السؤال المتجدد عند أي حديث عن جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية في سورية، أين العدالة الدولية من هذه الجرائم ومن حماية حقوق الإنسان؟
المحكمة الجنائية الدولية هي المرفق الوحيد صاحب الإختصاص في تحقيق العدالة الدولية وملاحقة مجرمي الحرب عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وهذه المحكمة مستقلة عن الامم المتحدة ومنظماتها، وتنحصر العلاقة بينهما فقط بحقّ مجلس الأمن إحالة أي حالة إلى المحكمة للنظر بها والتحقيق بها .
أهم المشاكل التي تعيق تحقيق العدالة أمامها هي ما تضمنه نظام روما من إجراء الإحالات إلى المحكمة الجنائية الدولية، فقد حصرت الإحالة بثلاث جهات هي ” الدولة الطرف ومجلس الأمن مستنداً الى الفصل السابع من ميثاق هيئة الأمم والمدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية “.
المدعي العام هو صاحب الاختصاص الأصيل في مباشرة الدعوى دون سواه، وهو من يفحص في مدى جدّيتها وتوافرها على أساس واقعي وقانوني، ليباشر التحقيقات ويحرك الدعوى الجنائية الدولية
ومن القيود القانونية التي تقيّد المدعي العام ” طلب الإذن من الدائرة التمهيدية حينما يباشر المدعي العام تحريك الدعوى من تلقاء نفسه، وقد تتوقف الدعوى بموجب قرار من مجلس الأمن ، و يوجد بعض النصوص في نظام المحكمة ترقى لان تكون في حدّ ذاتها رخصة للإفلات من العقاب، بالإضافة لضغوطات الدول الكبرى للتأثير على استقلالية المحكمة بما يتعارض وأهدافها, و إذا ما تجاوزت الدعوى الجنائية الدولية تلك القيود فإنها قد تواجه عقبات ميدانية مثل وضع العقبات أمامها عند قيامها بجمع الأدلة و خاصة أثناء النزاعات المسلحة، أو في حال رفض الدولة المعنية التعاون مع المحكمة أو عدم تنفيذ قرارات مجلس الأمن خاصة إذا وجدت من يدعمها، وهذا للأسف ما يعانيه السوريون من ضحايا جرائم النظام السوري و الروسي والإيراني في سورية، حيث تقوم روسيا والصين بتعطيل عمل مجلس الأمن و منعه من إتخاذ قرار بإحالة ملف جرائم الحرب و الجرائم ضد الإنسانية الى المحكمة الجنائية الدولية , بالإضافة إلى أن سورية لم تنضم للدول الموقعة على نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية , كما أن مؤسسات المعارضة تفتقد الاعتراف القانوني الدولي الذي يعطيها شرعية عقد الإتفاقيات الدولية أو الإقليمية ومنها التوقيع على نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية .
كل هذه العوائق و الضغوط الدولية مازالت عائقاُ أمام تحقيق العدالة و بوابةً للمجرمين للإفلات من العقاب و تماديهم في طغيانهم و وحشيتهم، شممنا السارين والكلور و الخرذل و قُتِل منا من قُتِلَ ولم نرَ أي أفق لتحقيق العدالة مما يكرِّس فعلاً مفهوم ” انتقائية العدالة الدولية ” .
المحامي : عبد الناصر حوشان