رأى رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أنه “لا يوجد تبدُل في الموقف الدولي من نظام الرئيس السوري بشار الأسد بل على العكس بعد إنجاز الاتفاق النووي أعتقد أنه ممكن أن يزداد الضغط على النظام السوري كي يرحل الأسد وتبدأ عملية سياسية معينة، نحن جميعاً بانتظارها، في سوريا”، مشيرا الى أنه “قد نشهد في الأشهر المقبلة وجوداً عربياً مباشراً وقوياً في سوريا على غرار ما هو حاصل في اليمن، واذا اتُخذ هذا القرار سيكون وجوداً حاسماً مرة لكل المرات”.
واعتبر جعجع في حديث تلفزيوني أن “من يقف وراء عدم انتخاب رئيس جمهورية قوي في لبنان هم النواب الذين يُقاطعون جلسات انتخاب الرئيس، فحتى الآن لم يُنتخب هذا الرئيس لعدم اكتمال نصاب هذه الجلسات، اذاً من يغيب عنها يمنع الانتخاب وبالتالي يُعطله”.
وعن المرحلة التي وصل اليها الحوار بين التيار الوطني الحر والقوات، أوضح جعجع أن “هناك مسارات عديدة لهذا الحوار انطلاقاً من انقطاع تواصل دام 30 عاماً بين الفريقين، فالسرعة ليست نفسها على جميع هذه المحاور، هناك تقدم كبير على بعض المحاور مثلاً على صعيد التعاون البرلماني أو اتخاذ مواقف واحدة من بعض القضايا الآنية المطروحة، بينما في ملفات أخرى كالملف السياسي فإن التقدم بطيء انطلاقاً من التموضع السياسي المختلف تماماً، ولكن إن كان التيار أو القوات كلاهما لديهما القناعة والنية الكاملة لاستمرار هذا الحوار حتى النهاية”، مؤكدا أن “الشرط الأول والأساسي للوصول الى جمهورية قوية هو أن نُعيد كل القرار وبالأخص الأمني، العسكري والاستراتيجي الى كنف الدولة اللبنانية، ومن هنا مطالبتنا حزب الله مراراً وتكراراً بإعادة القرار الى الدولة اللبنانية وتسليم سلاحه الى الجيش اللبناني، ماذا وإلا سنبقى بحالة جمهورية افتراضية”.
وأضاف: “أنا لست متخوّفاً على الوجود المسيحي في الشرق لأن ما يحصل ليس عملية ممنهجة المقصود بها المسيحيين تحديداً، بل هي تطورات تاريخية تحصل وللأسف بأثمان باهظة جداً انسانياً، اجتماعياً ومادياً، ومن هذا المنطلق أعتقد أن مصير مسيحيي الشرق سيكون من مصير مجتمعاته، إما أن تؤدي هذه الأزمات الى الوصول الى مجتمعات تعددية، حرة وديمقراطية وبالتالي يكون مصير المسيحيين محفوظاً، وإما أنها لن تصل وبالتالي سيكون مصير المسيحيين وغير المسيحيين وكلّ الأحرار من مسلمين ومسيحيين وباقي الطوائف مجهولاً”، معتبرا أن “الإرهاب محكومٌ عليه مسبقاً لأنه يأتي بعكس منطق ولغة التاريخ”.
وأعرب عن أسفه لأن “هذا الإرهاب قد يتمكن من إلحاق خسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات والمجتمعات والثقافة والمتاحف والآثار، ولكن لفترة قصيرة وبشكل محدود، لأنه في نهاية المطاف منطق البشرية والانسانية هو الذي سيسود، من هنا ليس لدي تخوفاً كبيراً. علينا الصمود ومواجهة هذا الإرهاب بأوجهه كافة أي إرهاب “داعش” وإرهاب الأنظمة الديكتاتورية الذي يكون في بعض الأوقات أكبر حين يستعمل مثلاً الأسلحة الكيماوية”.
وحول الأزمة السورية واستمرارها منذ 4 سنوات حتى اليوم وتغيُّر المزاج الدولي تجاه نظام الأسد، قال جعجع: “أنا أخالفك الرأي لا بل لدي معطيات مناقضة، فبعض الدول تحاول أن تتعاون مع النظام الأسدي في ما يتعلق بمعلومات عن “الداعشيين” الذين يأتون منها الى سوريا، ولكن هذا ليس معناه إطلاقاً أن هذه الدول غيّرت من موقفها، والمثل الأبرز أتى في مقابلة للرئيس الأميركي باراك أوباما”.
وعن استمرار دعم ايران وروسيا لحليفهم الاستراتيجي بشار الأسد، لفت جعجع الى أن “هناك مستجد لا يجب تجاهله وهو قيام التحالف العربي الذي بدأ بشن ضربات جوية في اليمن انطلاقاً من تمدد مجموعات مسلحة تابعة للحوثيين من جهة وللرئيس السابق علي عبد الله صالح من جهة أخرى، وبتقديري لم تعد المسائل بالسهولة التي كانت فيها سابقاً، فإن كانت ايران أو روسيا تدعمان الأسد بشكل مباشر أو غير مباشر، من الممكن أن نشهد في الأشهر المقبلة وجوداً عربياً مباشراً وقوياً في سوريا، واذا اتُخذ هذا القرار سيكون وجوداً حاسماً مرة لكل المرات”.
وعن انعكاس الاتفاق النووي على علاقة ايران بالدول الخليجية وعلى لبنان، رأى أنه “من المبكر جداً تقدير ما ستكون ارتدادات الاتفاق النووي الاميركي-الايراني، خصوصاً أنه لم يُنجز بعد، فهو مشروع اتفاق، ولدينا حتى شهر حزيران لنعرف ما اذا كان الاتفاق سيُنجز بشكل دقيق وعلمي وبأي تفاصيل، كذلك لدينا حتى حزيران لنرى ما سيكون عليه الموقف الأميركي إثر انجاز هذا الاتفاق”، مشيرا الى أن “المؤشرات الأولية تدل على أن أميركا وكأنها تفاهمت مع ايران حول الملف النووي على قاعدة “لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم”، وبالمقابل ستتفاهم مع الدول العربية الأخرى على ملفات المنطقة الأخرى وفي طليعتها الملف اليمني والسوري واستطراداً الملف العراقي، اذاً فلننتظر”.
واستبعد جعجع أن “ينعكس تأثير الاتفاق النووي على الداخل اللبناني لأن لا علاقة مباشرة له، فالأميركيون لم يُسايروا الايرانيين حول ملفات المنطقة، وبالتالي لماذا سيُقدم الايرانيون على الافراج على ملف الرئاسة اللبنانية؟ مقابل ماذا؟ طالما ان الاميركيين ودول الغرب لم يُعطوا إيران شيئاً لا بل هم بصدد استرجاع بعض الملفات الأخرى كالملفين اليمني والسوري واستطراداً أجزاء من الملف العراقي”.
وعمّن يقف وراء عدم انتخاب رئيس جمهورية قوي في لبنان، قال جعجع:” ان الجواب بسيط جداً، من يُقاطع جلسات انتخاب الرئيس، فحتى الآن لم يُنتخب هذا الرئيس لعدم اكتمال نصاب هذه الجلسات، فمن يغيب عنها يمنع الانتخاب وبالتالي يُعطله”، مؤكدا “أننا لم نغب عن أي جلسة انتخاب للرئيس، وبالتالي لم نكن بانتظار لا ضوءاً أخضراً أو أصفراً أو برتقالياً، هناك كتلتان تتغيبان عن جلسات الانتخاب، وباعتقادي أن كتلة تكتل “التغيير والاصلاح” لا تنتظر ضوءاً أخضراً من أحد ولكن لديها رأيها في الموضوع بينما كتلة “حزب الله” مرتبطة بالاستراتيجية الايرانية العريضة في المنطقة التي هي في موقع هجومي كامل وشامل من المحيط الى الخليج، لذلك لا يذهب نواب حزب الله الى المجلس، فلنقل نحن بانتظار تليين ايران موقفها لتوحي لنواب حزب الله بالتوجُه الى المجلس أو أن يُغيّر العماد عون موقفه ويشارك في هذه الجلسات لانتخاب رئيس”.
وعمّن يقف حائلاً دون قيام جمهورية قوية في لبنان، اعتبر جعجع أن “الجمهورية القوية تعني جمهورية تستعيد كل صلاحياتها، وتسترجع كامل قرارها الأمني والعسكري والاستراتيجي والداخلي”، متسائلا “كيف تقوم جمهورية قوية في وقت تستفيقُ حكومة لبنان على حرب تُشن في الجنوب دون أن تكون على علم بها؟ أو كيف تكون الجمهورية قوية وتستفيق في يوم آخر على مجموعات لبنانية مسلّحة بأحجام كبيرة تخوض حرباً في سوريا؟”.
وعن امكانية مطالبة “التيار الوطني الحر” بإقناع “حزب الله” بالتخلي عن سلاحه، قال جعجع :”في الوقت الحاضر للأسف، يفصلنا عن “حزب الله” محيطات من الفروقات في وجهات النظر السياسية، نحن في العالم اللبناني البحت بينما “حزب الله” في عالمٍ آخر تماماً، فعلى سبيل المثال لا الحصر قام الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله مؤخراً بهجوم ساحق على السعودية بينما نحن نرى أن السعودية هي في طليعة أصدقاء لبنان ولم تألُ جهداً في مساعدتنا، اذاً هجوم نصرالله يأتي انطلاقاً من معطيات واعتبارات غير لبنانية، وهذا أمر لا يمكن ان نقبله”.
وعن تفسيره لاستمرار حوار “حزب الله” وتيار “المستقبل”، رأى جعجع أن “ذلك سببه النية الكاملة لدى الفرقاء اللبنانيين، ومن ضمنهم حزب الله، بالحفاظ على الاستقرار في لبنان وهذا أمرٌ جيد بحدّ ذاته بغض النظر عن الفروقات السياسية الأخرى”.
وعن الإسم الذي يقترحه لرئاسة الجمهورية في حال عدم الاتفاق على انتخابه أو انتخاب رئيس تكتل “التغيير والاصلاح” النائب ميشال عون، قال جعجع:” في هذه الحالة، يجب أن نتداول نحن والتيار الوطني الحر وبقية الأفرقاء المسيحيين والحلفاء وفي طليعتهم تيار المستقبل، لنرى من هو الشخص الأمثل”.