مددت جامعة دمشق فترة توقيف أحد أساتذتها عن التدريس بسبب انتقاده في وقت سابق، الأوضاع الاقتصادية المتردية في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري، وحديثه عن تلاشي الطبقة المتوسطة، وتحذيره من خطورة الفقر، والنتائج الكارثية لظاهرة أمراء الحرب، وذلك خلال محاضرة ألقاها الأستاذ الجامعي في «غرفة تجارة دمشق»، في العام 2017.
وفي التقاصيل، أكد الأستاذ الجامعي في كلية الاقتصاد، زياد زنبوعة، على صفحته الشخصية «فيسبوك»، إصدار إدارة الجامعة قراراً بنقله إلى خارج الجامعة، وتمديد مدة توقيفه عن العمل، بتهمة المساس بهيبة الدولة وإضعاف الشعور الوطني للمواطنين وبعث روح الانهزام فيهم.
وأوضح، أنه بعد توقيفه عن العمل لكل المدة السابقة، تفاجأ الآن بالقرار الجديد، وأضاف استلمت البارحة القرار القضائي التالي، الصادر ضدي، أربع سنوات وما فتئت تتكالب علي الجهات القضائية والجامعية، ليس لأني أحمل شهادة دكتوراه مزورة، لا فهذا لن يعاقب عليه أحد، وليس لأني كنت أبيع الامتحانات، لا فهذه لا تستحق المتابعة، وليس لأني أتغيب عن عملي أو أقصر فيه، لا فهذا أمر طبيعي، وليس لأني أُخرِّج أجيال ضعيفة علمياً، لا فهذا أمر لا يعني أحد، بل لأني تكلمت.
وقال في منشوره الذي حظي بتفاعل واضح: فاحشتي الأولى: أني شاركت بندوة في غرفة تجارة دمشق نُظمت بمشاركة ثلاث جهات رسمية وطنية وهي: كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، وغرفة تجارة دمشق، وجمعية العلوم الاقتصادية، وكنتُ قد دُعيت رسمياً من قبل هذه الجهات الثلاث للتحدث حول حال الطبقة الوسطى في البلد، وفاحشتي الثانية: أني لبيت الدعوة وتكلمت وشرَّحت الواقع المعاش، مع أني أعلم أن هناك من لا يريد شرحاً ولا تشريحاً وإنما تملقاً ومديحاً.
وتابع: «فاحشتي الثالثة: أني حذرت من تلاشي الطبقة الوسطى، وأن ثلاثة أرباع الشعب السوري صار تحت خط الفقر، ولا بد من التصدي لذلك كأولوية على غيرها، فالفقر هو أخصب تربة لإنبات المجرمين وكل شرور الأرض، وهو سيلتهم – إن لم يُعالج – كل منجزات التنمية المحققة في العقد الأول المنصرم، وقتله – كما قال سيدنا علي – أولى من كل ما عداه، أم
فاحشتي الرابعة: أني حذرت من انسلاخ الكثير من المثقفين عن الواقع المعاش وحملهم ريشة التجميل بدلا من مبضع الجراح، الذي يستأصل المرض قبل تفشيه، وفاحشتي الخامسة: أني حذرت من نشوء أمراء الحرب وتفشي ظاهرة النهب والسلب والتعفيش». وأنهى بقوله: فاحشتي الأخيرة:»أني حذرت من جيوش المرتزقة فهؤلاء يبحثون عن مصدر رزق وغنائم ومكاسب شخصية، وليس لهم انتماء وطني ولا يدافعون عن أرض أو وطن».
المحلل السياسي فواز المقلح، قال لـ»القدس العربي»، إن سبب الغضب على زنبوعة، تناوله أشياء تعتبر محرمة من قبل النظام السوري، وتحديداً انتقاده ظاهرة «أمراء الحرب»، وأضاف: «كان من المفترض أن يقوم الدكتور بالتطبيل للنظام السوري والقوات المسلحة، غير أن الأستاذ انتقد كل ذلك علناً، وهذا ما تسبب بصب النظام جام غضبه عليه، حتى يكون عبرة لغيره من أساتذة الجامعات في مناطق سيطرة النظام السوري».
وتابع، أن من الواضح أن النظام بات أكثر تغولاً من السابق، فما قبل اندلاع الثورة السورية كان النظام يتجاوز عن هذه الانتقادات، بغرض التنفيس من الاحتقان السائد، جراء تردي الأوضاع الاقتصادية، أما الآن فالنظام بات أكثر تشدداً، ولم يعد يقبل الصوت الآخر، وخصوصاً من الموالين له، نظراً لاحتمالية تسبب ذلك باندلاع ثورات جديدة في مناطقه، تحت عناوين الجوع والفقر.
كما أشار مفلح إلى اعتقال النظام أكثر من أستاذ جامعي، منهم الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة حلب سليمان العوض، لانتقاده عضو “حزب البعث «التابع لجامعة حلب بعد طرده عشرة أساتذة جامعيين من مكتبه بأسلوب غير لائق، وكذاك اعتقال الأستاذ الجامعي ركان الصفدي، من على حاجز في مدخل دمشق دون توضيح الأسباب.
وتعاني الجامعات السورية من تسلط الأجهزة الأمنية على عملها، ما أدى إلى تراجع تصنيفها عالمياً إلى مراتب متدنية غير مسبوقة. يذكر أن سوريا كانت قد تصدرت قائمة الدول الأكثر فقراً بالعالم، بنسبة بلغت 82.5%، حسب بيانات موقع «World By Map»العالمي.
نقلا عن: القدس العربي