكر الدريج في ريف دمشق عنوة، إذ عمل نظام الأسد على زجهم في خطوط الدفاع الاولى للمعارك القائمة في ريف اللاذقية و ريف حماة الشمالي دون تدريب مسبق لهم أو حتى التأكد من جاهزيتهم للحرب، فكثير من الجنود لا يتم تأمين الطعام لهم أو حتى مكان للعيش فيه، وكثيرون منهم لم يتقاضوا رواتبهم منذ أكثر من سنة.
“كل القيادة عندي ما تسوى قشرة بصلة ” تسجيل مسرب تم توثيقه من قبل الثوار بين قائد مجموعة تابعة لقوات النظام و مجند محاصر من قبل الفصائل الثورية، ليؤكد القائد أن أوامر الصمود على الجبهة وعدم الانسحاب من المعركة قادمة من القيادات العليا، فيرد عليه المجند “أنه ومن معهم باقون في مواقعهم لأنهم يعلمون أنهم إن وقعوا في يد الفصائل التي يعتبرونها “إرهابية” فسوف يتم قتلهم”.
في المقابل يتبع النظام مقولة “متخاذل في الدفاع عن وطنه” حجة كافية لتصفية كل من يحاول الهروب من أرض المعركة، إذ بات بعض الجنود يسعون للخلاص من هذه الحرب الطاحنة بعد احتفاظ النظام بهم لمدة طويلة، فنقلا عن تلفزيون “الأن “تم توثيق عدد من الجنود يستغلون الوضع خلال الاشتباكات فيطلقوا النار على نفسه بغية الحصول على تسريح نهائي أو على الأقل الحصول على فترة نقاهة، لكن النظام يقوم بتصفيتهم بعد التحقيق معهم.
كثير من التسجيلات تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي بحديث بين المجند في أرض المعركة يناشد القيادة بنقص بالذخيرة أو حتى محاصرة في مكان ما دون استجابة، سالم العجل مجند منشق عن أحد حواجز النظام في حلب يقول لمراسل المركز الصحفي السوري :”يزج النظام المجندين بالخطوط الاولى ليكونوا حماية للميليشيات الايرانية، بالإضافة لان كثير من الجنود يموتون وهم ينتظرون من ينقلهم من أرض المعركة للمشافي لتلقي العلاج “.
فكثير من الدراسات حول حال المجندين في الحرب تؤكد أن الضغوطات ومناظر القتل سببت لهم الكثير من الامراض النفسية، حيث يتحدث الطبيب النفسي “جورج معلا” عن حال الجنود السوريين لصحيفة المدائن :”يعاني معظم المجندين من الارهاق الشديد وعدم القدرة على مواصلة القتال، بالإضافة لكثير من الشكاوي الجسدية والآلام المتفرقة دون وجود سبب عضوي، وكثير من الذين يرتكبون جرائم قتل غير مبررة، يعانون من مشاكل نفسية سببتها الحرب ويتّسموا بعدوانية شديدة جداً، كما ترافقهم حالات القلق وقلة النوم والكوابيس، فكثير من الأطباء يلجأ لإعطاء الجنود مهدئات لتخفيف الواقع المفروض عليهم “.
تذكر سلوى وهي مواطنة من مدينة ادلب عن حال المجندين واللجان الشعبية في معركة تحرير إدلب :”كان الشبيحة والمجندين يتخبطون ذعرا وخوفا من الثوار، وكان غالبيتهم يسأل المواطنين الهاربين من القصف عن حقيقة دخول الثوار، بعد انقطاع الأخبار عن قادتهم في ساحات القتال و سماع أصوات التكبيرات تعلو داخل المدينة”.
نهاية محتومة بالموت وحياة تعيسة في حواجز مستهدفة كل يوم، هذا واقع الجندي السوري إضافة لمشاركته بقتل آلاف الابرياء من السوريين دون مبرر، أسباب تدفع فعلاً لإيجاد حل يوقف آلة الحرب التي فتكت بالمجتمع السوري منذ خمس سنوات.
أماني العلي ـ المركز الصحفي السوري