ست سنوات من الحرب وجرح سوريا مازال ينزف، فلا تكاد مدنها تخلو من آثار الدمار والقصف، وحوادث الاغتيال والاعتقال والخطف، إضافة لجرائم القتل بأنواعها، حتى باتت سوريا دولة غير آمنة وبعض مدنها من أخطر مدن العالم كما صنفتها منظمات إنسانية.
وساهمت الحرب بانتشار ظواهر سلبية عديدة كالسرقة، المخدرات، التسول، والاختلاس، وبالأخص في مناطق سيطرة النظام وذلك حسبما ذكرت وسائل إعلامية تابعة لهم نقلا عن تصريحات المحامي العام بريف دمشق ماهر العلبي.
وأعلن العلبي مؤخرا لصحيفة “الوطن” الموالية للنظام، أن جرائم الشرف ارتفعت أربعة أضعاف في ظل الأزمة التي تشهدها سوريا، وبالأخص في المناطق الريفية مايشكل خطرا على المجتمع، وصرح أيضا أحمد البكري رئيس غرفة الجنايات في محكمة النقض أن تلك الجرائم انتشرت في مناطق المسلحين بحسب تعبيره “المناطق المحررة”.
وأوضح البكري أن سبب انتشارها يعود لتحريض المسلحين الفتاة على التمرد، وفي نفس الوقت يحرضون الأهالي على قتلها لتمردها، وأضاف أن المناطق الخارجة عن سيطرة النظام تشهد حالة من الفوضى في ظل غياب القانون والضابطة العدلية والمحاكم ما يؤدي لارتفاع نسبة جرائم الشرف، وأكد أن تلك الجرائم كانت قبل الأزمة قليلة وشبه نادرة لترتفع بعدها، وأنه لاتوجد إحصاءات دقيقة بعددها.
من الواضح أن البكري والعلبي اعتمدا في تصريحاتهما على قصص وحكايا من نسج خيالهما دون الاستناد على أدلة أو براهين تثبت صحة كلامهما، ومن يتمعن فيها يدرك تماما أن الهدف منها بالدرجة الأولى تشويه صورة المناطق المحررة و”الثوار”، وأن الفوضى والعشوائية تسودان فيها وكأنما سكانها يعيشون في غابة، متناسيا البكري حالة الفوضى وقضايا الفساد المنتشرة في أرجاء دوائر ومؤسسات الدولة وحوادث الاختلاس وسرقة أموال الشعب.
ولعل ظاهرة جرائم الشرف إن صح التعبير أن تطلق عليها اسم “ظاهرة”، فهي موروث اجتماعي يعود للعادات والتقاليد تحت مسمى “غسل العار”، في حال ارتكبت الفتاة أو الزوجة إثما غير شرعي مخلا بالآداب والأخلاق، فالقانون السوري يعطي “العذر المحل” لمرتكب الجريمة مايخفف عنه العقوبة وفي أقصاها لاتتجاوز السجن لمدة ثلاثة أشهر، مايعطي مبررا لارتكاب هكذا جرائم بحق النساء.
لجأ إعلام النظام منذ بداية الثورة السورية إلى إلقاء اللوم على من خرج وطالب بالحرية، ليزرع في نفوس المواطنين الأفكار السوداء ويثبت أن جميع الظواهر السلبية والجرائم ارتفعت وبالأخص في المناطق الخارجة عن سيطرته بسبب الحرب وتواجد الإرهابيين فيها بحسب زعمهم.
فهم لايدركون أن اللوم يقع في الدرجة الأولى على عاتقهم، ومن يريد أن يحكم دولة ويحارب من يعبث بأمنها عليه أن يوفر الأمان لمواطنيها، ويلاحق قضايا الفساد والجرائم ويتخذ عقوبات صارمة بحق مرتكبيها للحد منها، إلا أنه جل مايقومون به عبر إعلامهم إيهام العالم أن الإرهابيين والمسلحين هم وراء الفساد والتحريض على ارتكاب الجرائم، لكن السوريين بمافيهم الموالين للنظام لم يصدقوا تلك الأكاذيب والتهم الملفقة لأنهم أعلم بما يحدث في مناطق سيطرته وأعلم بقضايا الانحلال والانفلات الأخلاقي التي يمارسها عناصره حتى في الأماكن العامة.
المركز الصحفي السوري ـ سماح خالد