تستمر قوات المعارضة السورية في التقدم شمالا تجاه مناطق العلويين التي يتمتع فيها النظام بنفوذ كبير بعد أن أعلنت عن انطلاق “معركة النصر” في إدلب وحماة شمالي غرب سوريا.
وفتح سقوط مدينة جسر الشغور الاستراتيجية الطريق أمام المعارضة نحو اللاذقية وطرطوس على الساحل. وتحتاج فقط إلى القضاء على باقي جيوب القوات النظامية التي ما زالت تتحصن في مواقع متفرقة من محافظة إدلب قبل شن هذا الهجوم.
ولم يكن نظام الرئيس بشار الأسد يتصور قبل أربعة أعوام انه سيخسر السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي السورية لصالح جماعات المعارضة المسلحة، ودأب على الاستهانة بتوسعها والاطمئنان إلى الدعم الإيراني المتدفق من الأموال والسلاح والمقاتلين.
لكنه اليوم لا يكاد يستعيد توازنه بعد خسارة مدينة مهمة استراتيجيا ليجد نفسه في مواجهة خسارة أخرى.
ولم تعد إيران قادرة على تقديم المزيد من الدعم المالي والعسكري للنظام. وباتت قوات الجيش السوري ممتدة جغرافيا على مساحات شاسعة بشكل بدا أنه يفوق قدرتها على المواجهة.
وبعد السيطرة على جسر الشغور، اتجهت قوات المعارضة إلى الجنوب وبسطت نفوذها على سهل الغاب في ريف حماة وقطعت الطريقين الواصلين من الجنوب إلى محور فريكة – أريحا – مسطومة في محافظة إدلب، الذي مازال في قبضة النظام.
وسارع النظام في إرسال تعزيزات من دمشق في محاولة لفتح الطرق المؤدية إلى الجنوب. واستخدم في ذلك اللواء 106 حرس جمهوري المدعوم بآلاف المقاتلين وعناصر الميليشيات من قوات الدفاع الشعبي.
ويأمل النظام في استعادة أجزاء واسعة من محافظة إدلب، خاصة مدينة جسر الشغور، لكن مراقبين يرون أن القوات السورية لم تعد قادرة على القيام بهذه العملية التي من المنتظر أن تواجه مقاومة شرسة من قبل قوات جبهة النصرة ولواء أحرار الشام.
ويعيش نظام الأسد أسوأ أوقاته منذ اندلاع الحرب الأهلية التي لم تشهد من قبل تحولا كبيرا في كفة الصراع لصالح المعارضة كما يحدث الآن.
ويقول محللون إن تذمرا تظهر ملامحه بين قادة الجيش السوري الذين بدأوا يعتقدون أن المعركة مع المعارضة باتت خاسرة، وهو ما سيؤثر كثيرا على الروح المعنوية وأداء القوات بشكل عام.
والقادة العسكريون هم آخر المستائين من النتائج الأخيرة لقوات النظام، فمنذ وقت طويل يواجه الجيش أزمة حادة في عدد القوات نتيجة للانشقاقات بين صفوفه وتهرب أبناء الطائفة العلوية التي يعتمد عليها بشكل كبير من التجنيد.
وتشير الأدلة والمقاطع المصورة من معركتي إدلب وجسر الشغور أن الجيش بدأ يتجه إلى تجنيد صغار السن وغير المدربين بشكل كاف لخوض معارك مصيرية والدفاع عن نقاط استراتيجية هامة.
وتحول هؤلاء على ما يبدو إلى عبء على الجيش الذي يريد مجاراة المعارضة في تقدمها، لكنه مثقل بالشباب الذين عادة لا يستطيعون الصمود في معارك حاسمة.
وفجر أمس تمكن جيش الفتح المكوّن من جبهة النصرة وجند الأقصى وحركة أحرار الشام الإسلامية وجيش السنة وفصائل إسلامية أخرى من السيطرة على معسكر القرميد أحد أهم المعاقل المتبقية لقوات النظام في محافظة إدلب.
وجاءت خسارة النظام لهذا المعسكر الاستراتيجي لتؤكد تشتت القوات النظامية بعد أن اضطر النظام إلى سحب قوات كبيرة كانت مسؤولة عن تأمينه لحماية الطريق الاستراتيجي المؤدي إلى محافظة اللاذقية. واستغلت المعارضة هذا الانسحاب للسيطرة على المعسكر الذي يمهد لسقوط باقي محافظة إدلب.
المصدر: صحيفة العرب