منذ انطلاق الثورة السورية عام 2011 لجأ النظام السوري إلى العديد من وسائل الضغط على الثائرين، لردعهم وإيقافهم عن المضي في الطريق الذي سلكوه، وأهم وسائل الضغط هو قطع الكهرباء والمحروقات لا سيما الغاز المنزلي عن المناطق الخارجة عن سيطرته، إذ لا يمكن الاستغناء عن اسطوانة الغاز نظراً لأهميتها في تلبية حاجات المنزل اليومية.
لم يسمح النظام بتصدير اسطوانات الغاز خارج مناطق سيطرته، إلا أنها كانت تهرب عن طريق بعض التجار والمهربين المتعاملين مع الحواجز المنتشرة على الطريق الموصل إلى المناطق المحررة.
“محمود” أحد الموظفين الذين يذهبون إلى حماة يقول :”في طريق عودتي إلى ريف إدلب، اصطحبت أسطوانة غاز، لكن الحواجز المنتشرة على الطريق أعادتني إلى حماة بصحبة الأسطوانة، لمنع خروج الغاز إلى المناطق المحررة”.
استغل النظام حاجة الشعب الماسة للغاز، ليبيعها بأسعار مرتفعة جداً بالنسبة لدخل المواطن، حيث يبلغ سعر اسطوانة الغاز 20 دولاراً، وهذا سعر يفوق قدرة المواطن ليس على شرائها بل وحتى مجرد التفكير بها.
خالد أحد مواطني ريف إدلب الجنوبي: “إن أسطوانة الغاز أصبحت حلماً يراودنا في المنام، لحاجتنا الماسة لها، وعدم قدرتنا على تحمل سعر الاسطوانة المرتفع”.
والذي زاد الأمر تعقيداً على المواطن، سيطرة ” تنظيم الدولة ” على العديد من المناطق النفطية ومنابع الغاز في المناطق الشرقية من سوريا، وإبقاء الغاز محصوراً على المناطق التي يسيطر عليها التنظيم، لإجبار الأهالي على الإقامة في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، بسبب السعر الزهيد الذي يقدمه التنظيم لأسطوانة الغاز وباقي المحروقات، حيث يبلغ سعر اسطوانة الغاز في مناطق سيطرة التنظيم 5 دولارات، السعر الذي يناسب غالبية فئات الشعب، حيث أفاد محمد أحد الفارين من مناطق سيطرة التنظيم” إن أسعار المحروقات وخاصة الغاز زهيد جداً، لترغيب المواطنين للسفر والإقامة في مناطقهم، وتقديمها مجاناً للأشخاص الذين ينتسبون للتنظيم”.
فهذه العقبات والصعوبات في الحياة دفعت المواطن السوري للبحث عن بدائل لحل أزمة الغاز، ومحاولة الاستغناء عنها، فلجأ معظم السكان لإنشاء ما يعرف “بالدفية” (وهي عبارة موقد مكون طين فخاري بارتفاع 30سم، يوضع بداخلها الحطب) وتوضع أواني الطبخ في الأعلى، وإحدى الطرق الأخرى ما يعرف “بالببور” (وهو موقد يعمل على مادة الكاز).
حيث أفاد إبراهيم أحد تجار المحروقات في إدلب: “إننا نحاول توفير مادة الكاز للمواطن لاستخدامها كبدائل عن أزمة الغاز وبأسعار مناسبة، حيث يبلغ سعر ليتر الكاز 175 ليرة سورية، ويحتاجه الشعب بكثرة لتلبية احتياجاته”.
أم خالد إحدى النازحات من ريف حماة الشمالي وتقيم في أحد المخيمات بريف إدلب الجنوبي: “لقد اضطررنا لاستخدام الوسائل البدائية، لكي نستغني عن مادة الغاز التي افتقدناها منذ 3سنوات، ولكن تجار المحروقات يستغلون الحاجة لمادة الكاز ويتحكمون بسعرها، حيث يتم رفع سعرها بين الحين والاخر”.
انقطاع الغاز المنزلي وارتفاع اسعاره هو أحد مظاهر معاناة المواطن السوري في المناطق المحررة، فهل يا ترى ستنظر الجهات المعنية لهذه المشكلة وغيرها وتحاول التخفيف من وطأة هذه الازمات المتلاحقة.
أحمد الإدلبي ـ المركز الصحفي السوري