إسطنبول – تتكتم قطر وتركيا بشدة على فحوى الاجتماع الذي عقد بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأمير قطر الزائر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، لكن مصادر في إسطنبول أكدت لـ”العرب” أن الاجتماع يناقش الوضع في شمال سوريا، والعلاقة مع السعودية.
وواضح أن تكرار الزيارات يهدف بالدرجة الأولى إلى تنسيق المواقف في سوريا وخصوصا ما تعلق بالجبهة التي ترعاها تركيا وقطر، والتي تضم مجموعات إسلامية، وتقف وراء التصعيد العسكري شمال سوريا.
وكانت “العرب” كشفت في عدد سابق عن أن تنسيقا قطريا تركيا على أعلى مستوى لتدريب الفصائل الموالية وتسليحها بما يسمح لها بتحقيق انتصارات ولو جزئية على قوات الأسد، وذلك من بوابة اتفاقية تم إمضاؤها بين البلدين، وتتضمن تبادل خبرات التدريب العملياتي، وتطوير الصناعات العسكرية، مع إمكانية تبادل نشر قوات مشتركة بين البلدين إذا اقتضت الحاجة، وإجراء مناورات عسكرية مشتركة.
وهي الاتفاقية التي عدها مراقبون وخبراء ستارا للتغطية على التدخل في سوريا خاصة أن الطرفين يريدان استباق أيّ معركة برية ضد تنظيم داعش في سوريا، ويقدمان نفسيهما لواشنطن على أنهما قادران على تجهيز ميليشيات سورية لمواجهة داعش شبيهة بميليشيات الحشد الشعبي المدعومة إيرانيا.
وساعدت قطر وتركيا في تأسيس “الجبهة الشامية” وهي مظلة تتكون من ثلاثة فصائل رئيسية هي “حركة نور الدين زنكي” و”جيش المجاهدين” و”كتيبة التوحيد”. وتوصف هذه المجموعات الإسلامية بـ”الحشد الشعبي السني” وبعضها على علاقة بالإخوان وأخرى سلفية التوجه.
وتتطابق التوجهات التركية القطرية مع استراتيجية أميركية تقضي بتوفير الخبراء العسكريين على الأرض لدعم “حشد شعبي” شيعي أو سنيّ مدعوم إيرانيا أو تركيا/قطريا يجنب الولايات المتحدة مخاطر إرسال قوات برية في حربها مع داعش.
وترفض تركيا، على وجه الخصوص، استمرار الأسد في السلطة، وعمل أردوغان ما في وسعه لاستصدار قرار دولي يجيز التدخل العسكري في سوريا لإسقاط النظام، لكنه فشل في ذلك.
ويريد أردوغان الحالم باستعادة زمن السيطرة العثمانية، أن يستثمر نجاح السعودية في عاصفة الحزم في اليمن، وأن يحثها على التفكير في “عاصفة” جديدة تطيح بغريمه الشخصي في دمشق.
لكن السعوديين لا يثقون في أنقرة خاصة بعد أن عمد أردوغان نفسه إلى سلوك مزدوج في الموقف من عاصفة اليمن، ففي التصريحات العلنية كان يدعم موقف الرياض، لكن في السر كان يتحرك إلى جانب إيران لإقناع باكستان بعدم إرسال قوات إلى اليمن، ومن ثمة الدفع إلى حل سياسي يبقي على موازين القوى لفائدة ميليشيا الحوثيين.
ويحاول الرئيس التركي أن يفتح قناة جديدة مع القيادة السعودية من بوابة الدور القطري، وأن يعيد الشيخ تميم تقديمه إلى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز من جديد من بوابة الحليف السني للمملكة، مع تعهده بوقف أي إثارة مستقبلية لموضوع الإخوان والتهجم على مصر وقيادتها السياسية.
وتحركت تركيا مؤخرا بقوة لتقديم نفسها كحليف سني يواجه التمدد الإيراني بعد أن فشلت محاولتها الأولى في الهيمنة على المنطقة من خلال تبنّيها مشروع الإخوان.
وقال مراقبون إن موقف أردوغان المنحاز لإيران في الأزمة اليمنية سيدفع القيادة السعودية إلى إعادة تقييم موقفها تجاهه بعد أن اتسم بالانفتاح والاستعداد للتغاضي عن الأخطاء والإساءات التي صدرت عن أنقرة تجاه دول مجلس التعاون أو حلفائها في المنطقة وخاصة مصر.
ومع بدء عاصفة الحزم، قال أردوغان إن “إيران تحاول الهيمنة على المنطقة. هل يمكن السماح بهذا؟” لكنه عاد ليناقض هذا الكلام خلال زيارته لإيران.
العربArray