لقد تفتحت أزهار الربيع العربي في مدينة سيدي بو زيد في جميلة المغرب العربي تونس الخضراء،كان ذلك عقب الحادثة الشهيرة التي فجرت ينابيع الغضب العربي من أقصى الغرب إلى أقصى الشرق.
تلك الحادثة بالطبع الكل يعرفها وهي إحراق الشاب ” محمد بو عزيزي” نفسه عقب المعاملة السيئة التي تلقاها ذللك الشاب الحاصل على الشهادة الجامعية من رجال الأمن والشرطة، ومصادرة عربته الصغيرة التي كان يبتاع عليها ليجمع دراهم قليلة يسد بها عوز يومه، وعندما ضاقت به السبل أحرق نفسه تعبيراً عن غضبه وسوء معاملة السلطة له، وما كان يخطر بذهنه أنه سيدخل التاريخ، ويفجر عبق الربيع العربي الذي فاح من تونس، وكان ذلك في 17/ كانون الأول عام 2010، وفي اليوم الثاني مباشرة انطلقت شرارة الثورة التي بدت في شكلها أنها محلية ثم تفاقمت وبدأت بالتوسع، واستمرت حتى 12/ كانون الثاني لعام 2011، حيث تم عزل وزير الداخلية، ولكن هذا العمل لم يفلح في إسكات غضب الجماهير، حتى امتدت إلى شارع الحبيب بورقيبة، وفي يوم الجمعة الرابع عشر من كانون الثاني 2011 غادر الرئيس زين العابدين بن علي البلاد بعد أن أيقن أن الجيش لن يقف بجانب النظام، وتوجه إلى جدة في المملكة العربية السعودية.
ومن البوعزيزي إلى اليحياوي تاريخ حافل في تونس بالتغيرات، واليحياوي هو ذلك الشاب المدعو” رضا اليحياوي” الذي فجر ثورة جديدة في تونس منذ أيام، عندما أقدم على الصعود فوق عمود الكهرباء وسقوطه، وذلك لعدم وجود اسمه في قوائم العمل التي أصدرتها الحكومة بالتعاون مع الاتحاد العام للعمل، مما فجر الأوضاع في مدينته قصرين، ورغم المحاولات اليائسة من الحكومة للسيطرة على الموقف، امتدت المظاهرات في 1/ كانون الثاني لعام 2016 إلى شارع الحبيب بورقيبة من جديد، ما أرعب السلطات واضطر رئيس الحكومة إلى عزل المعتمد الأول للقصرين لكن دون جدوى، وهذا ما يذكر بسيناريو البوعزيزي وامتداد المظاهرات إلى نفس الشارع السابق ذكره في 14/ كانون الثاني لعام 2011، أي قبل خمسة أعوام تماماً، والتاريخ رغم قصره يذكر بإعادة نفسه، فهل يقوم الرئيس السبسي بتقليد سلفه زين العابدين الذي كان أعقل الزعماء العرب الذين مستهم الضراء من بعده متأثرين بثورة الربيع العربي في تونس؟.
وقد جاءت ثورة مصر العروبة في 25/ شباط 2011 وانتهت بعزل الرئيس المصري “محمد حسني مبارك” وسيطرة الجيش على مقاليد الحكم، وما تبعته من إجراءات قانونية وغير قانونية إلى أن وصل الرئيس السيسي إلى السلطة، ومن ثم امتد الشرر إلى ليبيا في 17/ شباط حتى 20/ تشرين الأول 2011، وهو موعد سقوط القذافي على أيدي الثوار ومقتله، ولكن الأوضاع تعثرت ولم تنتهي لتخلي الحلفاء الذين ساعدوا على إسقاط القذافي عن إكمال واجبهم في إرساء الأمن والاستقرار فيها، وترك البلد للميليشيات المتصارعة فيه.
وبالتزامن مع اندلاع الثورة الليبية اندلعت الثورة اليمنية، وإصرار الشعب اليمني على التغير ورحيل الرئيس” علي عبدالله صالح”، لكن الخلافات الاقليمية والمشاريع المتضاربة حالت دون قطف ثمار الثورة، وانتقال العفونة إلى ثمارها قبل النضج.
ثم تحركت الجماهير في كل من البحرين والأردن والعراق على شكل احتجاجات انتهت بالقمع أو الخوف من الدخول في المجهول.
وفي الخامس عشر من شهر آذار لعام 2011 كانت انطلاقة شرارة الثورة السورية، حيث بدأت بتحرك جماهيري واسع نادى بالإصلاح واسقاط النظام، ثم وصل إلى ما وصل عليه الآن، ومع محاولات الغرب والشرق لإيجاد حل لهذه الأزمة المتفاقمة في سوريا، تحت رعاية أممية، تعود الثورة وتتجدد في تونس مهد الثورات وكأن الربيع العربي سيستمر ما دام هناك آثار للعفونة في بلانا، فإن خمد لهيب الثورة هناك بقيت جمرة تحت الركام تندلع مع أول نسمة هواء تحركه.
المركز الصحفي السوري ـ أحمد الإدلبي